الأسواق الناشئة تحت وطأة قروض ب191 مليار دولار

يحذر مستثمرون من مخاطر مقبلة مع تراجع الانتعاش وارتفاع حالات الإصابة بكورونا في الهند والبرازيل

منصة الاقتصاد- متابعات

اقترضت الحكومات والشركات في الدول النامية من الأسواق الخارجية بوتيرة قياسية في أوائل عام 2021، لكن المستثمرين يقولون، إن المخاطر تتصاعد مع تحمل بعض البلدان نتائج عودة ظهور فيروس كورونا.

ووصل الاقتراض من خلال “سندات اليورو” – أي الديون الصادرة في الخارج، بالدولار واليورو والين – إلى ذروة ربع سنوية جديدة في الأشهر الثلاثة حتى مارس (آذار)، حيث بلغ جمع الأموال 191 مليار دولار، وفقاً لبيانات من وكالتَي “موديز إنفيستورز سيرفيسيس” و”ديلوجيك” أوردتها صحيفة “فايننشال تايمز”، وأظهرت البيانات أن الزيادة في الإصدار في الربع الأول كانت قوية بشكل خاص بين المقترضين الذين حصلوا على تصنيف أقل من الاستثمار، ما يشير إلى زيادة الطلب على الأصول ذات المخاطر العالية.

حاجة متزايدة إلى التمويل

وقال أتسي شيث، الرئيس العالمي للأسواق الناشئة في موديز، إن “العرض والطلب يلعبان دوراً في ذلك”، وأضاف “من ناحية العرض، هناك حاجة متزايدة إلى التمويل على مستوى الحكومة والشركات في الأسواق الناشئة. ومن ناحية الطلب، لا تزال الظروف المالية العالمية سائلة تماماً ولا يزال هناك أموال تسعى إلى تحقيق عوائد”. لكن مع مواجهة بلدان نامية عدة لفيروس كورونا المتحور، قفزت عائدات السندات من بداية عام 2021، ما زاد عدد المزالق المحتملة لأصول الأسواق الناشئة، كما يقول محللون ومستثمرون.

وكان صندوق النقد الدولي رفع هذا الشهر، توقعاته للنمو العالمي لهذا العام والعام المقبل، لكنه حذر من “حالات انتعاش متباينة”، حيث يكون أداء أجزاء كبيرة من العالم النامي أقل جودة من الاقتصادات المتقدمة، وفي بعض الحالات أسوأ مما كان متوقعاً في السابق.

وتراجعت عملة الهند، حيث تهدد موجة جديدة وشرسة من فيروس كورونا تعافيها. وشكل الأربعاء الماضي 21 أبريل (نيسان)، علامة فارقة في مواجهة البلاد للوباء مع تسجيل رقم قياسي عالمي في الإصابات بفيروس كورونا بلغ 315000 إصابة جديدة، متجاوزة الذروة في الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام.

وكان الاقتصاد البرازيلي، الذي كان متوقعاً سابقاً أن يركب موجة من الطلب على صادراته من الصين، معرضاً لخطر الخروج عن مساره مرة أخرى، حيث يقاوم قادته عمليات الإغلاق وينتشر الفيروس دون رادع. كما قفزت معدلات الوفيات مرة أخرى في وسط وشرق أوروبا.

تقلبات العملات وجيوب المخاطر

الظروف المالية تتغير هي الأخرى، فبعد اندفاع سريع وواسع النطاق لأصول الأسواق الناشئة في بداية الوباء، عاد المستثمرون في فيضان متصاعد، مع انتخاب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وساعد طرح اللقاحات في الأسواق المتقدمة على دفع عجلة القيادة، كما سُجل ارتفاع كبير في الأصول الخطرة في هذا العام.

وقال فينيكس كالين، استراتيجي الأسواق الناشئة في “سوسايتي جينيرالي” إنه “في بداية عام 2021، كنا لا نزال في ذلك المكان حيث تبدو الأمور حميدة تماماً. وكانت عملات الأسواق الناشئة صامدة، ولم يرتفع التضخم وعوائد السندات الأميركية بعد، وتمكن العديد من وزراء المالية وأمناء خزينة الشركات في الأسواق الناشئة من الاستفادة من العوائد الجذابة للتقاعد من الديون القديمة والأكثر تكلفة. ومع ذلك ارتفعت عائدات السندات الأميركية وتوقعات التضخم، وظهرت ضغوط التضخم في كل أنحاء العالم النامي- جزئياً، بالنسبة للعديد من البلدان، نتيجة لضعف العملة”. وأضاف كالين “من الآن فصاعداً، ستصبح الأمور أكثر صعوبة مع عودة التقلبات إلى أسواق العملات”. وأضاف “سيحجم وزراء المالية عن إصدار العملات الأجنبية ويتركون أنفسهم عرضة لتقلبات العملة”.

وتظهر جيوب من المخاطر الأكثر خطورة، مع اقتراض حكومة البرازيل، على وجه الخصوص، من سوقها المحلي بآجال استحقاق أقصر بكثير مما كانت عليه قبل الوباء، ما زاد احتمال أن تكافح لإعادة تمويل ديونها إذا فشل النمو هذا العام. وقالت تاتيانا ليسينكو، كبيرة الاقتصاديين في الأسواق الناشئة في “أس آن بي غلوبال” إن “البرازيل تبرز حقاً، فلديها بالتأكيد أكبر مخاطر التبييت بسبب ديونها قصيرة الأجل”.

الأسواق الناشئة ستكافح

وحذر محللون من أن الأسواق الناشئة قد تكافح من أجل التعافي، حتى عندما تم احتواء الفيروس بنجاح أكبر.

ويقول أريند كابفين، كبير الاقتصاديين في “يو بي أس”، إن “تأثير التحول الهائل” الذي سيحدث عندما تخرج الأسر من حالة الإغلاق وتبدأ في الإنفاق أكثر على الخدمات وأقل على السلع، سيعمل ذلك ضد الأسواق الناشئة، إذا استفاد أي شخص من النمو الناجم عن الوباء في تجارة السلع فهي آسيا”.

بالنسبة إلى مستثمري الدخل الثابت في الأسواق الناشئة، كما قال بانو باويجا، الاستراتيجي في “يو بي أس”، سيكون “العمل أكثر صعوبة من الآن فصاعداً”، حيث تتحرك عائدات الأسواق الناشئة أعلى من مثيلاتها في الاقتصادات المتقدمة. وأضاف أن “معظم الأشياء التي تدفع أسعار السندات إلى الأعلى – ضغط فروق الأسعار، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، والانتعاش في التجارة العالمية- كل هذه الأشياء تم إنجازها. من الآن فصاعداً، لن تصبح الفروق الائتمانية أكثر إحكاماً ولكنها ستتسع”.

ويعتبر محللون أن التهديدات طويلة المدى تزداد حدة، حيث دخل العديد من المقترضين السياديين إلى الوباء مع اختلالات حادة تفاقمت فيما بعد. وقال ليسينكو، إنه في حين أن الأزمات السابقة حفزت الإصلاح في بعض الحالات، إلا أن هذا يبدو غير مرجح هذه المرة. وقالت ليسينكو “في هذه الأزمة، لا أعتقد أننا شهدنا هذا الزخم على العكس من ذلك، نحن قلقون أكثر من احتمالات تأخر الإصلاحات التي كانت في طور الإعداد”.

كفاية أولير – اندبندنت

اخبار ذات صلة