بقلم/ فيصل مكرم
المشهد في قطاع غزة جحيم حقيقي يخاطب العالم بأن العدالة والحقوق والكرامة الإنسانية لاوجود لها في قاموس الكيان الإسرائيلي المحتل ، فخلال 15 شهراً من الحرب والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ارتكب جيش الاحتلال أكثر من 900 جريمة إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني في القطاع أسفرت عن استشهاد وإصابة نحو 160 الف فلسطيني منهم نحو 70 في المئة أطفال ونساء ودمرت إسرائيل أكثر من 90 في المئة من منازل سكان القطاع البلغ مليونين ونصف المليون ، وقصفت غالبية المستشفيات ومراكز الخدمات الأساسية ، وهدمت المدارس والجامعات والمساجد والكنائس ، ولاتزال تحاصر سكان القطاع وتمنع عنهم المساعدات والمواد الإغاثية الإنسانية وتقصف خيام النازحين وتقتل الأبرياء كل يوم دون توقف.
ولا أعتقد بأن التاريخ المعاصر شهد على جحيم بشري مثلما تفعله حكومة الكيان بقطاع غزة وسكانه ، وأمام مرأى ومسمع العالم، يرقص الجنود الإسرائيليون على جثث الشهداء وأشلاء الأطفال والنساء ويتباها نتنياهو بانتصارات يحققها في غزة دون رادع أو ضمير إنساني، فقد جبل هذا الجيش على القتل والتوحش مخالفاً لكل قوانين العدالة الإنسانية والقرارات الدولية وقرارات محكمة العدل الدولية التي أقرت بارتكاب إسرائيل جرائم إبادة عنصرية بحق الفلسطينيين في غزة ، وتقريباً كل دول العالم تدين جرائم الكيان وتستهجن تعطشه للدماء ، وعقيدته التوسعية الدموية.
تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية تؤكد بأن قطاع غزة أصبح منطقة خطر على الحياة البشرية في الكوكب ، وحين تشاهد أشلاء الأطفال محترقة بقنابل إسرائيل ، ومعاناة النازحين في خيام مهترئة ومزدحمة ، وتفشي الأمراض والأوبئة وهي تفتك بالأطفال والرضع والنساء ، وحين تسمع بكاء الأمهات الثكلى والأطفال اليتامى واستغاثة الناس بمختلف أعمارهم ، يسألون أين ضمير العالم، أين هي العدالة الإنسانية وأين هي مواثيق حقوق الإنسان؟ ، وإلى متى ستستمر إسرائيل في غطرستها وتوحشها ودمويتها دون رادع؟ ، وإلى متى سيكون على هذا الشعب الفلسطيني أن يقدم التضحيات حتى ينال حقوقه في وطن آمن وحياة كريمة أسوة بكل البشر وكل الشعوب والأمم؟
وفي غياب الإجابة الشافية لهذه الأسئلة، ومع عدم وجود بصيص ضوء في نهاية النفق الفلسطيني يفاجئنا الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بإطلاق تهديدات نارية بفتح أبواب جهنم على الفلسطينيين وقطاع غزة ما لم يتم إطلاق الرهائن الإسرائيليين قبل تنصيبه ووصوله إلى المكتب البيضاوي.
فعن أي جحيم يتحدث الرئيس ترامب ، الشعب الفلسطيني يكتوي بنيران إسرائيل ومآسي الاحتلال والمعتقلات منذ ثمانية عقود ولم تحقق لهم الشرعية الدولية والعدالة الإنسانية أيٌّ من حقوقهم في إقامة دولتهم ولم تمنع عنهم الظلم ولم تدافع عن حقوقهم المشروعة كبشر يستحقون الحياة.
صفقة إطلاق الرهائن بين المقاومة وإسرائيل في غزة عرقلها وتنصل منها نتنياهو وحكومته الفاشية الف مرة ، إسرائيل تريد كل شيء دون مقابل أو عقاب على جرائمها ، فعن أي جحيم فخامة الرئيس تهدد به غزة بعد أن حولتها إسرائيل إلى سجن بشري كبير ، وجعلت منها ما هو أسوأ من معتقلات ومعسكرات العقاب النازية ، وأصبح اليوم جحيما بكل المعايير الجهنمية ، فبأي جحيم تتوعد سكانها الجياع المحاصرين القابعين فوق أطلالها بعد أن فقدوا كل شيء الابن والأب والأم والقريب والجار والصديق والمنزل لا يطلبون سوى العدالة وهي حق إنساني أصيل ، فهؤلاء الفلسطينيون بشراً من لحم ودم ومشاعر يستحقون الحياة وليس الجحيم الذي تتوعدهم به ، لأن إسرائيل تفعل كلما يلزم لتجعل من حياتهم أسوأ من الجحيم التي يستحقها الطغاة والمارقون ، إلا إذا كنت يا فخامة الرئيس ترى – دوناً عن العالم – بأن إسرائيل جعلت من قطاع غزة جنة عدنٍ ، وعليك تحويلها إلى جحيم .