أمين عام جمعية المحاسبين القانونيين اليمنيين: تطبيق معيار الأدوات المالية سيزيد ثقة المودعين في البنوك اليمنية

أكد الأستاذ ماجد محمد القوسي, أمين عام جمعية المحاسبين اليمنيين، ورئيس لجنة الطعن الضريبي للضرائب على كبار المكلفين، أن تطبيق المعيار التاسع، معيار الأدوات المالية، سيزيد ثقة المودعين في البنوك اليمنية؛ لأنها توفر ضمانات أكثر وحماية أوفر لأموال المودعين من السابق. متطرقا، في حوار خاص مع مجلة المصارف ،إلى عدد من المواضيع المهمة، ذات الصلة بالعمل المصرفي والاقتصادي.

أجرى الحوار- قائد رمادة

ماهي المتطلبات الجديدة، التي فرضها المعيار الدولي للتقرير المالي رقم 9 على القطاع المصرفي باليمن؟

أصدر مجلس معايير المحاسبة الدولي في يوليو عام 2014 الصيغة النهائية للمعيار الدولي لإعداد التقارير المالية رقم 9 والمتعلّق بالأدوات المالية والمخصصات المالية، وهذا المعيار سيحل محل معيار المحاسبة الدولي رقم 39 المتعلق بالأدوات المالية من حيث الإثبات والقياس. ويقدم المعيار متطلبات جديدة للتصنيف والقياس والاضمحلال ومحاسبة التحوط، والمعيار الدولي الجديد كان إلزامياً التطبيق عام 2018 مع السماح بالتطبيق المبكر. كما يجب تطبيقه بأثر رجعي، ولكن معلومات المقارنة غير إلزامية، ويمكن القول بشكل عام إن هذا المعيار جاء استجابة لدروس الأزمة المالية العالمية، التي حدثت في العام 2008، حيث اتضح أن أحد أسباب امتداد أمد الأزمة هو التأخر في الاعتراف بخسائر الديون، إذ كان يتم الاعتراف بالخسائر حين تحققها، أما المعيار الجديد فإنه يتطلب احتساب مخصصات للديون بناء على التوقعات بحدوث تعثر أو عدم الدفع من جانب المقترض. ومن المعروف سابقاً أن البنوك اليمنية كانت تحتسب نوعين من المخصصات: – الأول محدد وموجه لمقابلة حسابات متعثرة بعينها ويتفاوت حجم المخصصات بناء على حجم تعثّر الحساب. – والنوع الثاني هو المخصصات العامة التي تغطي كل الاحتمالات لمجموعة محفظة التمويل، وصحيح أن البنك المركزي اليمني سبق بإجراءاته تشدد المعيار منذ اكثر من ثلاث سنوات في بناء المخصصات العامة كاحتياط للعوامل غير المتوقعة ما يعني ان هذه الاجراءات الصادرة عن البنك المركزي اليمني، على كافة البنوك والمصارف باتت تقترب من تطبيق المعيار الدولي للتقرير المالي رقم 9 ولكن في شكل غير مباشر، لكن المعيار الجديد هو أكثر تحديداً ووضوحاً في هذا المجال.

ما هي الفوائد التي ستجنيها البنوك من تطبيق هذا المعيار؟

إن تطبيق هذا المعيار سوف يؤثر تأثيراً مباشراً على الودائع والقروض حيث سيزيد ثقة المودعين في البنوك اليمنية من جهة لأنها توفر ضمانات اكثر وحماية اوفر لأموال المودعين من السابق. وأما من ناحية القروض فإن المعيار سيؤدي إلى دراسة سليمة للملائمة الائتمانية للمقترضين وهذا سيوفر حماية أكبر للبنوك من أية مخاطر تتعلق بعدم وفاء المقترضين بالتزاماتهم المالية تجاه البنك، كما أن تطبيق هذا المعيار سيكون له أثر كبير على إعادة تقييم الأدوات المالية بالقيمة العادلة واحتساب المخصصات الائتمانية وانعكاساتها على الميزانية الختامية للبنوك، حيث إن المعيار أعلاه سيسهم في إدخال مفاهيم أوسع وأشمل في ادارة المخاطر الائتمانية في البنوك وهذا بدوره يتطلب وجود اجراءات حوكمة سليمة لدى البنوك لضمان تحقيق التطبيق السليم للمعيار. ومن الجدير بالذكر أن العديد من البنوك اليمنية مازالت تواجه تحديات كبيرة في تطبيق المعيار أعلاه وأن السبب في ذلك يعود إلى الجوانب الأساسية في عمل البنوك والأوضاع الاستثنائية التي تعيشها اليمن والتي يعالجها المعيار ويعالج تأثيراتها المباشرة على القوائم المالية للبنك.

