أمل محمد أمين
اعترف أن أخبار الحوادث لم تعد تثير دهشتي.. ولا أهتم كثيرا بقرائتها بل أميل أكثر إلى أخبار الاختراعات وأعمال الخير بل تصيبني الحيرة من الاهتمام المبالغ فيه بنشر أخبار الجرائم أكثر من أخبار التضحيات والاختراعات والأعمال الإنسانية.
وتمثل الجريمة انعكاسًا قاتمًا للتشوه الذي أصاب النفس البشرية التي طغى عليها حب المادة أكثر من حب الخير ولا أعرف هل السبب في هذا التشوه هو زيادة الحضر على الريف حتى تحولت المدينة إلى غابات من الأسمنت؟! أم أن السبب انفصال الناس عن الأسرة الكبيرة ليكونوا أسر صغيرة انفصلت عن جذورها فأصبحت نوعا ما ضعيفة وهشة.
لا أملك القدرة على التحليل النفسي والاجتماعي للخروج بأسباب منطقية لزيادة حالات العنف والشواهد التي تظهر تفسخ المجتمع ..لكن ما أستطيع التحدث عنه هو تكوين الضمير البشري والذي يبدأ منذ الطفولة في البيت وتزرعه الأسرة داخل الانسان فالضمير مجموعة من المبادئ الأخلاقية التي تسيطر أو تتحكم في أعمال الشخص وأفكاره، وهو يشمل الإحساس الداخلي بكل ما هو صحيح أو خاطئ في سلوك الشخص أو دوافعه، وهو ما يدفعه للقيام بالعمل الصّحيح، فهو إحساس أخلاقي ينبع من الداخل.. ويحاول الانسان قدر المستطاع ان يحافظ على سلامه الداخلي فلا يتصرف عكس ما يمليه عليه “ضميره” حتى ينعم براحة البال.
ويحدد الضمير درجة نزاهة الفرد، وهو أعلى سلطة في الفرد؛ فالإنسان بمجرد تعرضه لأي موقف يقيّم المعلومات التي يتلقاها، ثم يحدد ضميره وبتلقائية ردة فعله إن كان خيراً أو شر.
لكن مالذي يجعل البعض لديه قيم ومبادئ صحيحة والبعض لديه إعوجاج في السلوك نتيجة انعدام الضمير؟
لكي نعرف الاجابة علينا أن نرصد البيئة التي يتشكل فيها الضمير عند الإنسان والعناصر الثقافية، والسياسية، والاقتصادية المكونة لتلك البيئة..
ولكن هل يعني هذا أن الانحراف السلوكي يزيد مع الجهل والأمية.. الأبحاث تقول نعم لكن على أرض الواقع نجد أن العالم قد يخطئ والزانية قد تتوب وهنا يحضرني جزء من كتاب قرأته للدكتور مصطفى محمود يتحدث فيه عن لحظة الاختيار الحر..تلك اللحظة التي تكون فيها وحيدًا مع نفسك بدون شهود إلا الله ..هي لحظة تُميز الضمير الواعي من المزيف.. ومن استطاع ضميره أن يقوده إلى فعل الصواب مهما كان صعبا دون الاستسلام للأهواء..
ختامًا إن تشكيل النفس البشرية منذ الثواني الأولى يتم على يد الوالدين وتحديد البيئة التي تحيط بالطفل وعليهما تقع المسئولية في اختيار الأقران فقرين الخير كحامل المسك ينشر العطر أينما ذهب.. وقرين السوء كنافخ الكير
* لا يصيبك منه الا إتساخ الملابس والرائحة الكريهة.
………………………………………………….
*الشخص الذي ينفخ تحت النار للحام الحديد..