بقلم : د محمد هادي القهالي- رئيس حكومة الشباب
جميل ذلك الاعلان العالمي لحقوق الانسان في مواده الثلاثين المتراصة والأنيقة في صياغتها، جميل أن يحتفل العالم أجمع بمناسبة الذكرى السنوية لهذا الإعلان، نعم انه وثيقة حقوق دولية تبنته الأمم المتحدة في العاشر من ديسمبر في العام 1948 م في قصر شايو في باريس، وإنها وثيقة فارقة في تاريخ حقوق الإنسان ،وان كانت تلك الحقوق تخص كل انسان دون تمييز أو تحيز ودون النظر الى جنسيته أو دينه أو لغته، وذلك لكل الحقوق التي يستحقها ، إلا أن هذا الإعلان قد أفل نجمه عند اليمنيين في اليوم الاول من العدوان على ارضه و شعبه.
لقد صادر ذلك الغاشم المعتدي كل الحقوق الواردة فيه تحت مرأى ومسمع الأمم المتحدة التي لم تحرك ساكناً رغم أننا تعودنا عليها الشجب والتنديد في القضايا العربية، إلا أنها قد استكثرته على اليمن واليمنيين، أنها لم تندد أو تشجب تصرفات الصلف العدواني من دول تحالف العدوان ، لقد تقرحت العيون بكاء وغيمت السماٌء عزاءً مما ارتكبوه من جرائم ابتداءً من جرائم العدوان ثم توالت بعدها جرائمهم ضد الإنسانية من فرض حصار شامل برا وبحرا وجوا، وقتل العُزل من المدنيين وقتل وتمزيق جثث الأطفال والنساء، وقصف وتدمير الأعيان المدنية، وذلك أمام العالم المتحضر الذي يتغنى بحقوق الإنسان، وهو يناظر شعباٌ يباد و تصادر حقوقه.
إذن ليس لنا من هذه الذكرى إلا الاحتفال أما محاسبة المعتدي على جرائمه فلا، إنهم يريدون منا الاحتفال فقط كشعار ظاهري ذهب بريق حقيقته، وأصبح مجرد أوراق خضبت بمداد قد جف حبره ، فاليمن يقتل بعيون أممية، بينما وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لاتشهد سوى صمت ينام في أروقة ورفوف الأمم المتحدة، ودهاليزها، اوأصبحت في عداد الموتى في نظر اليمنيين، قد أفل نجمه، وقد ذبح من الوريد إلى الوريد.
أصبح هذا اليوم لا يعنينا وليس محور اهتمامنا طالما سفكت دماء أطفال اليمن وفجعت نساء اليمن، ودمرت بنيته التحتية، إنهم يريدون منا الاحتفال بالأوراق التي خطت في صفحاتها الإعلان العالمي؛ لحقوق الإنسان بأوراق لم تؤت أكلها ،إنها مجرد ورق وصكوك جامدة ؛ كون نظرتهم إلى الشعب اليمني واليمن أنها عربية إسلامية ليس دولة غربية نصرانية أو يهودية عبرية.
هذه هي نظرة المجتمع الدولي، وهذا هو التمييز وعدم عالمية هذا الإعلان، كما أن الواقع فيه ما يدحض افتراءات وخدعة الإيمان بأن حقوق الإنسان عالمية، وتعتبر محمية بشكل قانوني وأنها تركز على حماية وحفظ الكرامة الإنسانية، كل ذلك قولاً أما الفعل فاليمن خير شاهد بعبثية وهمجية العدوان الذي جعل من الإعلان بلون الدم؛ فقد أحمر مداده الأسود بدماء اليمنيين، ولم يبق لليمنيين إلا خيار الصمود في وجه العدوان.
إن هذا الخيار هو السبيل الوحيد والأوحد الذي سيحفظ كرامة الإنسان اليمني، وعلى دول تحالف العدوان أن تفهم رسالة اليمن قيادتًا وشعبًا أن الاستسلام ليس في أجندته ، إنه شعب سيكتب إعلانا عالميا لحقوق الإنسان بشعار (نحن لا نستسلم ننتصر أو نموت ).
هذا لا يعني أن اليمني لا يقبل السلام ، إننا نقبل ونرضى بالسلام، لكن سلام الأوفياء القادرين سلام لا استسلاما ، إن إعلاننا اليمني العيش بكرامة وعزة سنمد أيدينا للسلام عندما يعترف العالم بأننا أحق بالبقاء في أرضنا بقرار سيادي يمني قرار يمني فقط، يمني لا سواه نحن الأرض والإنسان والبقاء لصاحب الحق هذا إيماننا، و هذه عقيدتنا ، أما إعلانكم وحقوق الإنسان؛ فقد ذبلت، فالضحايا وأشلاء القتلى من الأطفال والشيوخ والنساء أصبح وصمة عار في جبين ما يسمى بالمجتمع الدولي، وليعلم العالم أجمع عربانا و عجمانا أن شرعية اليمني أن يعيش على أرضه صامدا في وجه المعتدي الغاشم.
إن صنعاء الحضارة وقيادتها أخذت على نفسها عهداً أن إعلانها هو الإنسان اليمني وكرامته وعزته ولا مكانة لغير ذلك في قاموسه، بعد أن فقد اليمنيون مصداقية الأمم المتحدة في تعاملها مع الجرائم والانتهاكات المرتكبة من قبل العدوان.
ومع ذلك اليمن دولة ذات سيادة تحترم كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية المصادقة عليها بشرط تفعيلها و تطبيقها في هذه الحرب المنسية، عليهم إخراجها من قوالبها الجامدة، والكيل بميكال المساواة والعدالة ، نحن مع الإعلان ونصوصه ومواده لكن بعد إحيائه وبعثه أمام هذا العدوان؛ ليقف ويحاسبه على ما اقترفته يداه الملطخة بدماء اليمنيين، وهو أمل كل حر عزير في هذا العالم ، أن يتحقق ذلك في هذه الذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان إنه قانون المحاسبة لا قانون المجاملة و قانون بترو دولار، هذا ما يأمله اليمني حتى يعيد ثقته في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ،عندما نرى قادة هذه الدول المعتدية تحاكم أمام محكمة الجنايات الدولية؛ سيتغير نظرة اليمني للأمم المتحدة، ولكل مواثيقها واتفاقياتها وإعلانها العالمي لحقوق الإنسان، أما أن يظل الحال على ما هو عليه؛ فالصمود هو الطريق الذي يسلكه الثائر اليمني المقاوم ، وليعلم الجميع أن اليمني لا يساوم على أرضه وعرضه؛ فهي غالية تراق الدماء وتسكب في سبيلها ، هذا هو اليمني، وهذه اليمن، والتاريخ يذكركم بأن اليمن مقبرة الغزاة، وعليكم استيعاب الدروس من الماضي؛ فالحاضر شاهد على كسر الغازي المعتدي وخيبة أمله، وإن غدا لناظره قريب، سيهزم تحالف العدوان وستولي علوجهم هاربة تحت نيران الصمود اليمني ،هذا هو القادم سيرسم بعزيمة يمنية ليعلم كل من تسول له نفسه الاعتداء على يمن الحضارة، يمن التاريخ والمجد، نقولها اليوم وغدا والحاضر والمستقبل، لا سبيل لكم إلا الاعتراف بأن اليمن عصية عليكم أيها الجرذان، و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
عاشت اليمن حرة أبية المجد لليمن ،الرحمة والخلود للشهداء والشفاء للجرحى .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.