تراجع رأسمال شركات التأمين المحلية إلى 40% من رأس المال الفعلي
الأوضاع السياسية غير المستقرة هي التحدي الأبرز بالنسبة لشركات التأمين في السوق اليمنية
رغم كثرة الصعوبات التي تواجه قطاع التأمين نجحت الشركة الإسلامية اليمنية للتأمين في الحفاظ على استقرار وتوازن محفظتها التأمينيةالمعوقات الموضوعية التي تعود إلى أسباب تشريعية وقانونية حالت دون تطبيق قانون التأمين الإلزامي
أوضح نائب رئيس الاتحاد اليمني للتأمين، مدير عام الشركة الإسلامية اليمنية للتأمين، الأستاذ حافظ الباقري، أن قطاع التأمين في اليمن يواجه العديد من الصعوبات والمعوقات التي أثرت على نشاطه نتيجة استمرار الأوضاع السياسية غير المستقرة التي يمر بها البلد.
وأكد على أهمية قيام الجهات المختصة بعملية الرقابة والإشراف على قطاع التأمين بدورها في معالجة الإشكاليات والصعوبات التي يواجهها القطاع .. مشيرا إلى أن الشركة الإسلامية اليمنية للتأمين عملت بشكل مستمر ولا تزال من أجل الحفاظ على استقرار وتوازن محفظتها التأمينية وتعزيز موقعها في سوق التأمين اليمني.. تفاصيل في السياق التالي :
- نبدأ من حيث واقع التأمين حالياً في ظل الظروف التي تعيشها البلاد ماذا يمكن القول عن ذلك؟
** واقع قطاع التأمين في اليمن يواجه العديد من المخاطر نتيجة تأثيرات الحرب واستمرار الصراع الدائر في البلاد والذي أثر بشكل سلبي على كافة القطاعات الاقتصادية والأنشطة الاستثمارية وعملية التنمية كلياً.
ونظراً لحساسية قطاع التأمين بالنظر إلى طبيعة نشاطه وباعتباره أحد وسائل إدارة المخاطر الاحتمالية التي يتعرض لها الأفراد والمؤسسات.
وبسبب الأزمات السياسية وحالة عدم الاستقرار وغياب الدور الفاعل لمؤسسات الدولة عانى قطاع التأمين صعوبات ومعوقات منذ عقدين من الزمن أثرت على نشاطه بشكل سلبي ونتج عن ذلك انخفاض معدلات نمو الأقساط المكتتبة لجميع أنواع التأمين بشكل كبير وانسحاب معظم شركات إعادة التأمين الدولية والإقليمية من سوق التأمين اليمني ، إضافة إلى أسباب أخرى منها زيادة حجم التعويضات المدفوعة بسبب زيادة درجة المخاطر وانهيار العملة الوطنية وزيادة معدل التضخم وكذلك انقسام المؤسسات المالية، الأمر الذي جعل معظم التجار يتوقفون عن فتح اعتمادات في البنوك والتعامل مع شركات الصرافة ، إضافة إلى الصعوبات المتعلقة بتحويلات مستحقات شركات إعادة التأمين خارجياً.
كما أن زيادة التضخم أدت إلى انهيار العملة الوطنية حيث تراجع رأسمال شركات التأمين المحلية إلى 40% من رأس المال الفعلي وللأسف لم يتم معالجة المشكلة من قبل الجهات المختصة سواءً وزارة الصناعة والتجارة أو البنك المركزي اليمني الذي أوكلت إليه عملية الرقابة والإشراف على قطاع التأمين مؤخراً.
متفائلون جدا
*كان قطاع التأمين يتبع وزارة الصناعة وحالياً يتبع البنك المركزي، هل تعتقد أن ذلك أفضل لنشاط التأمين؟
**البنك المركزي اليمني من المؤسسات المميزة في اليمن ونحن متفائلون جداً بهذه الخطوة وأتوقع أن تحقق نقلة نوعية في قطاع التأمين من خلال تنظيم الشركات وتقوية ملائتها المالية وتشجيع عملية دمج الشركات الصغيرة لإنشاء كيانات أقوى إدارياً وفنياً ومالياً.
*ماهي الأهمية التي يكتسبها قطاع التأمين خاصة في ظل الحرب التي تعيشها البلد؟
**يكتسب قطاع التأمين أهمية خاصة في ظل الحرب حيث ترتفع مخاطر الحرب والعنف السياسي في مناطق النزاع، وهناك نوع من وثائق التأمين التي تحمي الأفراد والشركات من الخسائر المالية الناتجة عن الحرب وأعمال العنف السياسي الأخرى وتسمى هذه الوثيقة ” إخطار العنف السياسي وتختصر إلى PV” وتوفر تغطية واسعة ضد المخاطر والأضرار التي تلحق بالممتلكات للمصانع وللشركات التجارية والخدمية وتغطي خسائر المباني والمعدات والآلات والأثاث…. الخ.
