ناصر قنديل
– بالتأكيد لم يضع الفريق الذي تولى الإعداد لزيارة الرئيس الأميركي جو بايدن على مدى شهور في حسابه، المفاجأة التي فجّرها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، والتي قلبت جدول أعمال الزيارة، من حملة علاقات عامة موزعة الأدوار بإتقان حول الصورة التي يريد فريق بايدن إرسالها للناخب الأميركي حول الدعم الذي يقدّمه بايدن لكيان الاحتلال ويستحق على أساسه تصويت الناخبين اليهود الأميركيين، وحول استجابة دول الخليج للطلبات الأميركية بزيادة ضخ النفط في الأسواق العالمية لتأمين انخفاض أسعار الطاقة في الداخل الأميركي، والتأثير المرتجى لهذا التخفيض انتخابياً، وبالمقابل الرسالة المطلوبة لأوروبا بأن تدفق غاز المتوسط سيتم في أيلول وأن ضمانات الحماية العسكرية الأميركية والإسرائيلية كافية للاطمئنان بعدم وجود أي تهديد.
– يدرك الآن فريق بايدن أن توقيت خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لم يكن منفصلاً عن حجم الحرج الذي تحمله رسائل السيد نصرالله لزيارة بايدن، وتدخل من ملف النفط والغاز الذي يحتل الحيز الأهم في زيارة بايدن، لترسم معادلة جديدة قوامها جديد ونتائجها خطيرة، في المضمون والمدى الزمني والحيز الجغرافي والآفاق الخطيرة. ففي المضمون هناك معادلة جديدة تقول إن أردتم نفط المتوسط فعليكم إدراك ان ذلك لن يكون ما لم يحصل لبنان على ثنائية ترسيم منصف لحدوده، وبدء استثماره لحقوقه. وفي المدى الزمني رسم السيد نصرالله بلسان المقاومة سقفاً قريباً زمنياً لمعادلتها وهو شهر أيلول المقبل. وفي الحيز الجغرافي خرج السيد نصرالله من معادلة المناطق المتنازع عليها إلى معادلة جديدة هي استعارة لمعادلة حيفا وما بعد حيفا وما بعد ما بعد حيفا، بمعادلة كاريش وما بعد كاريش وما بعد بعد كاريش، وموجزها كل حقول النفط والغاز شرق المتوسط التي يسيطر عليها كيان الاحتلال مقابل الحق اللبناني. أما الآفاق فلم يخفف السيد نصرالله من حجمها متخذاً من سقفها نقطة انطلاق، فهو لم يقل هذا لا يعني حرباً، بل قال بالفم الملآن، هذا يعني أننا ذاهبون للحرب ما لم ينل لبنان حقوقه كاملة، معتبراً ما يجري إعلان حرب مفتوحة لقتل اللبنانيين جوعاً واقتتالاً وفوضى، ليردّ باستعارة معادلة حرب تموز 2006، إن أردتموها حرباً مفتوحة فلتكن حرباً مفتوحة.
– الجديد كثير في معادلات السيد نصرالله، ومنه التمهيد للمعادلات بالخطاب الإيجابي للسيد نصرالله نحو دعوة الداخل اللبناني الرسمي والسياسي والإعلامي والشعبي، بمضمون الدعوة لتقدير خطورة ما ينتظر لبنان من مصير قاتم إذا ترك الأمر لسياسة المناورة الخداع وتقطيع الوقت المعتمدة من الأميركيين منذ وعود الغاز المصري والكهرباء الأردنية قبل عام. وخطورة هذا الوضع نابعة من انسداد الأفق أمام أية أبواب جدية وحقيقية للخروج من النفق المظلم دون ثروات النفط والغاز، والمخاطر التي ستحيط هذا الملف اذا تجاوزنا موعد بدء ضخ النفط إلى أوروبا من حقول المتوسط المقررة في أيلول المقبل، وأن الرهان على انتظار موسم السياحة يعني تضييع هذه الفرصة، ولذلك لا تجوز المقايضة ولا إقامة الحسابات على هذا الأساس. ولمن سيقول أنتم تأخذون المنطقة إلى الحرب جاء كلام السيد واضحاً، إن كانت الحرب هي الطريق الحتمي لحفظ الحقوق وتحقيق هذه الفرصة الإنقاذية الوحيدة للبنان من أخطار الموت جوعاً والغرق في الفوضى وخطر الموت على الطرقات وأمام محطات البنزين والأفران وصولاً للاقتتال الداخلي، فالموت في الحرب شهادة، والحرب أشرف ألف مرة من الموت البطيء الذي ينتظر لبنان واللبنانيين.
– بايدن بعد خطاب السيد نصرالله وجهاً لوجه مع الند الحقيقيّ أمام معادلاته في المنطقة، وعليه أن يثبت أنه ندّ حقيقي، عبر جواب سياسي عاجل أو الاستعداد لحرب حقيقيّة.