ما هي المعايير الدولية للمحاسبة والمراجعة؟

تم إنشاء مؤسسة المعايير الدولية للتقرير المالي ومجلس معايير المحاسبة الدولية في العام 2001 وهذه المؤسسة هي جزء من الاتحاد الدولي للمحاسبين والذي يقوم بإصدار وتحديث كافة المعايير الدولية المتعلقة بالمحاسبة والمراجعة والأخلاق المهنية ومعايير رقابة جودة الأداء والمعايير الدولية للمحاسبة في القطاع العام والمعيار الدولي للتقرير المالي للمنشآت المتوسطة وصغيرة الحجم وهناك اكثر من 190 دولة حول العالم تتبنى وتطبق تلك المعايير.

ما هو الهدف من تلك المعايير؟

تهدف تلك المعايير إلى تحقيق الأهداف الرئيسية التالية : • ادخال مفهوم الشفافية عن طريق تحسين قابلية المقارنة الدولية للمعلومات المالية وتحسين جودتها ,مما يسمح للدول والمستثمرين الاخرين اتخاذ قرارات اقتصادية واقعية. • تقوية مفهوم المسائلة عن طريق تضييق فجوة المعلومات بين أصحاب رؤوس الأموال والجهات الحكومية والمستثمرين حيث توفر تلك المعايير المعلومات اللازمة لمسائلة الإدارة , ونظرا لكونها مصدراً للمعلومات القابلة للمقارنة عالمياً فإن المعايير الدولية للمحاسبة والمراجعة تعد أيضا ذات أهمية كبيرة للجهات الرقابية على المستوى المحلي أو الدولي. • المساهمة في الفاعلية الاقتصادية عن طريق مساعدة المستثمرين في التعرف على الفرص والمخاطر في جميع أنحاء العالم وبذلك تحسن تلك المعايير من توزيع رأس المال , كما أن استخدام المعايير الدولية للمحاسبة والمراجعة يوحد لغة المحاسبة عبر كافة القطاعات ويجعلها موثوقة بين المستخدمين والمهتمين بتلك المعلومات.

هل يتم تطبيق هذه المعايير في اليمن؟

إيماناً منا كمهنيين بأهمية تبني وتطبيق هذه المعايير ووفقاً للأهداف التي ذكرناها أعلاه كان لزاما علينا السعي لتحقيق هذه الغاية؛ فسعت الجمعية من سنوات كثيرة، وخلال الهيئات الإدارية السابقة، لتبني وتطبيق هذه المعايير بشكل رسمي، إلى أن استطاعت الجمعية بتعاون كبير من وزارة الصناعة والتجارة ووزارة المالية بالحصول على قرار مجلس الوزراء رقم 16 لسنة 2020 بتبني وتطبيق المعايير الدولية للمحاسبة والمراجعة في القطاع الخاص في الجمهورية اليمنية، ابتداء من يناير 2020؛ لتدخل اليمن مرحلة جديدة من التطوير والنهوض المهني، الذي سينعكس على التعليم الجامعي والأكاديمي والمهني خلال السنوات القادمة وسيعجل بانضمام اليمن للاتحاد الدولي للمحاسبين لتكون عضوا مساهما في تطوير عجلة البناء الاقتصادي والمالي في اليمن.

