بقلم المستشار / جمال عبد الرحمن الحضرمي
من المعروف ان نسبة مساهمة القطاع الصناعي من الناتج المحلي الإجمالي بدون الصناعة النفطية نحو 20 بالمائة عام 2010م لتصل إلى 6 بالمائة في عام 2021، بعد ان أغلقت العديد من المعامل والمصانع بسب الحرب والعدوان وتراجع المنتج المحلي بل والتركيز على تلبية الطلب من السوق الخارجية وهذه النسبة الهزيلة كيف يراد لها تغطية الطلب المحلي من السلع والبضائع لسكان ناهز الأربعين مليونا .. أي عقل تدار به وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار في بلد متأخر كاليمن وفي صنعاء أصدرت وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار قرارًا يقضي بحظر استيراد بعض المنتجات التي يتم تصنيعها محليًا، وذلك بهدف حماية الصناعة الوطنية وتشجيع الإنتاج المحلي، ويهدف هذا القرار إلى توطين بعض الصناعات وتقليل الاعتماد على الاستيراد، بالإضافة إلى تعزيز الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل، ووفقًا للقرار سيتم توطين عدد من السلع التي كانت تستورد سابقًا، وسيتم توجيه المستوردين إلى الجهات المختصة للاطلاع على تفاصيل القرار وموعد بدء سريانه، من بين السلع التي يشملها القرار: (منتج المانجو في محافظة الحديدة (بدءًا من مارس 2025)، وأسطوانات الغاز المنزلي (تم توطينها بنسبة 100% بدءًا من 1 أبريل)، بالإضافة إلى الروتي والبرجر والكرواسون والمخبوزات الجاهزة،) ويشمل القرار (سلع الألبان الجاهزة المعلبة السائلة، العصائر غير الطبيعية “الشراب المنكه”، المياه المعدنية الصحية، المناديل الورقية، الإسفنج الجاهز، الأعمدة الحديدية، المجلفنة، الأنابيب والمواسير الحديدية المجوفة، المنتجات المسطحة من حديد الهناجر، والجنابي والأحزمة المستخدمة للعسوب) ويبرر ذلك بهدف دعم الصناعات المحلية وتوسيع نطاقها، بالإضافة إلى خفض فاتورة الاستيراد وتشجيع الاستثمار المحلي ، ويتضمن أيضاً تقييد كميات الاستيراد وتعديل التعريفة الجمركية والاستيفاء الضريبي بصورة مقطوعة على بعض السلع المستوردة التي لا يوجد لها مثيل محلي يغطي جزءاً كبيراً من احتياج السوق ابتداءً من أول يوليو 2025.
وترى الغرفة التجارية بأمانة العاصمة صنعاء أن هذه القرارات تثير حفيظة التجار والمستوردين، ووصفوها بقرارات “خنق” الاستيراد، مؤكدين أن الصناعة الوطنية ضعيفة وغير قادرة على سد احتياجات السوق، غير أن الصناع وعلى رأسهم الغرف التجارية –الصناعية والمستثمرين، أكدوا عدم رضاهم في بيانات اصدروها، مؤكدين أنها تأتى في إطار خنق الاقتصاد والنشاط التجاري الذي هو مخنوق من قبل جهات إيرادية مختلفة.
ونرى أن البديل المناسب هو تحفيز الإنتاج المحلي من خلال إصدار قانون بتفضيل المنتج المحلي في إعطائه امتيازات مختلفة بدلا من خنق الاقتصاد وإغلاق أبواب المنافسة والجودة مثل إعطاء الأفضلية في العقود الحكومية، مشيرا إلى أهمية الاعتماد على المنتجات الوطنية في عقود الشراء وعقود المشروعات التي تبرمها وحدات الجهاز الإداري للدولة من وزارات ومصالح وأجهزة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة وشركات القطاع العام وشركات قطاع الأعمال العام.
إنه من الواضح أن هناك نقل للتجربة العراقية أو المصرية أو الجزائرية ولكن بدون فهم وقراءة لواقع الاقتصاد اليمني ومعرفة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي، كما ان ظروف الإنتاج الصناعي وحاجته الى توفير الطاقة بأسعار رخيصة وتحقق الجودة ومنافسة السلع المستوردة من السلع والبضائع الأجنبية هي الطريق الصحيح لبناء اقتصاد قوي بدلا من اقتصاد يحمي فئة عاجزة عن المنافسة والإبداع ان هذا القرار يضع العربة قبل الحصان.
ويرجع هذا الى فكر مفهوم حماية المنتج الوطني والذي لا يحقق النجاح المنشود في المنافسة والتصدير مستقبلا، ان اتخاذ إجراءات للحد من عشوائية الاستيراد امر حسن ولكنه بحاجة الى دراسة حقيقية وليس ارتجال في اتخاذا القرارات بما يحقق مصالح لفئة ناشئة في الاقتصاد الوطني.
فمن المهم البدء بتسجيل المصانع والشركات الموردة، ومعرفة مدى تأثيرها على العديد من الصناعات، التي يراد لها توقيف الاستيراد لمنتجاتها من الخارج
إنه من الضروري أن تسعى الدولة إلى الموازنة بين الحماية والتحرير في هذا المجال في إطار حماية المنتجات الوطنية بهدف بناء اقتصاد وطني متكامل، وفي ظل رغبتها في الانضمام إلى نشاط تجاري عالمي مستقبلا يلتزم بتكتل اقتصادي دولي قائم على مجموعة من المبادئ والقواعد الواجب احترامها من قبل الدول الأعضاء، حتى لا يثار إشكالية توافق أم تعارض هذه التدابير الوطنية مع المعايير والمبادئ الدولية للمنظمة العالمية للتجارة في هذا الشأن التي وقعت بلادنا على برتوكولاتها وبما يخدم مصلحة اليمن أولا ، فهل من عاقل يراجع اصدار القرارات والتوجيهات قبل خروجها ام ان ذلك يتم بدون تخطيط او برمجة والتي يجب ان تسود بدلا من الارتجال والنرجسية الإدارية على حساب الوطن والمواطن أعيدوا وزارة التخطيط والتنمية بدلا من الغائها ، والغوا وزارة الصناعة إن شئتم حتى تتواجد صناعة حقيقية في اليمن والله من وراء القصد .