حاوره : طلال سفيان / لا ميديا -نجم فريد ملأ سماء الحالمة والوطن بإبداعات كروية في ساحة الملاعب.
حسين مسعد، النجم الذي لمع بقوة في أروقة الصحة والشعب، والمدافع الذي منع مرور المهاجمين في مربعه الآمن، والجندي الذي قدم خدمات لا تنسى للوطن.
ملحق صحيفة «لا» الرياضي التقى هذا اللاعب الفولاذي ونبش معه أوراقاً من دفتر ذكريات الزمن الجميل، زمن الفرسان.
مرحبا كابتن!
– مرحبا بك وبصحيفة “لا” المثابرة على نبش ذاكرة قدامى الرياضة اليمنية.
بدأت مع قلب الأسد
كيف بدأت قصتك مع الرياضة؟
– بدأنا في حارة السواني بمدينة تعز من خلال تشكيل فريق في الحارة باسم “عاشور قلب الأسد” مع مجموعة من اللاعبين كـ علي الورقي واسماعيل محمد صالح وفيصل عطية… وفي مطلع السبعينيات جاء حميد عنتر لمشاهدة مباراة كنا نلعبها وأعجب بلعبنا وقام بأخذ علي الورقي للعب لفريق الصحة, وبعد ذلك تم ضمي مع اسماعيل صالح وابن الرصاص وأمين الطولقي ومحمد العجيري وعبدالكريم للفريق الثاني للصحة، وكان يدربنا أحمد جسار ومحمد المقيبعي، وكان الأخير من أفضل اللاعبين في تعز. وفي إحدى المباريات التي جمعت الصحة وشعب صنعاء وتحديداً في العام 1971 غاب عبده جحيش ولعبت بديلاً عنه في مركز الدفاع وتألقت في المباراة وكان إعجاب الجمهور بأدائي الحافز الرئيسي للعب ضمن الفريق الأول للصحة.
ماذا عن حظوظك بالنسبة للعب مع المنتخبات؟
– مثلت منتخب تعز ولعبت معهم 5 مباريات, وتوجت بكأس أفضل مدافع مع الصحة وسلمه لي محسن اليوسفي محافظ تعز حينها. كما لعبت مع منتخب صنعاء في مباراة جمعتنا مع منتخب جمهورية الصين الشعبية.
شكلت فريق المظلات
وكيف جاء انضمامك لنادي الشعب في العاصمة؟
– جئت إلى صنعاء بعد إلحاح نجم كرة الطاولة أحمد زايد عندما كنا في الحديدة, وبدأت أتدرب مع أهلي صنعاء، وكنت أقيم في سكن أولاد عبدالرحيم بشارع جمال، وهم من أخذوني وقاموا بتسجيلي ضمن قوات المظلات. وعندما عرف قائد المظلات عبدالله عبدالعالم بأني لاعب كرة قدم طلب مني تشكيل فريق كروي لقوات المظلات وتدريب الفريق وقمت بجلب وتسجيل العديد من اللاعبين الأشبال وفعلاً ضممت المرحوم عبدالحميد الشاوش وعلي العبيدي ومحمود أبو غانم وخالد الناظري وعيال رسخان… وأخذنا مع المظلات المركز الثاني في دوري القوات المسلحة. وفي تلك المباريات شاهدني عبدالكريم الخميسي وطلب مني اللعب لنادي فلسطين ولعبت معهم وكنت من اللاعبين المخضرمين في فريق فلسطين, لكن لم تمض فترة بسيطة للعبي لنادي فلسطين حتى طلب مني عبدالله عبدالعالم الانضمام لنادي شعب صنعاء أثناء رئاسته للنادي، ولعبت مع الشعب في بطولة سداسية جامعة صنعاء وكان الفريق يضم كوكبة من النجوم أبرزهم جواد محسن وسالم عبدالرحمن ومضر السقاق وحلمي وحليم. وبعد نصف موسم من لعبي للشعب قابلت رئيس نادي أهلي تعز، الحاج محمد القصوص، في العاصمة، وقال لي: أنت من أبناء تعز، عيب تتركوا أندية مدينتكم! وأعطاني 600 ريال، ثم ذهبت لمعسكر المظلات وأخذت ملابسي وعدت إلى تعز للعب مع الصحة، وكان الفريق حينها في أوج قوته، وبالذات مع قدوم عبدالعزيز القاضي وأحمد عبدالعزيز من جيل الحديدة للعب مع الصحة.
أطباء “الجمهوري” دعموا “الصحة”
ممكن تحدثنا عن مرحلة تأسيس الصحة؟
– الصحة تأسس في الستينيات وكان سابقاً يسمى الهلال، وأصبح بعدها نادي الصحة، وكان يلعب له سعيد بن سعيد وعبده أحمد أبو الذهب ومحمد المقيبعي والمصباحي وأحمد جسار وصالح سالم والحالمي وحميد عنتر، وبعدهم جاء علي الورقي وعبدالله عتيق وسعيد محمد ناجي الذي ذهب للعب لصالح أهلي تعز، وكذلك الدكتور عبدالرحمن خورشيد والدكتور علي الدميني وصالح القاضي وفارس عبدالقادر وجلال ثابت ومحمد سعيد غالب السوائي وأشقاء اللاعب حيد علي ناجي ومحمد صالح النهاري والد اللاعب أرسلان نجم فريق الطليعة.
