جهود كبيرة لتعزيز القدرة على الصمود ومواصلة الأمل في اليمن

أحال الصراع الذي يشهده اليمن منذ حوالي خمس سنوات حياة ملايين اليمنيين إلى كابوس. ومزق هذا الصراع الذي طال أمده المجتمعات المحلية وشرّد عشرات الآلاف من الأسر. وخلّفت الحرب مرافق البنية التحتية والخدمات العامة الحيوية، التي تعتمد عليها المجتمعات المحلية لبقائها، وقد لحقها دمار كلي أو جزئي.

يتركز الصراع في المدن الرئيسية أو حولها، وبالتالي فإن تأثيره على المناطق الحضرية كارثي، حيث يتحمل حوالي 15 مليون شخص العبء الأكبر. فالبلديات المحلية لا تعمل بشكل كامل، مما يعني توقف الخدمات العامة؛ إذ لم تعد البلديات قادرة على معالجة المياه العادمة أو جمع النفايات الصلبة أو تقديم أي خدمة أخرى. وفي أغلب الأحوال، لا تتوفر مياه الشرب الصالحة، ولا إمدادات الكهرباء للمنازل والشركات، ولا الخدمات الصحية لتطعيم الأطفال أو تقديم العلاج.

ووصلت قدرة المواطنين على الصمود إلى منتهاها مع غياب مصدر ثابت للدخل لمعظمهم، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وندرة فرص العمل. هذا هو الحال لمن يعيشون في المدن الكبرى؛ ويمكن إطلاق العنان للخيال لتصوّر الوضع في بقية أنحاء البلاد.

ولم يكن القطاع الخاص اليمني، الذي كان يواجه صعوبات بالفعل قبل نشوب الصراع، بمعزل عن هذا كله؛ فقد تضررت الشركات بشدة بسبب الصراع وبسبب غياب الخدمات، وكان التأثير شديدا على الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وتعمل المؤسسة الدولية للتنمية، وهي احدى مؤسسات مجموعة البنك الدولي، مع المؤسسات المحلية، من خلال المشروع الطارئ للخدمات الحضرية المتكاملة ومكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، لمساعدة المواطنين على العيش في هذه البيئة الصعبة. وقد تم اطلاق المشروع في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، وتتمثل مهمته في المساعدة على استئناف الخدمات الحضرية الحيوية في المدن الأكثر تضررا من لصراع.

وكان لإجراءات المشروع التدخلية تأثير إيجابي على حياة المواطنين وسبل عيشهم من خلال تحسين الخدمات البلدية، وإدارة النفايات الصلبة، وشبكات المياه والصرف الصحي في المناطق الحضرية؛ وكذلك عن طريق رصف الشوارع، وصيانة الطرق، وتوفير الطاقة اللازمة للخدمات الرئيسية مثل المستشفيات والمدارس.

ففي قطاع إدارة النفايات، تم جمع أكثر من 600 ألف طن من النفايات الصلبة في عدن والمكلا وصنعاء والتخلص منها. كانت النفايات متراكمة في هذه المدن لفترة طويلة، مما ساهم في ظهور مشاكل صحية بما في ذلك الكوليرا.

في قطاع المياه والصرف الصحي، حصل 635,546 شخصًا على مياه نقية وتوفرت لهم خدمات الصرف الصحي الآمن بعد إعادة تأهيل شبكة المياه والصرف الصحي.

تمكن المشروع من دعم توليد 11,350 ميجاوات من الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية، التي ثبت أنها حل فعال لأزمة التنمية الحالية في اليمن. فقد أعيدت إمدادات الكهرباء إلى بعض المستشفيات والمدارس ومرافق المياه، كما أنها تعمل على إعادة أنشطة الأعمال وتوفير الفرص الاقتصادية وخلق فرص العمل وإشعال جذوة الأمل في نفوس اليمنيين. فحين أضاءت الطاقة الشمسية أحد الشوارع التجارية الرئيسية في صنعاء خرج الناس مبتهجين للاحتفال بهذا الحدث.

وقال عبد المنعم البالغ من العمر 30 عامًا: “ليس لديك أدنى فكرة عما شعرت به عندما رأيت الشارع مضاءً، تذكرت الأيام الخوالي… لقد أعطاني هذا الأمل في أن تنتهي الحرب يوما ما، ونحصل على الكهرباء مرة أخرى.”

سيوفر المشروع حوالي 635,546 يوم عمل. ساعدت هذه الوظائف المؤقتة العديد من الأشخاص من الفئات الضعيفة في المجتمع، من بينهم النازحون داخليا والشباب، على ضمان الحصول على بعض الدخل.

كما أتاح المشروع استكمال إصلاح 134 كيلومترا من الطرق داخل المدن الثلاث.

على الرغم من القيود الكبيرة المفروضة من حيث إمكانية الانتقال والوضع الأمني، فضلا عن تقلب الأوضاع بشدة ميدانيا، يسهم المشروع الطارئ للخدمات الحضرية المتكاملة في اليمن في بناء شعور بالأمان والثقة داخل المجتمعات المتأثرة بالصراع. ويشمل ذلك عملية تخطيط استثماري تشاركي مراعٍ للمرأة، ومنح المواطن رأيا في اختيار المشاريع، والمساعدة في ضمان تكيّف الصناديق مع الأوضاع المتغيرة ووصولها إلى مختلف المناطق، الجغرافية منها والقطاعية، التي هي في أشد الاحتياج إلى المساندة.

حتى اليوم، وفّر المشروع خدمات حيوية لأكثر من 1.2 مليون مستفيد 49% منهم من النساء، وهو يهدف في نهاية المطاف إلى مساندة 1.4 مليون يمني، وخلق 1.5 مليون يوم عمل، و400 كيلومتر من الطرق الحضرية، وتوليد ما يقدر بنحو 60 ألف ميجاوات من الكهرباء.  

وتواصل فرق المشروع العمل على تنفيذ مشاريع فرعية أخرى لاستعادة الخدمات في المناطق الحضرية.

اخبار ذات صلة