ماهي المشاكل والتحديات التي تواجه مهنة المحاسبة والمراجعة في اليمن وماهي الحلول الممكنة من وجهة نظركم؟

إن مهنة تدقيق ومراجعة الحسابات في اليمن تعاني من الكثير من المشكلات نستطيع تحديد أهمها كما يلي: • مشكلات متعلقة بمهنة المحاسبة : عدم وجود تشريع ملزم للشركات التجارية بالحوكمة وفصل الملكية عن الإدارة . عدم وجود سوق أوراق مالية في اليمن؛ أدى إلى ضبابية العمل المحاسبي وعدم توحيد التقارير المالية. عدم تحديث مناهج العمل الجامعي بمتطلبات معايير التعليم المهني الدولية . التركيز على الدراسات الأكاديمية ودعمها من قبل الدولة أكثر من الدراسات والشهادات المهنية . عدم توافق كثير من الأنظمة المحاسبية المعمول بها في الشركات اليمنية مع متطلبات المعايير الدولية للتقارير المالية. • مشكلات متعلقة بمهنة التدقيق: عدم وجود التشريعات التي تلزم الشركات المتوسطة الحجم بمسك سجلات منتظمة وتقديم تقارير مالية مدققة. عدم الفهم والإدراك لمتطلبات التدقيق من قبل الشركات؛ وهذا ينعكس سلباً على تحديد مدة وأتعاب مدقق الحسابات.  التنافس غير الأخلاقي بين مدققي الحسابات. التباين الكبير بين أعمال مدقق الحسابات، وفق معايير التدقيق الدولية والمتطلبات القانونية: مثل الضرائب والزكاة؛ وهذا بدوره يخرج المدقق من طبيعة عمله وفق المعايير إلى العمل وفق متطلبات الجهات المعينة له. عدم وجود برامج آلية لإدارة وترتيب وتوثيق أعمال التدقيق في مكاتب التدقيق وفق المعايير الدولية للتدقيق مما يشتت من الرؤى والتفسيرات لمتطلبات المعايير وما تم إنجازه فعلا.

ما هي الحلول برأيكم؟

تتمثل أهم الحلول المقترحة لزيادة فاعلية مهنة المحاسبة والمراجعة في اليمن في الآتي : • متابعة واستكمال كافة متطلبات الانضمام للاتحاد الدولي للمحاسبين. • تحديث وتطوير النظام الأساسي لجمعية المحاسبين القانونيين اليمنيين، وخارطة التعليم الجامعي والأكاديمي بما يتوافق ومتطلبات معايير التعليم المهني الدولية . • وضع أطر ومقترحات حول التغلب على مشاكل التمويل فيما يتعلق بمواضيع تطوير المحاسبة والمراجعة. • إنشاء بنك المعلومات والتواصل المهني؛ حيث يرتكز على أهم وأحدث ما توصل إليه العلم في مجال المحاسبة أو المراجعة تستند إليه الجامعات والمعاهد والجمعيات المهنية عند القيام بأية فعاليات أو قرارات مهنية. • وضع آلية مناسبة لتوفير حشد أو التزام وطني للتعريف بأهمية دور مهنتي المحاسبة والمراجعة كونها صمام أمان للاقتصاد الوطني. • تطوير وإنشاء أكاديميات ومعاهد مهنية؛ تعمل على تأهيل المحاسب والمراجع اليمني بالشهادات المهنية الدولية والخبرات العملية في شتى المجالات المهنية. • تحديث وتطوير كافة القوانين ذات الصلة بالمحاسبة والمراجعة والاقتصاد بما يضمن تقليل الفجوات الاقتصادية فيما يتعلق بمهنتي المحاسبة والمراجعة بين ما هو كائن وما يجب أن يكون.

ما هي رؤيتكم للارتقاء بمهنة المراجعة والمحاسبة في الجمهورية اليمنية؟

إن عملية الارتقاء بالعمل المهني تتطلب إيماناً منا بأهمية وحتمية التطوير المهني، سواء لمهنة المحاسبة أو المراجعة؛ حيث يترتب على عملية الارتقاء بالمهنة السعي لتحقيق مجموعة من العوامل التي ذكرناها عبر هذا الحوار، والمتمثلة في التقليل من الإشكالات المطروحة, وتفعيل الحلول المقترحة، مع وجود تناغم وتفاهم بين الجهات ذات العلاقة، سواء في الجانب الحكومي أو الجانب الخاص للوصول إلى تحقيق تلك المصفوفات المطروحة.

