أمل محمد أمين تكتب: مازال الدعم يبحث عن مستحقيه ؟!

من بين العديد من الأخبار والأحداث الهامة التي حدثت خلال الأسبوع الماضي استوقفتني حادثة انتحار أب لثلاثة أطفال بعد أن أعياه البحث عن طريقة لإيجاد مايكفي من المال لشراء الدواء لأبنائه المصابين بمرض وراثي نادر يجعلهم يحتاجون إلى مبالغ كبيرة للعلاج.
وربما تكون الفائدة الوحيدة التي نتجت عن هذا الحادث المأساوي هو التفات وزارة التضامن الاجتماعي لهذه الأسرة للتكفل بعلاج الأطفال وتضعهم ضمن أسر تكافل وكرامة.
وتسلط هذه الواقعة الضوء على واقع مرير تعيشه العديد من الأسر المصرية في دولة يصل فيها معدل الفقر إلى 32% بل من المتوقع أن يزيد وهو ما ذكره معهد التخطيط القومي في دراسة نشرها حديثا ووَضع سيناريوهات تتوقع انعكاسات سلبية متأثرة بالتداعيات المحتملة لأزمة كورونا، قد ترفع عدد الفقراء في مصر إلى 12.5 مليون مواطن خلال العام المالي 2020-2021.
وتوقعت الدراسة أن تتسبب أزمة جائحة كورونا في ارتفاع معدل الفقر في مصر، ليتراوح ما بين 5.6 إلى 12.5 مليون مواطن خلال العام المالي 2020-2021 وفقاً لسيناريوهات مختلفة.
الدراسة المنشورة على الموقع الإلكتروني للمعهد، حملت عنوان “التداعيات المحتملة لأزمة كورونا على الفقر في مصر”، استندت خلالها إلى توقعات مستويات البطالة والدخل والتضخم في تقدير الانعكاسات السلبية المتوقعة لتداعيات أزمة كورونا على معدل الفقر في مصر.
وأظهرت نتائج الدراسة أن انخفاض نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنحو نقطة مئوية واحدة يؤدي إلى زيادة الفقر في مصر بنحو 0.7 نقطة مئوية، إلى جانب أن زيادة معدل البطالة بنحو نقطة مئوية واحدة سيؤدي إلى زيادة نسبة الفقر بنحو 1.5 نقطة مئوية، في حين أن زيادة معدل التضخم نقطة واحدة مئوية يؤدي إلى زيادة نسبة الفقر بنحو 0.4 نقطة مئوية.
وبنظرة سريعة إلى الموازنة العامة للدولة نجد أن من أهم مجالات الإنفاق على الحماية الاجتماعية تمويل أكبر حركة ترقيات في تاريخ الجهاز الإداري المصري، بالإضافة إلى 7 %علاوة دورية للمخاطبين بالخدمة المدنية.
كما تضمنت موازنة 2019/2020 زيادة مخصصات الدعم لتشمل 89 مليار جنيه لدعم السلع التموينية، 5.18 مليار جنيه لصرف الدعم النقدي المتمثل في معاش الضمان الاجتماعي وبرنامجي تكافل وكرامة مع ضم 100 ألف اسرة جديدة تستفيد من برنامجي تكافل وكرامة.
فهل يكفي ضم 100 ألف أسرة لبرنامج تكافل وكرامة في القضاء على الفقر !!؟
الإجابة “لا” حيث يؤكد خبراء أن 20 % فقط من الأسر الفقيرة التي لديها أطفال تتلقى مساعدات من برنامج الدولة “تكافل”، فضلاً عن أن 3.5% من المسنين الفقراء أو المعاقين يتلقون مساعدات من برنامج “كرامة.
كما أن 73 % ممن يتلقون مساعدات تكافل من الأسر الفقيرة فعلياً، وهذا يعني أن 27 % من المساعدات تتسرب إلى غير الفقراء، بجانب أن 66 % يتلقون مساعدات برنامج كرامة من الفقراء المسنين والمعاقين فعلياً، وهذا يعني أن 34 في المئة من هذه المساعدات تذهب إلى غير الفقراء أيضاً.
ختامًا
اذا كان الفقر مرض ينتشر في بلادنا فلابد من ضرورة مراجعة المستفيدين بدقة لضمان عدم وصول الدعم لغير المستحقين، إلى جانب تأجيل الزيادة المقررة في أسعار الخدمات الأساسية وفقاً لبرنامج إصلاح منظومة الدعم، أو على الأقل إعفاء الشرائح الدنيا والمتوسطة من أي زيادات مقررة هذا العام.
ومن الضروري الإسراع بتحديث برامج الحماية الاجتماعية الحالية، بحيث تتضمن فئات أكثر مع التركيز على الفئات الأولى بالمساعدات إلى جانب دراسة أوضاع العمالة العائدين من الخارج، خصوصاً من دول الخليج العربي وتقديم دعم مباشر للمحتاجين منهم، فضلاً عن المراقبة المستمرة للأسواق ومحاولة ضبط الأسعار.
كما لا يمكن إغفال الأهمية الكبرى لمشاركة المواطن في مساعدة الأسر المتضررة فإذا كان حجم إنفاق المصريين على رحلات الحج و العمرة 2.4 مليار دولار خلال العام المالى الماضى ومع وقف أداء فريضتى الحج والعمرة لهذا العام بسبب جائحة كورونا فلماذا لا تنفق هذه الأموال على المحتاجين والفقراء وهم الأولى بالمعروف..

اخبار ذات صلة