العربي الجديد- محمد راجح تراجع إنتاج اليمن من الأسماك بنسبة تزيد على 65% بعد انخفاضه إلى نحو 60 ألف طن من 200 ألف طن إجمالي الإنتاج قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ ما يزيد على خمسة أعوام، وفق بيانات حكومية. وبحسب تقرير رسمي حديث اطلعت عليه “العربي الجديد”، خسر اليمن الذي يعاني من انهيار اقتصادي وأزمة إنسانية متفاقمة وفقر وبطالة، نحو 300 مليون دولار عائدات الصادرات السمكية سنوياً بعد تراجعها بشكل كبير إلى أقل من 40 مليون دولار من الأسماك عبر منفذي شحن شرورة في المهرة (شرق) المحاذية لسلطنة عمان، والوديعة في العبر شمال شرق حضرموت الحدودي مع السعودية. ويأتي الحصار وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية الذي تعرض له اليمن بسبب الحرب في مقدمة الأسباب، إلى جانب تأثير الحرب وقصف طيران التحالف والذي تسبب في تهجير الصيادين، إضافة إلى أزمات الوقود وارتفاع التكاليف اللازمة لتشغيل قوارب الصيادين، وتوقف استثمارات القطاع الخاص في هذا القطاع بعد إغلاق منافذ التصدير. ويتعرض الصيادون اليمنيون لاعتداءات متواصلة في عرض البحر، خصوصاً في السواحل الغربية من البلاد، آخرها ما حدث الأسبوع الماضي في جزيرة حنيش اليمنية من اختطاف واحتجاز صيادين يمنيين ومصادرة قواربهم. واتهمت الحكومة اليمنية السلطات الإريترية بالقيام باعتداءات متكررة بحق الصيادين اليمنيين، إذ دعا وزير الثروة السمكية فهد كفاين إريتريا لإطلاق سراح صيادين يمنيين والتوقف عن الاعتداء عليهم. وبحسب مسؤول في الاتحاد التعاوني السمكي الحكومي، فضّل عدم ذكر اسمه، فإن هناك امتهاناً كبيراً يتعرض له الصيادون في اليمن في آخر ثلاث سنوات من الحرب في مختلف مناطق الاصطياد وخروج أغلبها عن السيطرة الحكومية الرسمية نظراً لتحكم التحالف وسيطرته على معظم المنافذ البحرية اليمنية. وأضاف المسؤول لـ”العربي الجديد” أن ذلك أثر كثيراً على إنتاج اليمن من الثروة السمكية. في السياق، اتهم خبراء يمنيون السعودية والإمارات بتدمير ممنهج لبيئة الجزر اليمنية منذ بداية الحرب في اليمن، وخاصة في أرخبيل حنيش. وبحسب الخبير القانوني في الصيد البحري، عادل محمود، فإن هناك تجريفاً متواصلاً للثروة البحرية اليمنية من قبل التحالف وجميع أطراف الحرب في اليمن، إذ تعد “الألغام البحرية” كما يوضح محمود لـ”العربي الجديد” من ضمن العوامل التي ساهمت في تفريغ مناطق الاصطياد في المياه اليمنية وهروب الأحياء البحرية والأسماك وتهجير الصيادين عن مناطق عملهم في الصيد البحري. ويلفت الناطق الرسمي باسم لجنة الاعتصام الرافضة للوجود السعودي في المهرة، علي بن محامد، إلى قيام التحالف بالاستيلاء على بعض موانئ الاصطياد واستخدامها لأغراض خاصة مثل ميناء “نشطون”، إضافة إلى توسعها، وفق حديثه لـ”العربي الجديد”، في الشريط الساحلي للمهرة. ويعد القطاع السمكي من أكثر القطاعات الاقتصادية المتضررة من الحرب الدائرة في اليمن، إذ تعرض هذا القطاع لأضرار طالت الأسماك والأحياء البحرية والصيادين والقوارب والموانئ والمصائد والمؤسسات. وأظهرت بيانات حديثة اطّلعت عليها “العربي الجديد” تضرر 26 ميناء إنزال سمكي من إجمالي 30 ميناء، في سواحل البحر الأحمر، ولم يعد يعمل منها سوى 4 موانئ إنزال فقط، كما توقفت 56 شركة ومصنعاً ومعملاً كانت تعمل في تجهيز الأسماك وتصديرها للخارج، وتم تدمير 14مصنعاً حكومياً للثلج بشكل كلي. كما تسببت الحرب في تراجع الصيد التقليدي في تعز والحديدة بنسبة 75%، وتراجع عدد المستفيدين من الصيد البحري إلى أقل من 20%، إضافة إلى أن حظر نشاط الصيد التقليدي في 12 منطقة بحرية منذ اليوم الأول للحرب، تسبب بحرمان أكثر من 510 آلاف صياد تقليدي يمارسون مهنة الصيد في سواحل البحر الأحمر من ممارسة أعمالهم. وتشير آخر إحصائية صادرة عن وزارة الثروة السمكية قبل الحرب إلى أن هناك 90 ألف صياد مرخص يعملون في اليمن، 60% منهم يملكون قوارب صيد، بينما يعمل الباقون مقابل أجر يومي. وعزت دراسة صادرة عن مركز صنعاء للدراسات، اطلعت عليها “العربي الجديد”، جزءاً كبيراً من مشاكل القطاعات الاقتصادية إلى الحرب وانتقال وزارات الحكومة اليمنية، مثل الثروة السمكية، من صنعاء إلى عدن (جنوب) عام 2016، الأمر الذي أدى إلى بروز عدة تحديات أمام التواصل مع البلدان المستوردة. وأدت هذه التحديات التي تواجه القطاع، وكذلك الاعتماد على الطرق البدائية في إدارته، إلى تردد الجهات الفاعلة في القطاع الخاص عن الاستثمار في تطوير قطاع الأسماك في اليمن.