ميتا فيرس

ما أزال أذكر هذا الإحساس الغريب بالسعادة الممزوجة بالشماتة عندما عدت إلى المنزل وسمعت في النشرة خبر توقف خدمات الفيس بوك وأخواته واتس أب وانستغرام عن العمل، وظلت فكرة واحدة تتردد في عقلي أخيرا أغلقت بوابات الشر.

لست الوحيدة التي تعتقد أن فيس بوك له تأثير سلبي على البشر ف”فرانسيس هوجن” الموظفة السابقة في شركة فيس بوك أكدت أن الشركة تعلم عن طريق الأبحاث  التي تجريها التأثير السلبي لتطبيق انستغرام على مستخدميه وتغذيته للكراهية واضراره بالصحة العقلية للأطفال لكن الشركة تفضل الربح على السلامة. وقبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية أدخلت فيس بوك تعديلات على خوارزمياتها للحد من انتشار المعلومات المضللة لكنها أعادت الإعدادات مرة أخرى إلى وضعها القديم للاستمرار في جني الأرباح، وثارت العديد من التساؤلات حول مساهمة بوك في حشد الجموع التي اقتحمت مبنى الكابتول تأييدا لدونالد ترامب، وهو مقارب لما حدث في تونس ومصر ولعلنا جميعا نتذكر الدور الكبير لـ”وائل غنيم”   المدير الإقليمي لشركة جوجلفي اشعال ثورة يناير عبر فيس بوك.

ومع الوقت ترسخت لدى الناس فكرة سلبية عن دور تطبيق فيس بوك في تعزيز العنصرية والتنمر ومساعدة الجماعات الإرهابية على تجنيد الأطفال والنساء للعمل في صفوفهم، كما مهدت اعدادات فيس بوك عصابات الاتجار بالبشر في توريط الأطفال في أعمال منافية للأخلاق فتلك الإعدادات ساعدتهم في تحديد أماكن هؤلاء الأطفال وخطفهم أو تهديدهم للقيام بالمطلوب منهم.

فهل دفعت السمعة السيئة لفيس بوك   “مارك زوكربيرغ” مالك مجموعة فيس بوك، واتس آب، انستغرام وماسنجر إلى تغيير أسمه، أم أن السبب هو مشروعه الرضيع الجديد ميتافيرس الذي حدد له 50 مليون دولار،  وجند له 10000 شخص لتنفيذه.

وإنْ صحّت تطلعات رئيس شركة فيسبوك فسوف نحيا ونعمل فيما يطلق عليه الميتافيرس، وهو سلسلة من العوالم الافتراضية، ستصبح المنصة التقنية الأهم منذ ظهور شبكة الإنترنت والويب.

وقد تتمكّن على سبيل المثال من حضور مباراة لكرة القدم لا تستطيع الذهاب فعليا إلى مكان انعقادها – وذلك عبر ما يُعرف بـ الأفاتار (صورة رمزية ثلاثية الأبعاد) الذي يمثلك ويجلس على مقعدك، مشاركا شخصية جارك الرقمية أيضا في تحليل مجريات المباراة.

وفي اعتقادي أن ميتافيرس هو بداية النهاية للوجود البشري الطبيعي وستتحول الساعات التي يقضيها الناس على وسائل التواصل الاجتماعي إلى حياة كاملة يعملون فيها ويسافرون ويقابلون أصدقاء حقيقيين أو افتراضيين وربما ينشأون عائلات وهمية مما سيخلق واقع جديد تتحكم فيه الروبوتات على الجزء الأعظم من الأعمال وتختفي فيه الأجساد لكن تبقى العقول هي المسيطرة أو المسيطر عليها.

إن طبيعة الميتافيرس ستزيد من ساعات البقاء على شبكات التواصل الاجتماعي “ولكن، هل يساعد ذلك على التواصل؟ على التعاون؟ على التعلم؟”

أم سيدخل العقل في متاهة هذه العوالم ويصبح من الصعب إن لم يكن من المستحيل الخروج منها .

أمل محمد أمين

اخبار ذات صلة