دور القطاع المصرفي في التنمية الاقتصادية

د. عيسى أبو حليقه*
يعتبر القطاع البنكي من أهم القطاعات الاقتصادية وأكثرها حساسية وتأثيراً في نمو اقتصاديات البلدان، إذ يحتل مركزاً حيوياً في النظم الاقتصادية والمالية لما له من تأثير ايجابي على التنمية الاقتصادية، من خلال تعبئة المدخرات الكافية التي يتطلبها النمو الاقتصادي، والتوزيع الكفؤ لها في مختلف مجالات الاستثمار والاستغلال.
وتعرف البنوك التجارية بأنها مؤسسات مالية تقوم باستقطاب أو قبول ودائع العملاء ومن ثم تقوم بتوظيف هذه الودائع في استثمارات قصيرة الأجل (اذونات الخزانة، الأوراق التجارية، شهادات الإيداع المصرفية القابلة للتداول، القبولات المصرفية) أو استثمارات طويلة الأجل (شراء الأسهم، السندات، التمويلات طويلة الأجل)..تحتاج التنمية الاقتصادية إلى تكوين وتجميع الموارد وتعبئتها وتوجيهها نحو الاستثمارات المختلفة، فالتنمية ورأس المال تربطهما علاقة متداخلة ومترابطة فلا يمكن أن تحدث تنمية بدون رأس مال.
وترجع أهمية البنوك في النشاط الاقتصادي إلى أنها أحد الدعامات الأساسية للاقتصاد القومي، حيث تلعب البنوك التجارية دوراً هاماً في تسهيل المعاملات الاقتصادية والمعاملات المالية، كما أن البنوك التجارية تؤدي دوراً بارزاً في تمويل عمليات الاستثمار بشقيها العام والخاص.. فإلى جانب قبولها لودائع القطاعين الخاص والعام ومساهمتها المباشرة في شراء الحصص والأسهم في الشركات المحلية والمشاركة في شراء شهادات الإيداع والسندات وأسناد القرض المصدرة محلياً، تقوم المصارف التجارية أيضا بممارسة دورها الرئيسي في تمويل عمليات الاستثمار من خلال ما تقدمه للاقتصاد القومي من تسهيلات ائتمانية وقروض مصرفية موجهة لكافة القطاعات العاملة في الدولة.
كما تقوم المصارف التجارية بتمويل عمليات إقامة المشاريع الاستثمارية التي لها مردودات وعائدات مرتفعة، وتوفير القروض اللازمة لتمويل نفقات القطاع الصناعي بوجه عام، حيث يشمل ذلك بداية تمويل الاستثمار في الموجودات الثابتة للمصانع العاملة من بناء وآلات ووسائل نقل، إضافة لتمويل شراء المواد الخام وتمويل رأس المال اللازم لعمليات التشغيل.
وهذه المصارف تقوم أيضاً ولحساب عملائها بمجموعة من الوظائف أهمها: تحصيل الأوراق التجارية، وخصم وقبول الكمبيالات، وشراء وبيع العملات الأجنبية، وفتح الاعتمادات المستندية، وإصدار خطابات الضمان، وشراء وبيع الأوراق المالية، وتحصيل الكوبونات، وغير ذلك من الوظائف الأخرى.. كل هذه الوظائف لها دور بارز ومهم في تسهيل عمليات التجارة الداخلية والخارجية والتي لها اثر كبير في التنمية الاقتصادية.
بالإضافة إلى الدور الفعال للبنوك التجارية والإسلامية في تمويل المشروعات الصغيرة، المتوسطة والكبيرة والتي تعمل على الحد من الفقر والبطالة، وتحسين مستوى الدخل وتوازن الطبقات في البلد.
أما البنوك الاستثمارية فهي البنوك التي تعتمد بشكل رئيسي على أموالها الخاصة بالإضافة إلى الودائع لأجل قيامها بالأعمال التي أنشئت من أجلها، ومن أهم هذه الأعمال تقديم القروض طويلة الأجل للمشروعات الكبرى أو المساهمة فيها لأغراض الاستثمار..كما تقوم مصارف الأعمال بإصدار الأوراق المالية الخاصة بالشركات، والسندات الحكومية حتى تضمن الشركات تغطية الأسهم والسندات المعروضة على الجمهور خلال فترة عرضها للاكتتاب العام.. كذلك تقوم هذه المصارف بالاشتراك في إنشاء بعض الشركات الصناعية أو التجارية وتساعد على تدعيم هذه الشركات من خلال تمويل مشاريع البنية التحتية والخصخصة.
كما تعتبر البنوك إحدى الدعامات الكبرى الأساسية في بناء الهيكل المالي والاقتصادي للدول، إذ أنها تعد مؤسسات مالية فعالة يُعتمد عليها في تطوير وتنمية مختلف القطاعات الاقتصادية، خاصة في الاقتصاديات التي تعتمد على السوق في تمويلها.
لكن هذا الدور المهم والبارز الذي يلعبه القطاع البنكي في النهوض باقتصاديات الدول، يتوقف على مدى فعالية وتطور هذا القطاع، كما أن هذه الفعالية تساعد على استقطاب الاستثمارات الضرورية لتغطية احتياجات التنمية المحلية.
فالبنوك الاستثمارية تقوم بتوظيف ادخارات المستثمرين وتوظيفها في استثمارات قصيرة وطويلة الأجل، والبنوك الصناعية تقوم بتمويل قطاع الصناعة، والبنوك العقارية تقوم بتمويل قطاع العقارات، والبنوك الزراعية تقوم بتمويل قطاع الزراعة، وغيرها من البنوك الأخرى التي تهتم بتمويل قطاعات معينة مما يعزز دورها في التنمية الاقتصادية للبلد.

} أستاذ مساعد، قسم العلوم المالية والمصرفية، الجامعة اليمنية الأردنية.

اخبار ذات صلة