هل تستهدف إسرائيل قادة ح-م-ا-س في مصر.. مخطط استخبارات إسرائيلي والقمة الإسلامية الخليجية ارتضاء الواقع واستمرار الوساطة

★بيروت ـ أحمد موسى

لم يكن الإنزال الإسرائيلي الأخير في منطقة جبل المانع في ريف دمشق مجرد عملية عسكرية عابرة ، كما أنه ليس مؤشراً خطيراً – كما تردد – على مواجهة محتملة بين إسرائيل وتركيا ، لقد سبق ذلك عملاً أمنياً استخبارياً نفذته وحدة خاصة في الموساد الإسرائيلي داخل العمق السوري مسّ الوجود الأمني الاستخباري التركي في سوريا ، لم تكشف تفاصيله كما لم يؤدي إلى مستوى المواجهة ظل غامضاً لم يتعدى الكلام المختزل الروتيني لجهة التأييد لفلسطين والمندد بتصرفات إسرائيل العدوانية ولن يتجاوزه ، ومؤخراً الجيش الإسرائيلي أعلن عن تنفيذ عملية عسكرية خاصة شرق العاصمة السورية دمشق بعمق 38 كيلومتراً داخل الأراضي السورية ومصادرة عدد من الأسلحة والآليات وكل ذلك بموافقة أميركية كاملة لإسرائيل للتحرّك في لبنان وسوريا.

وسعت إسرائيل هجماتها في العمق العربي ، استهداف متكرر لليمن ، تجاوز استهداف الحوثيين ، وصل إلى المؤسسات الرسمية لدولة اليمن ، رئاسة الحكومة ومبنى وزارة الدفاع ومنشآت رسمية أخرى ، لم تحرك حمية العرب ، استهدفت تونس ، والعرب صم بكم ، وصل الأمر إلى الخليج العربي ، فاستهدفت قطر وعاصمتها الدوحة جوًاً في عملية جوية قادتها عشر طائرات حربية إسرائيلية بينها F35 إضافة إلى خمس طائرات كانت تواكب وتؤمن الحماية واللوجستي للطائرات المهاجمة ، التي استهدفت مقار قادة ح-م-ا-س السياسيين (المفاوضين) ، والأرض القطرية كانت وحدة من الكومندوس الإسرائيلية بينها أفراد من الوحدة 8200 الإستخبارات الخارجية ، كانت رديفة للعمل الجوي لكنها في الدقائق الأخيرة ألغت مهمتها.

وفي السياق ، عملية استهداف الدوحة وفي الميزان العسكري والتخطيط الأمني لم يكن إسرائيلياً بمعزل عن أمريكا ، فقطر تضم أكبر قاعدة عسكرية أميركية على مستوى الشرق الأوسط والخليج العربي ، إذ لا يمكن تجاوز المجال الجوي القطري وأبعد ، فشبكة الدفاعات الجوية لقاعدة العديد هي من أهم وأدق وأخطر الدفاعات الجوية الأميركية ، فهي كانت منطلقاً وإدارة وتوجيهاً في ضرب إيران والمنشآت النووية الإيرانية ، وبالتالي دخول المجال الجوي القطري مستحيلاً دون تنسيق وموافقة مسبقة إذا لم تكن مستحيلة ، وبالتالي يستحيل أي خرق أمني لقطر تحديداً ولدول الخليج عامةً ، وأيضاً فإن استهداف قيادة ح-م-ا-س لم يتجاوز تنفيذه الدائرة الجغرافية لدولة قطر بمدنها وشوارعها وأرضها وجغرافيتها ، إدارة وتخطيطاً وتنفيذاً وقاعدة العديد شاهدة ، فالطائرات هويتها معروفة ومنطلقها معروف والتوجيه والاحداثيات لم تتجاوز “العديد” ، فاستهداف قادة ح-م-ا-س في قطر لم يتجاوز المنفذ علماً واستكشافاً ومتابعةً حتى لحظة الاستهداف ، فالواشي والمنفذ واحد لا ثالث لهما ، وإن كان الاستهداف هو استهداف للوسيط نفسه ولن يكون بمقدوره التحرك بل السكوت والرضوخ والبهرجات المؤيدة ، والقمة الإسلامية الخليجية لن تخرج بأبعد من التضامن والاخضاع والتأكيد على استمرار الوساطة المقتولة.

