مليون وأربعمائة الف مواطن مصري يركبون القطارات يوميًا ليعودوا إلى منازلهم او يصلوا إلى مقاصد أعمالهم الأغلبية تصل، والبعض بسقط ميتًا أو جريحا ، فبلادنا تشهد حوالي 1200 حادث قطار سنويا والمسبب الرئيس في تلك الحوادث هو العنصر البشري سواء نتيجة للأهمال أو عادم التدريب او تناول المخدرات. فالنسبة الأعظم وتحديدا 78.9 من حوادث القطارات سببها الإنسان سواء كان من العاملين أو الركاب!!فما زالت الأذهان تذكر وبقوة حادث العياط 2002 الذي سقط فيه 360 مصاب وعشرات الجرحي والمشوهين نتيجة احتراق بوفيه احد المقصورات والعجيب أنه على عكس الاهمال البشري المتسبب في حوادث القطارات عادة فإن شجاعة السئق في حادث العياط وقيامه بفصل المقطورات المحترقة أنقذ آلاف الارواح.
ان تلك الحادثة القديمة تثير التساؤلات حول الطريقة التي تدار بها تسيير حركة القطارات والمزلقانات وآلية فحص 9570 كم من الشبكات والقضبان الحديدية التي جمعت بين قرى ومدن مصر على خط واحد.
خلل في المنظومة
في 2018 أمرت المستشارة أماني الرافعي رئيس هيئة النيابة الإدارية، بإحالة 10 من المسئولين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر للمحاكمة التأديبية، لما نسب للمتهمين من الإهمال في أداء واجباتهم الوظيفية وانعدام الرقابة، مما ترتب عليه خروج القطار رقم 986 في محطة أسوان عن القضبان وسقوط الجرار وعدد من عرباته نتيجة عطل بالتحويلة الخاصة بمحطة المرازيق ، الأمر الذي أدى إلى إصابة عدد 63 راكباً وتعريض حياة المواطنين للخطر.
وعلى أثر الحادث أصدرت النيابة الإدارية بيانا عقب الحادث توضح اسبابه وتضع روشتة علاج مناسبة وأوضحت النيابة، أنه أثناء تحقيقها في القضية تبين أن هناك خلل في منظومة العمل بالسكة الحديد وان الأنظمة المستخدمة قديمة جداً ولا تواكب الأنظمة الحديثة والمتطورة بأنظمة السكك الحديدية، ولا توجد قطع غيار لهذه الأنظمة لأن الشركات المنتجة لا توقف عن إنتاجها أو العمل بها منذ فترة طويلة ولذلك يتم الاعتماد قطع غيار بديلة قد تؤثر في كفاءة المنظومة.
وأضافت أن نظام الربط الكهربائي أو الميكانيكي لا يعتمد على نظام التحكيم المركزي لسير القطارات، وأن هذه الأنظمة لا يوجد بها نظام تسجيل للأحداث الخاصة بسير القطارات سوء بالإدارة المركزية أو لوحة التشغيل وكذلك فان هذه الأنظمة تعتمد على العنصر البشري اعتمادا أساسياً في تشغيل وتسير القطارات ولكل محطة أو برج أو تحويله أو مزلقان على وحدة لعدم وجود نظام للتحكم المركزي لسير القطارات بتلك الأنظمة، ودائماً ما يحدث إهمال أو تقاعس من العنصر البشري يؤدي إلى حدوث كوارث.
عطل في أجهزة التحكم
وأكدت النيابة، على وجود خلل في تشغيل أجهزة (A.T.C) حيث أن هذه الأجهزة توضع في مكان بالجرار معروف للسائق وحده وأن مفتاح الصناديق الخاصة (A.T.C) يسهل فتحها مما يمكن بعض السائقين من تعطيلها حتى يتمكن من قيادة القطار بالسرعة التي يراها ودون الالتزام بالسيمافور بدعوى أن ذلك يعطل مسير القطارات، كما أنه يمكن سرقة جهاز ( A.T.C) (ما يطلق على الصندوق الأسود) كما حدث في الحادث الأخير موضوع القضية رقم 112/2018 حيث تبين سرقة الجهاز بعد الحادث مباشرة، فضلاً عن تبين من سرقة بعض أجهزة ( A.T.C) الموضوعة على السكة الحديد.
صورية الصيانة
لاحظت النيابة وبعد مطالعة كراسات الصيانة (داخلي / خارجي ) لمحطة المرازيق عن الفترة خلال عامي 2017 ، 2018 أن جميع التجارب والأجهزة منتهية بالتقرير أنها تعمل بصورة جيدة بما ينبئ عن أن هذه الصيانة صورية .
52 ألف عامل وعجز في التشغيل
وأكدت النيابة الإدارية، أنه رغم أن المنظومة المطبقة حاليًا بالسكة الحديد سواء الربط الكهربائي أو الميكانيكي تعتمد على العنصر البشري اعتمادًا كليًا لتطبيق المنظومة فإنه وفقًا للبيان الرسمي المقدم من المختصين فإن وظائف التشغيل الأساسية والتي يعتمد عليها مسير القطارات عددها 5333 وأن العجز في هذه الوظائف يبلغ 7786 وهو ما يترتب عليه تشغيل هذه العمالة 12 ساعة وراحة 12 ساعة وراحة 24 ساعة وفي حالات الضرورة يتم تشغيلها 12 ساعة وراحة 12 ساعة، ومن المفارقات العجيبة أن عدد العاملين بهيئة السكك الحديدية يتجاوز 52 ألف عامل في حين من يتولى التشغيل لا يتجاوز عددهم 6 آلاف عامل وهو ما يؤكد الفساد الذي كانت تحيا فيه السكة الحديد في العقود الثلاثة الأخيرة.
خطة للعلاج
يتعين إعداد برنامج بالحاسب الآلي يتم فيه إثبات كافة الأعطال التي يتم الإخطار بها سواء كبيرة أو صغيرة حتى يمكن وضع تحليل أو تصور كامل لمنظومة العمل بالسكة الحديد والأعطال التي ترد عليها وإمكانية صيانتها أو إصلاحها.
وطالبت النيابة بإنشاء سجل بالمحطات لتوقيع المختصين بالصيانة أثناء مرورهم بالمحطة أو البرج أو تمكينهم من التوقيع بسجل الزيارات 350 الموجود بالمحطة وذلك للتأكد من المرور الفعلي، كما أوصت النيابة بإنشاء معهد يتبع السكة الحديد أو إعادة تشغيل معهد وردان بالسكة الحديد، وذلك لتدريب وتعيين كوادر تشغيل جديدة لسد العجز في وظائف التشغيل، ومحاولة توطين أو تقريب أماكن العمل لوظائف التشغيل من محال إقامتهم لإمكانية تقليل ساعات العمل والاستفادة من ساعات الراحة وذلك حتى يظل العامل بكامل قوته وتركيزه.
ختامًا
لا يمكن الاعتماد على الوازع الديني أو الضمير في الحد من الحوادث والكوارث الحاصلة نتيجة الأهمال البشري بل يجب وضع نظام رقابي صارم لضمان التزام كافة الاطراف بمسئولياتها ومهامها بالشكل الصحيح فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته.