عبدالرحمن الأهدل.. رحيل موجع وذكرى أكثر ألما!!

محمد عبدالوهاب الشيباني

قبل سبعة وثلاثين عاما، حين كنا طلاباً جامعيين في بداية تكويننا الأدبي والثقافي، وكان اتحاد الأدباء كمرموز وطني وأدبي كبير، كان هناك عبد الرحمن حسن واحد من الأسماء القادرة على خلق تماس محبب مع الكثير منا نحن الشبان آنذاك، فتواضعه وروحه المرحة وكرمه أيضاً ساعدت جميعها على إنتاج هذه الصورة البهية، وتخليق هذا التجسير الفاعل في العلاقة بين جيلين.

ولد في العام 1948 بمدينة المراوعة في تهامة، ووالده هو الشيخ عبدالرحمن حسن الأهدل أحد أبرز شيوخ العلم في المنطقة، وبدأ الابن عبد الرحمن حياته العملية معلماً في أرياف تهامة وصعفان ومدينة الحديدة منذ 1967، قبل أن ينتقل للعمل في البنك المركزي عام 1971، ومنذ العام 1984 انتقل للعمل في مصلحة المساحة، التي كان مستشارها حتى وفاته.

عُرف كمثقف يساري صلب، فمنذ تكوينه السياسي الباكر في إطار حزب العمال والفلاحين، الذي صار تالياً حزب العمل ” احد فصائل اليسار التي تشكل منها الحزب الاشتراكي اليمني في العام 1978″ ، وهو أحد الاسماء الفاعلة ،التي تعرضت للاعتقال اكثر من مرة لنشاطها السياسي، غير أنه منذ العام 1987 صار فاعلا أكثر في التكوين القيادي لاتحاد الأدباء والكتاب، وتحديداً منذ صعد الى عضوية مجلسه التنفيذي في مؤتمره الرابع الذي انعقد في صنعاء في خريف ذات العام، بعد ان كان أحد قيادات فرع الاتحاد في الحديدة منذ التأسيس في العام 1976.

في المؤتمر الخامس لاتحاد الأدباء في 1990 شغل موقع نائب الأمين العام، في وقت كان الاتحاد يمر بلحظة عصف بنيوي، بسبب المتغير الطارئ في البلاد، وحين وصل الاتحاد الى لحظة الانسداد الأولى في العام 92 كان الأهدل أشبه بشوكة ميزان للتوافق، لهذا حين اعيد ترتيب أوضاع الأمانة العامة اختير كأمين مالي خلفا للدكتور عبدالرحمن عبدالله الذي استقال قبلها تجنبا للانقسام في الاتحاد.

وفي المؤتمر السادس الذي انعقد اواخر نوفمبر 1993″ قبل أشهر قليلة من حرب 94″ أعيد انتخابه مرة أخرى أميناً للمال في الاتحاد من جديد، لكنه منذ المؤتمر السابع 1997، حتى وفاته اكتفى بعضوية المجلس التنفيذي والمستشار الفاعل في الجانب المالي والإداري.

وفي هذه الفترة تفرغ تماماً للشاعر والناقد الذي يتلبسه مثل الجلد فأصدر في العام 2004 كتابيه اليتيمين وهما ديوانه الشعري الذي حمل عنوان “تمتمات للوجد” وكتابه النقدي الموسوم بـ” الوجه الاخر للنص”.

انصرافاته النقدية المتنوعة أبانها إصداره النقدي هذا بضوء كاشف سُلط على المنتوج الأدبي من شعر وسرد ومسرح حظى بمقارباته النابهة، لهذا صار ” الوجه الآخر للنص”، يمثل هذا التنوع في محتواه، لاحتوائه بعض من مقالات صاحبه ودراسته تلك، والتي منها “تطور الرواية اليمنية والمسرح اليمني الواقع والطموح، الثورة اليمنية في قصص الشباب، اشواق الغد في قلب الجزيرة ” والعديد من الموضوعات، ذات الطابع النقدي او الثقافي.

حين توفي في 21 فبراير 2008 ترك أكثر من خمس مخطوطات في “الحداثة والتنوير وجماليات الشعر الشعبي، وقراءات معمقة في الرواية والقصة، وكتابات في السياسة والثقافة” الى جانب مجموعة شعرية ثانية اختار لها عنوان ” عشق من نوع خاص”. وإصدارها أو إصدار بعض منها ستشكل اضافة نوعية لإرث التاريخ النقدي والأدبي في اليمن كون عبدالرحمن حسن كان شاهداً حقيقياً على هذا المشهد طيلة ثلاثة عقود.

اخبار ذات صلة