كان الصحة من أقوى الفرق في المحافظة وعلى مستوى الوطن، وكان يلعب معنا أطباء المستشفى الجمهوري من يمنيين وأجانب أهمهم الدكتور بارنيلو. ومن المهم أن يعرف الكثير أن تسمية الفريق بالصحة كانت بسبب الاشتراكات التي كان يدفعها كادر المستشفى للفريق، وهي مبلغ “ريال إلا ربع” كاشتراكات شهرية، وهي ما جعل فريقنا في حالة مادية جيدة, وكان مدراء مستشفى الجمهوري يتولون رئاسة النادي وإدارته، منهم علي حمد وعبده جحيش وحميد عنتر والحيمي.
كم بقيت في الصحة؟ وبماذا اشتهرت؟
– بقيت ألعب مع الصحة 11 موسما, واشتهرت كلاعب مدافع يرفع شعار “ممنوع مرور المهاجمين”, حتى في مباراة لنا مع أهلي صنعاء خرجت صحيفة “الثورة” بمانشيت “أهلي صنعاء يواجه حسين مسعد”. وعندما كنت أتغيب عن أي مباراة للصحة كان الفريق يخسر بالخمسة. وفي الصحة حزت على كأس أفضل مدافع وسلمه لي محسن اليوسفي محافظ تعز حينها. كما لعبت معهم ضد فريق ابير الجيبوتي وخسرناها بهدف وحيد.
أسباب تدهور “الصحة”
ما سبب تدهور فريق الصحة وخروجه من المشهد الكروي اليمني باكرا؟
– السبب عدم الانضباط بين اللاعبين بالإضافة للإدارة الجاثمة عليه. كان الفريق من أقوى الأندية في تعز واليمن خلال حقبتي الستينيات والسبعينات, ومع إقامة أول تصفيات للأندية التي ستمثل الدوري اليمني للدرجة الأولى في موسمه الأول عام 1979, ولعبنا آخر مباراة أمام الصقر على الصعود أو الهبوط, وقبل اللقاء أصبت بتمزق عضلي وأخبرتهم بأني لن ألعب المباراة فرد اللاعبون: إذا لم تلعب فلن نلعب المباراة، ورضخت وطلبت أن يضربوا لي حقنة ونزلت للملعب وأثناء ما كانت الكرة في قدمي أصابني تمزق عضلي وفقدت القدرة على الحركة ليأخذ مهاجم الصقر عبدالناصر الحلالي الكرة من بين قدمي وأسكنها في شباك فريقنا ليتأهل الصقر للأولى ويهبط الصحة للدرجة الثانية وخرجت من المباراة، وأنا أذرف الدموع وانقهرت وأحبطت من الرياضة. ثم جئت صنعاء وتعرضت لحادث مروري ادى إلى إصابتي بكسر في قدمي وعند شفائي مارست لعب الحديد وألعاب قوى وكنت بطل في مسافة 100 متر.
واجهت جمهور الصقر بالرصاص
موقف ظريف مازال عالقاً في ذاكرتك؟
– هناك موقفان: الأول عندما أتى عساكر الحلالي وقبضوا عليّ أثناء تواجدي في نادي الصحة وأودعوني سجن الاحتياط بسبب بلاغ من قوات المظلات بأني فار من المعسكر, وثاني يوم حضر الأفندم اسماعيل صلاح رئيس نادي الطليعة وقال لي: يا حسين أنا مستعد أخرجك بس بشرط أنك تلعب مع نادي الطليعة! فوافقت ولعبت للطليعة مباراتين.
الثاني: عندما خضنا لقاء مهماً مع الصقر على ملعب أهلي تعز في مفرق الجند, وفوجئنا بأن الصقر استعان بـ11 لاعباً من جنوب الوطن وعلى رأسهم الهرر, وبسبب جديتي وعنفي الزائد في مركز الدفاع عرقلت اللاعب محمد صالح حتى أنه ارتفع عالياً للجو, فقام جمهور وإداريو الصقر برفع الجنابي وحاولوا الاعتداء عليّ, ليأتي نحوي لحظتها أحمد زيد الشريف وأعطاني مسدسه فقمت بإطلاق الرصاص في الهواء، وهو ما جعل الجمهور يفر من الملعب, وبعدها جاء الحاج القصوص وأخذ المسدس من يدي, وثاني يوم نزلت صحيفة “الثورة” خبراً عن إيقافي من اللعب لمدة عامين, وجئت للعاصمة وقابلت وزير الشباب والرياضة الدكتور أحمد الكباب وأخبرته عن الظلم الذي لحق بي من القرار, فطلب تقريراً من الحكم وأخبره الحكم بالأمر وأني كنت معرضاً للقتل فقام الكباب بإعفائي من الإيقاف، وأول ما نزلت لتعز وذهبت للنادي احتفل بي الفريق بشكل كبير.
ما الفرق بين رياضة زمنكم ورياضة اليوم؟
– كنا نلعب لأنديتنا وللجمهور ولأنفسنا بإخلاص وحب، وكانت الأندية بيتنا الأولى. نعم، كانت الأندية تمثل مدرسة للتعليم والثقافة والأدب إلى جانب الرياضة, تخرج من الأندية طيارون ودكاترة ومهندسون, كذلك كانت الحركة الكشفية في تعز في أوج مجدها ومنها عرفنا الأخوات أمة العليم السوسوة وأمة الرزاق علي حمد وأمل الباشا وجميلة علي رجاء ورمزية الإرياني… أما رياضة اليوم أصبحت عبارة عن مادة وحلاقة تايسون.
بماذا خرجت من الرياضة؟
– لم تعطني شيئاً، بل وأصبحت مجرد عذاب تاريخي للقدامى.
كابتن، هل من كلمة أخيرة؟
– أتمنى أن ترجع بسمة من الزمن الجميل الذي عشناه حتى ليوم واحد، حتى أموت وأنا مرتاح.