أمل محمد أمين تكتب: كيف نحمي أطفالنا من الذكاء الاصطناعي؟

في عصر تتسارع فيه التقنيات بشكل غير مسبوق، أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) جزءًا من حياتنا اليومية، يتسلل إلى ألعاب الأطفال، وتطبيقاتهم، وتعليمهم، بل وحتى تفاعلهم الاجتماعي، وبينما يوفر AI فرصًا تعليمية مذهلة، إلا أنه يحمل أيضًا مخاطر كبيرة إذا لم يُستخدم بشكل واعٍ، خاصة من قبل الأطفال والمراهقين.

فالسؤال اليوم لم يعد: “هل يتعامل أطفالنا مع الذكاء الاصطناعي؟”، بل أصبح: “كيف نحميهم من مخاطره؟”

وتتعدد المخاطر بين تزييف الصور وأحيانا تهديد المراهقين ومؤخرا انتحر أحد الأطفال لأن أحد الأشخاص زيف صورة له وابتزه أن يرسلها لأبويه إذا لم يدفع له فقام الطفل بالانتحار لأنه لم يتحمل الضغط عليه.

ومن هنا علينا أن نستخدم عدة طرق لحماية الأطفال منها:

أولاً: التوعية والتثقيف

الخطوة الأولى في الحماية تبدأ من الفهم، يجب أن نشرح للأطفال – بلغة تناسب أعمارهم – أن الذكاء الاصطناعي ليس بشريًا، ولا يفهم الخير والشر كما نفعل، يجب أن نوضح أن بعض “الروبوتات الذكية” قد تعطي معلومات خاطئة أو تروّج لسلوكيات غير سليمة، وأن ليس كل ما يظهر على الشاشة حقيقي.

وهنا نؤكد على أهمية التثقيف حول الأخبار الكاذبة، الصور المزيفة، والمحتوى الخطير ضرورة، وليس ترفًا.

ثانيًا: المراقبة الأبوية الذكية

ومن المهم أن نكون على علم بما يستخدمه أطفالنا من تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مثل روبوتات المحادثة (ChatGPT، Character.AI)، وتطبيقات توليد الصور (Lensa، Remini)، وغيرها.

استخدام أدوات الرقابة الأبوية الحديثة يساعد في:

تحديد وقت الاستخدام.

وبالتالي من الضروري

حجب التطبيقات غير المناسبة ومراقبة المحادثات أو الصور التي يُنشئها الطفل أو يشاركها.. لكن الرقابة وحدها لا تكفي، فهي يجب أن تكون مصحوبة بالتواصل والثقة.

ثالثًا: ضبط المحتوى وتوجيه الاستخدام

الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة قوية للتعليم إذا استُخدم بشكل صحيح، لذلك من المهم:

منع أو تقييد التطبيقات التي تولد محتوى غير مراقب أو تفاعلات وهمية.

وكذلك تشجيع الأطفال على استخدام تطبيقات تعليمية معتمدة، مثل:

Google for Education

Khan Academy with AI tools

ويوجد أدوات تعلم البرمجة للأطفال (مثل Scratch)

رابعًا: تعليم المهارات الرقمية الناقدة.

الحماية الحقيقية لا تأتي من الحظر، بل من التفكير النقدي، علم طفلك أن:

ليس كل ما يراه أو يسمعه من الذكاء الاصطناعي صحيح أو واقعي.. واشرح له بعض الصور أو الفيديوهات “المزيفة” قد تبدو حقيقية لكنها مُصنّعة، وأن عليه دائمًا التحقق من المعلومات، وعدم مشاركة معلوماته الشخصية أو صوره بسهولة.

خامسًا: تعزيز القيم الإنسانية والأخلاقية

يجب أن يدرك الطفل أن الذكاء الاصطناعي لا يملك مشاعر حقيقية، ولا يمكن أن يكون صديقًا بديلاً عن الإنسان، علّمه أن الرحمة، التعاطف، والصدق هي صفات إنسانية لا تُستبدل بروبوت أو تطبيق.

كما يجب توعيته بخطورة مشاركة البيانات الشخصية والصور مع تطبيقات قد تخزّنها أو تُسيء استخدامها لاحقًا.

مخاطر يجب الانتباه لها:

بعض تطبيقات AI تُولّد محتوى عنيف أو جنسي دون رقابة كافية، ومنها التزييف العميق (Deepfake)   يمكن تركيب صور أو فيديوهات لأطفال دون علمهم.

علينا التنبيه من مخاطر الاعتماد العاطفي على الروبوتات فبعض الأطفال يتعاملون مع روبوتات الدردشة كأصدقاء حقيقيين.

وهناك مخاطر فقدان الخصوصية من تخزين البيانات الشخصية أو المحادثات في خوادم غير آمنة.

من هنا نرى إن الذكاء الاصطناعي ليس عدوًا بالضرورة، لكنه مثل النار: إما أن نُحسن استخدامه فنستفيد منه، أو نتركه دون رقابة فيحرقنا، حماية الأطفال من مخاطره لا تعني عزله عن التكنولوجيا، بل تعني توجيهه، توعيته، ومرافقته في رحلته داخل هذا العالم الذكي الجديد.

فلنكن نحن “الذكاء الحقيقي” الذي يسبق الذكاء الاصطناعي في حياة أبنائنا.

اخبار ذات صلة