كتب/ عمار وليد
شهدت حكومة التغيير والبناء التي أُعلن عنها مؤخراً وجود وجوه شابة وأسماء محنكة ومخضرمة؛ ولستُ هنا بصدد الحديث والإشادة التي تستحقها التشكيلة الحكومية الجديدة التي يكفي أنها اختصرت العدد المبالَغ فيه من الوزراء؛ كما أود هنا أن أثني على ما قدمته حكومة الإنقاذ التي قادت الدولة في أحلك الظروف وأصعبها؛ ونشكرها على ما حققته وعملت على تنفيذه طيلة فترة العدوان والحصار..
وحتى لا أتوسع كثيراً سوف أركز على شخصية مهمة في الحكومة، ألا وهو معالي وزير المالية الشاب الأستاذ عبد الجبار أحمد محمد، والذي يأتي تعيينه في التشكيل الحكومي الجديد وفق معايير صادقة ومنصفة، وأن هناك جهات رقابية ترصد وترقب أداء مؤسسات الدولة وتقيّم بعدالة وإنصاف وحيادية وتجرُّد عن العواطف القائمين على هذه المؤسسات..
إن تعيين الأستاذ عبد الجبار أحمد محمد لا يُعد فحسب تكريماً لكل موظف نزيه ومخلص وكفء في عمله، بل هو تكريم لكل أبناء الشعب اليمني الصامد..
فوضعه على هذا الكرسي المهم في واحدة من أهم وزارات الدولة لم يكن قراراً عادياً بل نتاج تقييم دقيق لأداء هذا الرجل وطريقة عمله في قيادة دفة مصلحة الضرائب، وكيف استطاع خلال فترة بسيطة جداً أن يحقق قفزات نوعية في العمل الضريبي، وإيقاف العشوائية، وسد ثقوب الفساد والحد بنسبة كبيرة منه ومن تسرُّب المال العام من هذا الوعاء الإيرادي المهم جداً.. ناهيك عن إدخال الأنظمة الإلكترونية والآلية للمصلحة، وأصبح التعامل – وبنسبة تتجاوز 95٪- إلكترونياً..
تخيَّلوا أنه فعل كل ذلك بهدوء وبدون مشاكل وبدون الدخول في خصومة مع المكلفين كباراً أو صغاراً (التحصيل بإحسان)، وجعلهم يأتون طوعاً ويبادرون بأنفسهم بتقديم إقراراتهم الضريبية وسداد ما عليهم، وعلى مُحياهم ترتسم ابتسامة الرضا.. مما رفع نسبة الإيرادات بما يتجاوز الربط أو الفترات المقابلة من الأعوام السابقة لأسلافه..
لا أستطيع سَرْد كل إنجازاته وما حققه من نجاحات في مصلحة الضرائب فهي كثيرة ولا يتسع المجال لسردها جميعاً؛ ولكن أود أن أشير إلى نقطة جوهرية، وأعرّج على شخصيته النادرة وتواضعه وذكائه وثقافته وحبه للاطلاع والقراءة، وأخلاقه الراقية وذوقه الرفيع في التعامل سواءً مع الموظفين أو جمهور المتعاملين.. صفاته ومناقبه هذه وقُربه من الناس وصغار الموظفين قبل كبارهم وتمسكه بأخلاق المسيرة القرآنية وحرصه الشديد على تطبيق وتنفيذ كل توجهات وتوصيات قائد الثورة عَلَم الهدى السيد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي -حفظه الله- كانت العوامل الأساسية في نجاحه، وقبل ذلك طبعاً التوفيق من الله سبحانه وتعالى والتمكين..
أعود إلى ما سبق أن أشرتُ إليه وهو أفضل منجز حققه (أبو يونس)، تغيير الصورة الذهنية السيئة لدى الناس وخصوصاً المكلفين عن موظف الضرائب، والكراهية التي قد يحملها البعض بسبب نمطية وأساليب أداء بعضهم في استدعاء المكلف والنزول الميداني..
لقد غيَّر الجرموزي هذه الصورة السوداوية المبالَغ فيها تجاه موظف المصلحة؛ وخلال فترة وجيزة أصبحت العلاقة طيبة وتكاملية بين المكلفين والمصلحة، وهذا طبعاً دون التفريط بريال واحد من المال العام..
إن تغيير نظرة الشارع العام تجاه مصلحة الضرائب وبدون ضرر أو ضرار يحتاج لعمل جبار وقيادي من طراز نادر، وطاقم عمل غير عادي في المصلحة من وكلاء ومديري عموم وفروع ومستشارين.. ولا يفوتني هنا أن أُثني وأشيد بجهود نائب مدير مكتبه الأستاذ أحمد السميري وجميع أفراد طاقم المكتب الذين كان لهم دور لا يُنكر في هذا النجاح، رغم أن الكثير من المسئولين سواءً في بلادنا أو دول العالم يكون القائمين على مكاتبهم هم السبب في فشلهم و إفشالهم لأسباب كثيرة وبطرق مختلفة..
لعل من نوافل القول إن تعيين الشخصية المحبوبة الأستاذ عبد الجبار أحمد محمد هو إنصاف لكل الكوادر الجيدة في وطننا الحبيب وتجسيد حقيقي ومثال حيّ على الحكمة الشهيرة (من جَدَّ وجد ومن زرع حصد)..
ندعو المولى عز وجل أن يوفّقه في مهام عمله القادمة وأن يحقق النجاح المطلوب وأن يتمكن من الحد من بيروقراطية وزارة المالية وتغييرها بشكل جذري للأفضل، مثلما نجح في تنفيذ تغيير جذري هائل وجبار في مصلحة الضرائب.. وبالفعل دشن ذلك من خلال التعميم المهم الذي وجَّهه لمصلحتي الجمارك والضرائب بإيقاف ما كان يُصرف لسَلَفه من بدل سفر وتنقلات ومكافآت ومبالغ له ولمرافقيه، وتوريدها للخزينة العامة في حساب مرتبات موظفي القطاع العام؛ وهي خطوة جبارة على الطريق الصحيح..
كل التوفيق له، وأيضاً لكل وزراء حكومة التغيير والبناء في مهامهم الوطنية بدون استثناء..