يُساور دائنو لبنان قلق من احتمال أن تكون الخسائر أشد وطأة، وذلك بعد أن عقّد انفجار مدمّر في بيروت عمليةً لإعادة هيكلة الديون متعثرة بالفعل.
حتى قبل انفجار يوم الثلاثاء في ميناء بيروت الذي قتل فيه 154 شخصاً، كان إحراز التقدم بطيئاً في ما يتعلق بالخروج من اضطرابات مالية بلغت أوجها بتعثّر لبنان في سداد ديونه بالعملة الأجنبية في آذار.
وممّا يسلّط الضوء على قتامة التوقعات، هَوت سندات البلاد السيادية الدولارية البالغة قيمتها 31 مليار دولار، والتي تضررت بسبب قلة السيولة منذ التعثّر في السداد، جميعها لأقلّ من 20 سنتاً للدولار منذ آذار.
وزاد هذا الأمر من حدة انحسار احتمالات التعافي لدى الدائنين الذين يواجهون بالفعل خسائر أكبر في ديون الأرجنتين والإكوادور، إذ انهما بلدان آخران متعثران صارا أكثر قرباً من إتمام إعادة هيكلة ديونهما هذا الأسبوع.
وبحسب بيانات من «ماركت أكسس»، زادت أحجام تداول السندات اللبنانية لتبلغ أعلى مستوياتها في 3 أسابيع يوم الأربعاء، فيما تشير مصادر مالية إلى دفعة من جانب بعض الدائنين سعياً لبيع حيازاتهم.
وقال ستيفن ريتشولد مدير المحفظة في «ستون هاربور إنفستمنت» التي تمتلك بعضاً من السندات الدولية اللبنانية «يعني ذلك تزايد احتمالات أن يحظى لبنان بتعاطف من المجتمع الدولي، لكننا لا نعلم ما ستتمخّض عنه هذه الآلية وما تعنيه بالنسبة لبرنامج الإصلاح»، من حيث فرص التعافي، لن تكون إيجابية. إذا حدث أي شيء، فسيكون سلبيّاً.
لكن المحدد الرئيسي يرتبط بحقائق الميزانية العمومية على أرض الواقع للمؤسسات المعنية المختلفة، أي الحكومة والمصرف المركزي والبنوك المحلية، وهذا هو ما سيقود الى التعافي».
وفي الوقت الذي من المتوقع فيه أن يواجه لبنان تراجعاً اقتصادياً أكثر حدة هذا العام في أعقاب الانفجار، يفكر المستثمرون في حجم التعديلات التي قد تحدث لمقاييس قدرة الحكومة على تحمّل الديون، والتي تتضمنها خطة إنقاذ حالية، إذ أصاب سعر الصرف في السوق الموازية مزيداً من الانخفاض وارتفعت التكاليف بالنسبة للحكومة.
وقال دائن أجنبي رفض ذكر اسمه: «الاحتمالات أكثر سوءاً من ذي قبل… ما جرى يسلّط الضوء على مدى ضعف حالة الحكم في لبنان». وحتى قبل الانفجار، لم تكن عملية إعادة هيكلة الديون قد بدأت من الأساس، إذ لم يتواصل المستشار المالي للحكومة لازارد حتى الآن مع الدائنين بشكل كامل نظراً لتعليق محادثات مع صندوق النقد الدولي في شأن التمويل.
وأعربت البنوك التجارية في لبنان، والتي تمثّل أكبر شريحة من حائزي السندات الدولية، عن مخاوف حيال الخطة الحكومية. وقال مستشار لجمعية مصارف لبنان رفض ذكر اسمه إنّ انفجار الثلاثاء «نقطة فاصلة» يمكن أن تغيّر النظام السياسي للأفضل.
كما حذّر المستشار من انه إذا تَمسّكت الطبقة السياسية الحالية والحاكمة منذ فترة طويلة بالسلطة، فقد تؤدي التكاليف الاقتصادية للانفجار إلى انخفاض فرص التعافي.
الجمهورية