ويشير مقال لوكالة “بلومبرج أوبنيون” إلى أن البيانات الثابتة تنظر إلى الخلف، في حين أن أحدث أرقام أظهرتها البيانات المرنة مثل مؤشرات ثقة المستهلك ومسوح مدراء الأعمال بشأن خططهم للإنتاج والعمالة والمخزونات إلى جانب توقعاتهم لمناخ الأعمال تعكس مخاوف بشأن المستقبل.
ولدى أوروبا مخاوف من أشياء عديدة مثل الخروج الفوضوي لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، إلى جانب علاقتها التجارية المتعثرة مؤخراً مع الولايات المتحدة، فالمخاوف تجاه المستقبل تدهورت أكثر.
وتصاعدت احتمالية مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي دون اتفاق بشأن علاقاتهم الاقتصادية بعد استقالة تريزا ماي من منصب رئيسة الوزراء والعرض القوي من جانب نايجل فاراج من حزب البريكست الشعبوي في انتخابات البرلمان الأورويي.
وقد يضع ذلك الأمر اقتصاد الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في فوضى شاملة.
كما أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين يبدو وأنها ستطول وهو الأمر الذي قد يلحق بالتجارة الأوروبية مع كل من الدولتين أضراراً بالغة.
وكلما ازداد تشدد الحمائية داخل البيت الأبيض مع الصين كلما زاد القلق بالنسبة للأوربيين، مع خشيتهم التعرض للمعاملة نفسها من جانب دونالد ترامب خاصة مع استمراره في انتقاد ارتفاع عدد السيارات الألمانية في الطرق الأمريكية وانخفاض حجم الصادرات الأمريكية الزراعية إلى أوروبا.
ومن حظ أوروبا العاثر أن ترتفع تلك المخاوف في اللحظة التي هي فيها على وشك أن تفقد الوجود الهاديء لرئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي الذي يستعد للتنحي عن منصبه في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
ويمكن للقادة الأوروبيين أن يخففوا من المخاوف المتجسدة في ضعف البيانات المرنة عبر اختيار شخص له سمات ماريو دراجي في منصب رئيس المركزي.
ولكن بدلاً من التركيز على هذا التعيين الحاسم يحاول الزعماء تجميع قائمة مرشحة سياسياً، وذلك باختيار قائمة من المرشحين للمناصب الخمسة بالاتحاد الأوروبي على أساس الجنسية والتوازن بين الجنسين وتعقيدات أوروبا الشرقية وغيرها من الاعتبارات السياسية.
وتمتلك فرنسا مرشحين لرئاسة البنك المركزي الأوروبي وهما رئيس بنك فرنسا فرانسوا دي فيليروي جولاك وعضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي بينوا كوري.
ومن المرجح أن يرأس أحد الفرنسيين البنك المركزي الأوروبي الذي يتخذ من فرانكفورت مقراً في حالة أن حصلت ألمانيا على أعلى منصب في بروكسل (رئيس المفوضية الأوروبية).
أما إذا حصل شخص فرنسي الجنسية على الوظيفة في بروكسل يصبح المرشح الفنلندي منافساً كبيراً على منصب رئيس المركزي الأوروبي.
ومن المرجح أن يكون إيرك ليكيان هو ذلك الشخص فهو محبوب وسياسي ذكي وعملي التفكير ومسئول مخضرم في المركزي الأوروبي، “إذا كنت تحب دراجي ستحب ليكيان”.
أما المرشح الذي يقف على النقيض من عقلية دراجي فهو رئيس البنك المركزي الألماني جينز وايدمان.
وبرئاسة وايدمان للمركزي الأوروبي فإنه سيجعل من تنفيذ البريكست دون اتفاق والتهديدات الأخرى لاقتصاد منطقة اليورو أكثر رعباً لأن الألماني كان ينتقد سياسات البنك المركزي الأوروبي التدخلية المستخدمة في مواجهة الاضطرابات المالية بما فيها مشتريات الأصول المعروفة بالتيسير الكمي.
والتقديرات الأولية تجاه ضعف الناتج الإجمالي المحلي في الربع الثاني تقوض الآمال بأن أرقام الربع الأول القوية كانت تشير نحو تعافي من هبوط العام الماضي وأنها قد تستمر في الربع الثاني.
وبدلاً من ذلك يعني استمرار الضعف في البيانات المرنة تواصل الأداء السلبي للبيانات الثابتة.
ويتضح ذلك بقوة في بيانات مؤشر مديري المشتريات المركب في منطقة اليورو خلال مايو/آيار الماضي والذي سجل 51.6 نقطة وهو أعلى بالكاد من مستوى 50 نقطة الذي يحد بين النمو والانكماش، ولكن ذلك لم يمنع انكماش النشاط الصناعي.
وسيفتقد القادة الأوروبيون فرصة ذهبية لعكس هذه الاتجاهات وتعزيز النمو الاقتصادي إذا اختاروا رئيس البنك المركزي الأوروبي القادم بناءً على سياسات الاتحاد الأوروبي الداخلية بدلاً من قدرة المرشح على تهدئة المخاوف.
مباشر : نهى النحاس