في واحدة من القصص المبكية المضحكة روت لي إحدى قريباتي قصة أخيها الذي سارع بشراء شبكة الزفاف بعد أن أخبره أحد أصدقائه أن الذهب سيشهد ارتفاعا لم ترى مثله البلاد، وبالفعل قام الشاب بشراء الشبكة ليتفاجأ بحدوث انخفاض في سعر الذهب في اليوم التالي ليدفع زيادة حوالي ربع قيمة ما اشتراه.
ولم تكن الشائعات التي تتعلق بسوق الذهب هي الوحيدة من نوعها بل انتشرت شائعات لا نهائية لها علاقة بالوضع الاقتصادي لمصر وبرز محللون اقتصاديون غير معروفين يتنبأون بتضاعف سعر الدولار أمام الجنيه خلال أيام مما دفع العديد من التجار إلى تخزين السلع في انتظار هذا الارتفاع الوهمي للاسعار لبيعها لاحقا وتحقيق مكاسب سهلة حتى ولو كان فيها إيذاء للوطن.
والمتابع لسوق الشائعات يرى أنها لم تترك قطاع إلا ونالت منه وخاصة التعليم والصحة والاقتصاد ويقف خلفها جماعات منظمة تعمل في صمت وكل هدفها ان تدمر اقتصاد الدولة وتزعزع استقراره وتنزع من نفوس الناس السعادة والطمأنينة وراحة البال.
وللأسف على الرغم من أن المواطن هو المستهدف الأول من نشر الشائعات لكنه أيضا الناقل الأكبر و السبب الرئيس في انتشارها وتحويلها من مجرد كذبة إلى واقع مدمر على الحكومة ان تتحمل تبعاتها ففي بعض الأوقات يبدأ الناس بالتصرف بهمجية والتدافع على تخزين السلع خوفا من ندرتها أو اختفائها من السوق، وفي بعض الأحيان يتزاحم المواطنين على المكاتب الحكومية للاستفسار بعد أن تنشر شائعة ما.
وإذا كان شهر أبريل 2019 قد شهد انتشار 53 ألف شائعة؛ فقد زادت نسبة الشائعات بـ 23 % في عام 2021 وتم إغلاق 10 مليون حساب مزيف على مواقع التواصل الاجتماعي تستخدمها الجماعات الارهابية وفرق حروب الجيل الرابع في تدمير المجتمع.
والحل الوحيد في وقف هذه الشائعات يبدأ من الانسان نفسه فمن الضروري تنمية الوعي لدي المواطنين، خصوصًا مرتادي وسائل التواصل الاجتماعي بأهمية التحقق من صحة المعلومات والحصول عليها من مصادرها الأساسية وكيفية التعرف على المعلومة الزائفة، وتنمية الوعي تشترك فيها مؤسسات متعددة فهي مهمة أساسية لوسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية والثقافية.
كما لابد من تنفيذ حملة إعلامية تصل إلى القرى والنجوع لتوضيح كيفية اكتشاف الأخبار الكاذب وذلك لتفادي وقوع المواطنين فريسة للأخبار المزيفة، هذا مع تطبيق قانون الجريمة الإلكترونية ليكون حائط صد للوقوف ضد الشائعات التي هدفها النيل من استقرار الدولة، كذلك لابد من توعية مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بعدم الدخول على روابط وهمية لأنه من خلالها يمكن أن تتم سرقة بياناته واستغلالها وعدم تصديق ما يتم تداوله من أخبار ومشاركتها إلا بعد التأكد من مصدرها ولا يجعل مستخدمي السوشيال ميديا مواقع التواصل الاجتماعي مصدر أخبار ومعلومات له لما يبث عليها من أكاذيب مضللة.
ولتحقيق هذه الغاية لابد من إدارات الإعلام والعلاقات العامة متابعة الشائعات التي تنتشر بين الناس وملاحقتها بالبيانات والأرقام الصحيحة لوقف تضليل الرأي العام، ولا بد من الإشادة بالدور الهام الذي يقوم به المركز الإعلامي لمجلس الوزراء في هذا الصدد وإن كنت أتمنى أن أرى المزيد من التفاعل من باقي الوزارات والمؤسسات في هذا المجال ويا حبذا إذا قام المتحدث الإعلامي لكل وزارة بتقديم معلومات وبيانات أسبوعية لتوضيح موقف الدولة في القضايا المستجدة مثل الحرب الروسية الأوكرانية، ورفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الأحداث العالمية التي تتأثر بها مصر وتثير زوبعة من القلق في المجتمع ويستخدمها مثيري الفتن كبيئة خصبة لإثارة البلبلة وهنا لابد من وقفة صارمة لقطع تلك الأيدي الخفية ومنعها من تحطيم بلادنا الحبيبة.
واختم مقالي بقول الله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ” فياليتنا نفكر كثيرا قبل ان نقوم بعمل مشاركة لأي منشور نراه على صفحاتنا أو حسابتنا في الفيس بوك وتويتر، فتحسبونه هينًا وهو عند الله عظيم.