لقد أرادت إسرائيل من استهداف قطر أن لا دولة عربية أو خليجية أو غيرها لن تصلها يد الدم الإسرائيلية ، فهي كشّرت عن أنيابها وستقضم وتلتهم من تريد ، فالعين على مصر وستقبل المطوعة ، أما استهداف قادة ح-م-ا-س المعنيين بالتفاوض ، فهي ارادت قتل المفاوضات ودفنها في مهدها ، تماماً لاستمرار التهجير في فلسطين وليس فقط في غزة ، وهو أمر لا يسقط إسرائيل أفرج أم لم يفرج عن أسراها ، فسقوطهم أسوة بمن سقطوا ، قالها نتنياهو “سنقتلكم حيثما وجدناكم وفي أي بلد لجأتم يدنا ستطالكم وسنحاسبكم”.

إذا إسرائيل ترفض التفاوض والسلام المزعوم وجهان لاستمرار التمدد الإسرائيلي رهناً بتحقيق وعودها التلمودية ، فطالما التشتت والتفرقة السمة الحقيقية في مواجهة تحقيق “الوحدة العربية” لا يمكن ولا يحق لإسرائيل التنازل عن تحقيق نبوءاتها التوراتية المزعومة ، فهي أنشأت لهذا الغرض ، ووجدت لتحقيق موجباته ، ووعود ترامب في تحقيق السلام وانهاء الصراعات العسكرية مخالفة لتحقيها وهو رئيس للولايات المتحده الأميركية ، وما لم يستطع تحقيقه أسلافه يعمل ترامب على ذلك.

أما في لبنان ، الوضع مختلف وعلى عكس محللي السياسة ، فإن إسرائيل ليس صحيحاً أنها مع تنفيذ القرار الأممي 1701 ، والقرار 425 وغيره من القرارات ذات الصلة بالصراع العربي لم تلتزم بها بل ضربتها عرض الحائط وكأنها تقول: “بلوها واشربو ميتها..”. لم تتمدد إسرائيل في أرض لتخرج منها ، ولم تنشء موقعاً لتتخلى عنه ، ولم تتوغل وتتوسع في بلد لتعيده لأصحابه ، طالما اعتمدنا على الأمم المتحدة الأمريكية والمجالس الاممية طالما محكومة من اليهود والامريكان ، فالاسد لا ينتظر الفريسة بل ينقض عليها.

وإسرائيل توغلت وتوسعت وتتوسع في منطقة تسمى جنوب الليطاني ، وهي تريد التوسع عميقاً لسبع كيلومترات على كامل الحدود اللبنانية الفلسطينية ، تُشيّد المواقع العسكرية الضخمة وتدعمها ، واتخذت من 13نقطة وليس خمسة كما يدعي الآخرين ، ولن تتخلى عنها ، كما أنها ليست فقط لن تتخلى بل تستميت لجعل منطقة جنوب لبنان وكل لبنان منزوع السلاح يتيماً ذليلاً خاضعاً ، وهذا ما تعمل عليه مبعوثة ترامب اورتيغوس ومساعدها باراك ، والقيادة السياسية في لبنان تتماهى مع المطالب الأميركية الإسرائيلية ، هو تحقيق القرار 1701 المقنع بالأوامر الإسرائيلية ما يعيدنا إلى حقبة الثمانينات.

إذا نحن نخوض صراع البقاء والتبعية المغلفة بتحقيق بعض الاستقراءات الولادة للشعوب الراضخة والمرتضية لسيدها في زمن الاستعلاء والكذب السياسي.

اخبار ذات صلة