كتب / فريد المساوى
بالتأكيد أن قرار تعيين اللواء محمد عياش قحيم، وزيراً للنقل والأشغال، قرار حكيم يكشف بوضوح أن المرحلة القادمة هي مرحلة بناء وتغيير.. واختيار (قحيمان) لهذه الوزراة يُعد تكريماً لجميع أبناء محافظة الحديدة الذين يعتبرونه الأخ الأكبر، وتربطه بهم علاقة عشق وحب ومودة، وليست علاقة مواطن بمسئول عنه..
صحيح أن الحديدة وكل من فيها سيفتقدونه وسيشتاقون إليه، فقد كان الأخ الأكبر والأب الحنون والإنسان المتواضع القريب من الناس، الملامس هموهم، دائم الابتسامة، دمث الأخلاق.. يتحدث مع هذا ويناقش ذاك.. يوقف سيارته للاستماع للمواطنين.. محافظ البسطاء والمساكين؛ لأنه جاء من أوساط القطاع التربوي من بين البسطاء من يحملون مشاعل العلم والتنوير، جاء من قلب الشموع التي تحترق لتضيئ لنا الطريق.. لم يكن ذا مال أو جاه أو نفوذ قبلي، ولم يصل إلى ما وصل إليه نتيجة وساطة أو دعم، بل شق طريقه بنفسه مجاهداً مكافحاً صادقاً ومخلصاً لا يحب المظاهر أو الاصطناع أو التنظير.. إنه رجل طاهر القلب واليد.. كما أن كلامه نابع من صِدقه والطيبة الحقيقية لابن الريف التهامي الأصيل الشهم الكريم..
تجده يزور الجبهات، يمر على المستشفيات ليتفقد المرضى.. ينزل إلى المدارس.. يتفقد سير الأداء في المكاتب الحكومية.. يطمئن على أحوال المواطنين في المديريات.. يصلح بين الناس.. حباه المولى عز وجل بملَكات وقدرات نادراً ما تجتمع في رجل واحد، منها ذاكرته القوية وحفظه وسرعة بديهته وسِعة صدره وصبره..
الحقيقة أني لا أستطيع أن أستمر في كتابة مناقبه خوفاً عليه من الحسد.. اللهم صَلّ وسلّم على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين..
(قحيمان) أول من يحضر عندما يتطلب الأمر حضوره، وآخر من يغادر؛ ولم يتعامل البتة مع الناس في محافظة الحديدة كمحافظ بل كواحد منهم، وهذا الشعور لا يمكن لأحد أن يشكك فيه لأنه شعور صادق وليس مصطنعاً أو لأجل الدعاية الإعلامية الكاذبة.. منزله مفتوح للجميع.. مكتبه لم يُغلَق إطلاقاً في وجه أحد.. يمكنك لقاؤه في أي مكان دون حواجز أو موانع..
كان الله في عون من سيتولى منصب محافظ محافظة الحديدة خلَفاً للأستاذ واللواء والتربوي والرياضي والمجاهد والسياسي المحنك محمد عياش قحيم.. فسوف يتعب من يخلفه في كرسي المحافظة ويعاني..
صحيح أن الغالبية في الحديدة يعتصر الحزن قلوبهم بل وهناك من بكى عليه بحرقة كونه لم يعد محافظاً، ولكن دعونا ننظر للجزء الممتلئ من الكوب..
لقد رأت قيادتنا السياسية ممثلة بقائد الثورة عَلَم الهدى السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- أن رجلاً مجاهداً ومخلصاً وكفاءة نادرة بما يملكه من قدرات وتمكُّن وتميُّز وصِدْق، يجب أن يكون ضمن صفوة حكومة التغيير والبناء، وأن يستفيد الوطن أجمع وليس محافظة واحدة فقط من خبراته وقدراته.. وتُعد الحديدة جزءاً غالياً من الوطن.. وفي نفس الوقت هذا القرار هو تكريم لأبناء الحديدة أجمع كونه وقع الاختيار على ابنها البار وخِيرة رجالها لتولّي هذا الموقع الحساس الذي أيضاً يرتبط مباشرة بالحديدة من خلال مؤسسة موانئ البحر الأحمر ومركزها الرئيسي ميناء الحديدة.. ويقع على عاتق الوزارة التي أُسندت إليه قيادتها مسئولية إصلاح وتطوير وتحسين ميناء الحديدة واستعادة دوره الريادي الاقتصادي.. ومن سوف يجيد ذلك أكثر من أحد أبناء الحديدة..
إضافةً إلى أن تعيينه يكشف بجلاء أن المرحلة القادمة ليست مرحلة مجاملات أو تهاون أو تخاذل، بل مرحلة عمل وعطاء وبناء، وفي نفس الوقت إنصاف وتقدير كل من كان نموذجاً مشرّفاً للعمل والتضحية والصمود والشجاعة والإخلاص والوفاء للوطن ولقضايا الوطن والأمة الإسلامية..
لن نبارك للأخ العزيز محمد عياش قحيم الذي تربطني به علاقة أخوة وصداقة وزمالة تتجاوز ربع قرن من الزمن، بل نبارك للوطن هذا الاختيار.. ونقول له وفقك الله وكان في عونك أنت وزملائك في الحكومة الجديدة؛ وكلنا على يقين أنك سوف ترتقي بوزارة النقل والأشغال، وستكون عند مستوى المسئولية والثقة، وخير سفير لأبناء الساحل الغربي، وسترفع رؤوسنا جميعاً.. حفظكم الله ورعاكم وسدَّد خُطاكم يا أبا عبدالملك.