هل يمكن حوكمة الإعلام؟!

أمل أمين*

ثارت في مصر مؤخرًا زوبعة في الوسط الإعلامي على أثر عدة تغييرات قامت بها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التي تهيمن على العديد من وسائل الإعلام المصرية من قنوات تلفزيونية وصحف ومواقع إلكترونيّة، كما تمارس الشركة الإنتاج الفني للعديد من المسلسلات والبرامج.

إن هذه التعديلات أثارت في داخلي الفضول حول إمكانية تطبيق مبادئ الحوكمة على إدارة المؤسسات الإعلامية. فالمعروف أن للحوكمة دوراً هاماً في تحسين أداء المؤسسات ومواجهة الفساد والمحسوبية والتنبؤ باستمرار المؤسسة أو فشلها على المدى الطويل خاصة في ما يتعلق بالأداء المالي.

إن وجود إطار فعال لحوكمة المؤسسات الإعلامية متمثل بشفافية الهيكل الإداري للمؤسسة الإعلامية، وتوزيع المسؤوليات بين مختلف الجهات، وحماية حقوق أصحاب المصالح يؤثر في تحسين أداء المؤسسة بصورة كبيرة.

وتتطلب الحوكمة توزيع المسؤوليات في نطاق تشريعي يتيح الإفصاح عن المعلومات ووجود هيكل تنظيميّ واضح يشمل وصفاً دقيقاً لكل الوظائف في كافة المستويات الإدارية.

وإذا طبقنا هذا على المؤسسات الإعلامية فسيكون عليها الالتزام بمبادئ الحوكمة المبنية على الشفافية والإفصاح والمساءلة والتشاركية والنزاهة. وهذا بالتأكيد يعتمد على وضع الدولة لتشريعات تسمح بحرية تداول المعلومات للإعلاميين في التوقيت المناسب وبطريقة آمنة مع الحفاظ على حقوقهم وحمايتهم من الأذى، وفي الوقت نفسه على المؤسسات الإعلاميّة وممارسي المهنة الالتزام بمواثيق الشرف الصحافي، والسعي الدائم نحو التطوير والتدريب المستمر لكل العاملين بها مع وجود هيكل مؤسسي واضح.

أن للدولة دوراً كبيراً في تمهيد الطريق لإعلام حر ومهني عن طريق صياغة تشريعات منظمة للإعلام تكفل حرية ممارسة الإعلام وتساعده في تحقيق رسالته وقيامه بدوره في النقد والمساءلة والرقابة ليصبح أحد أذرع التنمية.

ختامًا

إن إعادة هيكلة المؤسسات الإعلامية تمهيداً لتطويرها هو أمر يدعو للتفاؤل، لكننا في الوطن العربي عاصرنا العديد من التغييرات التي أدت إلى مزيد من الفشل أو بقاء الوضع على ما هو عليه فتغيير أسماء الأشخاص لن يؤدي حتماً إلى التقدم والنجاح بل أحياناً يكون سببًا في انهيار بعض المؤسسات الناجحة بعد ابتعاد مؤسسها عن قيادتها من دون انتقال سلس ومنظم إلى القيادة الجديدة، كما أن ضياع رسالة المؤسسة بسبب سعي ملاكها نحو الربح قد يفقدها الهدف الذي أنشئت لأجله، فالإعلام مهنة ذات رسالة سامية تقوم على نقل المعلومة الصحيحة والمساهمة في تثقيف المواطن ورفع وعيه بالقضايا والتحديات التي تواجه بلاده ليكون جزء من تحقيق استراتيجيات التنمية لا عدوًا لها.

*كاتبة وباحثة من مصر.

اخبار ذات صلة