لعدة ساعات من الأربعاء، كانت الخدمات الرقمية التي يستخدمها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لتسوية التحويلات بين البنوك غير متصلة بالإنترنت بسبب “خطأ تشغيلي”. انتقد حاملو البيتكوين موثوقية شبكة المدفوعات الخاصة بالعملات المشفرة. أظهر زاك برينس، الرئيس التنفيذي لشركة بلوك فاي BlockFi، وهي شركة إقراض للعملات المشفرة، مزيدا من ضبط النفس، مشيرا عبر تغريدة على تويتر إلى أن المدفوعات عبر نظام التشفير بالكاد “تستمر في العمل بشكل طبيعي”.
إحدى الحجج المؤيدة لشراء عملة البيتكوين والاحتفاظ بها هي أن العملات المشفرة ستحل في النهاية محل البنوك نفسها، لأنه لن تكون هناك حاجة إلى خدماتها لتخزين الأموال وتحويلها. وهذا بدوره سيجعل عملة البيتكوين ذات قيمة كبيرة بحيث إنها ستحل محل الدولار “القذر”، ما يترك أولئك الذين لديهم البيتكوين هم الذين في حوزتهم الأموال الحقيقية الوحيدة.
الاحتفاظ بأي أصل على أمل أن يصبح مالا هو بالتأكيد استراتيجية استثمار طويلة الأجل. لكنه يظهر أيضا فهما خاطئا لكيفية عمل الدولارات، ومن يصنعها الآن. معظم ما يعمل حاليا في شكل أموال في الولايات المتحدة وأي اقتصاد متطور لا يأتي من الحكومة. إنها تأتي من البنوك التجارية. البنوك لا تحتفظ بالمال أو تتولى تحويله فقط، بل تصنعه أيضا.
سوء الفهم حول هذا الأمر منتشر بما يكفي لدرجة أن بنك إنجلترا أصدر في 2014 ورقة بعنوان “إنشاء الأموال في الاقتصاد الحديث” Money creation in the modern economy، لتوضيح الأمور. تعلم الكتب الجامعية أن البنوك تأخذ الودائع، ثم تقرضها. أوضح بنك إنجلترا أن الأمر عكس ذلك تماما. يقرر البنك التجاري تقديم القرض أولا، ثم يزيد الرصيد في حسابك. هذه الزيادة هي أموال ائتمانية جديدة تماما.
عادة ما يتم تعريف ما تسمى الأموال “الورقية” التي يصفها مؤيدو البيتكوين عادة بأنها عملة صادرة عن الحكومة لا تدعمها أصول مثل الذهب. لكن الكثير من النقود الورقية التي نستخدمها لأغراض مثل دفع الضرائب، هي في الواقع مجموعة قروض، تنظمها الحكومات ولكن تنتجها البنوك التجارية.
إنشاء أموال ائتمانية جديدة عمل جيد، ولهذا السبب وجد الناس، قرنا بعد قرن، طرقا جديدة لتقديم القروض. تشير المؤرخة الأمريكية ريبيكا سبانج في كتابها “الأشياء والمال في الثورة الفرنسية” Stuff and Money in the French Revolution إلى أن النظام الملكي في فرنسا قبل الثورة، أخذ مدفوعات إجمالية من المستثمرين وسدد لهم على شكل ريع مدى الحياة للالتفاف على قوانين الربا. في القرن الـ21 في أمريكا، تتظاهر بنوك الظل بأنها ليست بنوكا لتجنب اللوائح. الإقراض يحدث. لا يمكنك التوقف عن الإقراض. الأرباح جيدة للغاية.
هذا شيء يفهمه مستثمرو البيتكوين بالفعل. خذ، مثلا، بلوك فاي. الشركة بصدد إطلاق بطاقة ائتمانية، مشروع مشترك مع فيزا. تقدم البطاقة مكافآت عبارة عن مشتريات بالبيتكوين بدلا من أميال الطيران. مع ذلك، يتم دفع ثمن المشتريات بقرض استهلاكي، مثل أي بطاقة ائتمان أخرى.
نيكسو، وهي شركة أخرى للتمويل المشفر، تقرض نقودا ورقية مقابل البيتكوين، بنسبة 60 في المائة من قيمة القرض. هذا القرض هو أموال ائتمانية جديدة تماما. وبالمثل، تتيح شركة كراكن المالية، وهي شركة وساطة للعملات المشفرة، التداول اعتمادا على ما يسمى حساب الهامش الذي تقرضك بموجبه جزءا من سعر شراء العملة.
لغة هذه الشركات كلها ثورية. تعد بلوك فاي بـ”مستقبل التمويل”. كوين بيس، وهي بورصة للعملات المشفرة تم تقديمها للاكتتاب العام الأولي الخميس، تريد “إنشاء نظام مالي مفتوح للعالم”. مع ذلك، يبدو أن ما تفعله جميعها في الواقع هو كسب الرسوم والفوائد على القروض. إنها تصنع أموال الائتمان الورقية. لماذا لا تفعل؟ إنه عمل جيد.
لقد تبين أن عملة البيتكوين وسيلة جيدة لتعزيز النظام الذي لدينا بالفعل. هناك الكثير في هذا النظام الذي يعمل بشكل سيئ. يمكن أن يكون عرض أموال الائتمان غير مستقر. تتوقف البنوك عن تقديم القروض في فترة الانكماش، عندما يكون الناس في أمس الحاجة إليها. وهناك القليل من الحوافز لتقديم الائتمان الرخيص للأشخاص الذين يحتاجون إلى قروض صغيرة. لكن لا يوجد الكثير حتى الآن الذي يبدو أن البيتكوين قد فعلته لإصلاح هذه الأشياء، وليس من الواضح على الإطلاق كيف سيكون ذلك.
العمل على جعل الائتمان القائم على الأموال الورقية أفضل للجميع يتطلب الصبر. عليك أن تخرج إلى العالم وتلتقي بأشخاص من خارج النظام المالي، ثم تشجع المقرضين على تقديم منتجات تستقطب هؤلاء الأشخاص. كذلك يتطلب الأمر مفاوضات شاقة مع الأشخاص الذين يكسبون الكثير من الأرباح من إقراض المال. لن يحدث أي من هذا من تلقاء نفسه لمجرد وجود أصول جديدة في العالم. يعد مقرضو البيتكوين بشيء مثل حزب سياسي جديد – أموال سليمة للناس! حتى الآن، يبدو أنهم مجرد مجموعة أخرى من المصرفيين.
الاقتصادية- بريندان جريلي