من المتوقع استمرار تسارع نمو قطاع مراكز البيانات في آسيا، مدفوعًا بالطفرة في الخدمات السحابية والرقمنة واعتماد شبكات الجيل الخامس، ما يؤثّر كثيرًا في مستقبل الطلب على الطاقة.
ووصلت السعة التشغيلية لمراكز البيانات في آسيا إلى 10.6 غيغاواط بنهاية عام 2023، مع توقعات أن يحفّز الذكاء الاصطناعي طلبًا إضافيًا كبيرًا على الكهرباء، بحسب تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
ونظرًا لأن قطاع مراكز البيانات يحتاج إلى توفير كهرباء موثوقة ومستقرة على مدار الساعة، لمواصلة تشغيلها، يبرز الغاز بصفته مرشحًا رئيسًا لتلبية هذا الطلب على المدى القريب.
ووصل الطلب السنوي على الغاز في آسيا إلى 995 مليار متر مكعب خلال عام 2024، مع توقعات بوصوله إلى 1.038 تريليون متر مكعب في العام الحالي (2024)، وفق بيانات الاتحاد الدولي للغاز.
ومع اعتماد 4 دول رئيسة في آسيا -اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وتايلاند- كثيرًا على التوليد بالغاز، يبرز التساؤل حول دور هذا الوقود الأحفوري في تلبية الطلب على الكهرباء، مع نمو مراكز البيانات كثيفة الاستهلاك.
طلب متزايد في اليابان وكوريا الجنوبية
يتمتع كل من اليابان وكوريا الجنوبية بحضور بارز في قطاع مراكز البيانات، بالإضافة إلى صناعة الرقائق الإلكترونية، التي ستشهد طفرة في الطلب لتعزيز تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وتشير التقديرات إلى أن الطلب الإجمالي على الكهرباء من مراكز البيانات وصناعة الرقائق في اليابان وكوريا الجنوبية سيزداد بحلول عام 2030، ليشكّل 4-5% من إجمالي استهلاك الكهرباء، ارتفاعًا من 0.5% في الوقت الحالي، بحسب تقرير حديث صادر عن شركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي.
ولتلبية هذا الطلب المتزايد على الكهرباء، من المتوقع أن يكون الغاز ومصادر الطاقة المتجددة هي الروافد الأساسية للتوليد، خاصة مع الوقت الطويل الذي قد تستغرقه إعادة تشغيل الطاقة النووية وإضافة قدرات جديدة، فضلًا عن مخاطر زيادة الاعتماد على الفحم على خطط تحول الطاقة.
ومن المتوقع بحلول 2030 أن يمثّل الطلب على الغاز من قطاعَي مراكز البيانات وصناعة الرقائق في اليابان وكوريا الجنوبية 3% من الطلب الإقليمي على الغاز المسال، وذلك بافتراض أن الغاز سيوفر 40% من إجمالي الطلب على الكهرباء لهذين القطاعين.
تقييد قطاع مراكز البيانات في سنغافورة
ازدهر قطاع مراكز البيانات في سنغافورة منذ أوائل العقد الأول من القرن الـ21، مدفوعًا بموقعها الاستراتيجي واستقرارها السياسي وبنيتها التحتية الرقمية المتقدمة.
ومع ذلك، أدت المخاوف البيئية إلى وقف مؤقت للإضافات الجديدة لمراكز البيانات في عام 2019، والذي رُفِعَ في عام 2022، ما أتاح استئناف البناء مرة أخرى في 2023.
وطرحت الحكومة السنغافورية خريطة طريق لقطاع مراكز البيانات الخضراء في مايو/أيار 2024، لتعزيز الاستدامة، وتحسين كفاءة الموارد.
ومن المتوقع أن تظل الهيمنة للغاز الطبيعي والمسال بمزيج الوقود لمراكز البيانات في سنغافورة حتى عام 2030، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وقد تؤدي قيود شبكة الكهرباء في سنغافورة إلى تقييد نمو قطاع مراكز البيانات، إذ من المتوقع أن يقتصر الطلب الإضافي على الغاز من مراكز البيانات على 0.22 مليون طن سنويًا، مع واقع أن الطلب الحالي على الغاز المسال في البلاد يقترب من 6 ملايين طن سنويًا.
تعزيز البنية التحتية في تايلاند
يؤدي توسُّع البنية التحتية الرقمية في تايلاند إلى ازدهار مراكز البيانات، حيث يضخ كبار المستثمرين مثل إيه دبليو إس وهواوي ومايكروسوفت وغوغل، استثمارات كبيرة.
ويسيطر الغاز على مزيج توليد الكهرباء في تايلاند، حيث استحوذ على 68% من الكهرباء المولدة في عام 2023، وفق التقرير، الذي اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
وبينما تكتسب مصادر الطاقة المتجددة زخمًا، من المتوقع أن يتزايد الاعتماد على الغاز بصفته مصدرًا رئيسًا للكهرباء الآمنة المستقرة في قطاع مراكز البيانات.
وبحلول عام 2030، من المتوقع أن تمثّل مراكز البيانات 2.5% من إجمالي الطلب على الكهرباء، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وبافتراض أن التوليد بالغاز يلبي 66% من الكهرباء المستهلكة من مراكز البيانات، فإن ذلك يعني استهلاك ما يعادل 0.5 مليون طن إضافية سنويًا من الغاز.
ونظرًا لانخفاض المعروض المحلي والواردات من الغاز عبر الأنابيب من ميانمار، فإن الغاز المسال سيكون مرشحًا بقوة لتلبية الطلب الإضافي.
موقع الطاقة