حدثنا عن الشكل القانوني لجمعية المحاسبين القانونيين اليمنيين؟

جمعية المحاسبين القانونيين اليمنيين جمعية يمنية مهنية غير حكومية ذات شخصية اعتبارية مستقلة ماليا وإدارياً، تم إنشاؤها في 21 / 9 / 1993م، بموجب القانون الصادر برقم (31) لسنة 1992بشأن نظام المحاسبين القانونيين، والمعدل بالقانون رقم (26) لسنة 1999 بشأن مهنة تدقيق ومراجعة الحسابات، وتعنى بتطوير مهنة المحاسبة والمراجعة في الجمهورية اليمنية، ورعاية شؤون أعضائها، ومقرها الرئيس في صنعاء، ولها الحق في فتح فروع لها في جميع أنحاء الجمهورية، بعد موافقة الجهة الإدارية المختصة، وتمثل المهنة محليا وإقليميا ودوليا، وتضم في عضويتها في الوقت الراهن ما يزيد على 1500 محاسب قانوني وممارس للمهنة، موزعين على جميع محافظات الجمهورية، وهم مجازون و مرخص لهم في مزاولة وممارسة المهنة.

كلمة أخيرة تودون قولها؟

اسمح لي أن أخبرك أولاً عن قصة أثرت في حياتي المهنية، وجعلت للإصرار معي في كل ما أقوم به من أعمال مهنية، لتنفرد بها مجلة المصارف وهي قصة شاب كندي لم يتخط العشرين من العمر، أصيب بسرطان العظام في ركبته اليمنى؛ مما دفع الأطباء إلى بتر قدمه اليمنى كاملة ,كان تيري رافضاً لفكرة البتر، واستفسر من الأطباء عن سبب تمسكهم ببتر قدمه, فكانت إجابتهم بأن حالته يعجز عنها الطب، ولا يوجد خيار أمامهم سوى بتر قدميه. اكمل الأطباء حديثهم أن الأبحاث حول تطوير التصدي لهذا النوع من السرطان سوف تكلف ما يقارب 10 ملايين دولار، وهذا المبلغ كان غير مرصود في موازنات الحكومة الكندية آنذاك , قرر ذلك الشاب الكندي المشي من شرق كندا إلى غربها، في حملة خيرية لجمع مبلغ الـ 10 ملايين دولار ، انتشرت الفكرة في أرجاء كندا وأطلق على حملته اسم “ماراثون الأمل”؛ كان ذلك الشاب الكندي يسير في اليوم ما يقارب الـ 26 كيلومتر، وبعد معرفة قصته انهالت التبرعات؛ حتى استطاع أن يجمع عشرة أضعاف ما خطط للحصول عليه، ولكنه توفي قبل أن يكمل المسافة التي أعلن عنها , تاركاً مثالا رائعاً حول أهمية السعي الدؤوب لتحقيق الغايات النبيلة. وعليه أكاد أجزم أن مهنة المحاسبة والمراجعة في اليمن بعد صدور قرار تبني وتطبيق المعايير الدولية للمحاسبة والمراجعة؛ وقفت على أعتاب البوابة الصحيحة لمستقبل مهني مزدهر، وما علينا إلا الدفع بعجلة البناء والعمل المهني؛ للوصول إلى الغايات المنشودة, كما لا أخفيكم القول إننا استطعنا خلال أقل من خمس سنوات أحداث تغييرات مهنية كبيرة وبجهود وامكانيات بسيطة جداً وفي ظل الظروف الصعبة التي تعيشها اليمن لكن اصرار وعزيمة كافة المخلصين استطاعت ان تنقذ سفينة العمل المهني من الغرق .

المصدر- مجلة المصارف العدد (11) اغسطس 2020

اخبار ذات صلة