إضافةً إلى فقدان الدخل “الربح” وكذلك مطالبات المسؤولية القانونية الناشئة عن الحرب أو العنف السياسي، وتشمل هذه الوثيقة تغطية الحرب والثورات والانقلاب والتمرد العسكري والإرهاب والتخريب والشغب والاضطرابات الأهلية والإضراب والأعمال العدائية …. الخ، وتختلف تكلفة التأمين ضد مخاطر العنف السياسي اعتماداً على درجة المخاطر ومقدار التغطية المطلوبة بشكل عام، وتكون تكلفة التأمين ضد أخطار العنف السياسي أعلى في مناطق النزاع، وفوائد التأمين ضد مخاطر الحرب كبيرة حيث يوفر الحماية المالية وراحة البال للأفراد وكذلك للشركات العاملة في مناطق النزاع ويعتبر عنصراً حاسماً في استراتيجية إدارة المخاطر الخاصة بها ويساعدها في الحماية من الخسائر المالية التي قد تكون مدمرة وكارثية.
توترات متصاعدة
*ماهي أبرز التحديات الناتجة حالياً في سوق التأمين اليمنية ؟
تمثل الأوضاع السياسية غير المستقرة التحدي الأبرز بالنسبة لشركات التأمين العاملة في السوق وتحديداً التوترات المتصاعدة في المياه اليمنية والإقليمية والتي نتج عنها ارتفاع كبير في أسعار النقل والتأمين للبضائع المنقولة بحراً وتحديداً أسعار تغطيات تأمين الحرب والشغب والإضراب والاضطرابات المدنية (WSRCC). نتيجة الحصار المفروض على الموانئ اليمنية.
*ما هو وضع الشركة الإسلامية اليمنية للتأمين في ظل الحرب والحصار؟ - تحافظ الشركة الإسلامية اليمنية للتأمين على استقرار وتوازن محفظتها التأمينية، مع السعي المستمر لتحقيق معدلات ربحية ممتازة تعزز من موقعها في السوق وتضمن حصة سوقية متوازنة حيث حققت المركز الرابع من بين أربعة عشر شركة تأمين للعام 2022م وبحصة سوقية بلغت 7% من إجمالي أقساط السوق اليمني، كما أن للشركة إنجازات عديدة على المستوى المحلي كان آخرها تأسيس شركة الحياة للتأمين الصحي حيث بلغت نسبة مساهمة الشركة فيها حوالى 30% منها، ونسبة الـ 70% المتبقية تعود إلى مجموعة من المؤسسات التجارية اليمنية ذات السمعة الطيبة والخبرة التجارية الناجحة في اليمن والمنطقة العربية.
وعلى الجانب الآخر، ساهمت الشركة في تأسيس شركة تأمين تكافلي في جمهورية جيبوتي وبلغت مساهمتها 30% في الشركة الأفريقية التكافلية للتأمين (ATIC) بما يجسد رؤيتها على الواقع القائم على توسيع أعمالها في اليمن والقرن الأفريقي. كما تحرص الشركة للحفاظ على أداء متميز وتحقيق المزيد من الإنجازات بما يتماشى مع أهدافها وتوجهاتها المستقبلية وفقاً لخطتها الاستراتيجية ونأمل أن تستعيد المنطقة استقرارها الأمني والسياسي بما ينعكس إيجاباً على مختلف الدول العربية كي تنعم بالسلام والأمان.
أخطار متفاوتة
*ماذا تعني إعادة التأمين لشركات خارجية، وهل شركات التأمين اليمنية غير مؤهلة للتأمين على القطاعات الكبيرة، على سبيل المثال قطاع النفط؟
**اختلاف الأخطار التي تقبلها شركة التأمين في محفظتها من حيث طبيعتها وقيمتها يؤدي إلى وجود فروق قد تكون كبيرة، الأمر الذي يهدد نشاطها ولكي تتلافى شركة التأمين تأثير الفروق على عملها يتوجب عليها أن تقبل أخطاراً بنفس القيمة ولها صفات واحدة حتى تتمكن من تطبيق قوانين الإحصاء، كما ينبغي وهذا غير ممكن عملياً لأن محفظة شركة التأمين تحتوي دائماً على أخطار تتفاوت من حيث طبيعتها وقيمها.
إذاً وسيلة إعادة التأمين هي الوسيلة المثلى لتحقيق التناسق بين الأخطار حيث تمكّن شركات التأمين من التوسع في قبول العمليات التأمينية وفي تحقيق التوازن في محفظة الأخطار التي تحتفظ بها الشركة لنفسها، فشركة التأمين يمكن أن تحدد مسؤوليتها عن تحقق الأخطار المؤمّن عليها وذلك بأن تحتفظ بجزء من الأخطار التي تقبلها وتسند بقية الأجزاء الأخرى لشركات إعادة تأمين وبهذه الوسيلة تستطيع شركة التأمين أن تتوسع في قبول الأخطار المختلفة مهما كانت مسؤوليتها لأنها تستطيع أن تحتفظ لنفسها بجزء من الأخطار وتعيد تأمين ” إسناد” الجزء الآخر الذي يزيد على قدرتها.
وبهذا لم تعد مهمة إعادة التأمين قاصرة على مجرد التخلص من الجزء الفائض عن مقدرة شركات التأمين المباشرة بل أصبحت وسيلة من وسائل تفتيت الأخطار وتوزيعها على أكبر عدد ممكن من شركات إعادة التأمين داخل البلد وخارجه.
ولا يمكن لشركة تأمين ” مهما كان مركزها المالي وتاريخها في التعامل” الوقوف على قدميها دون إعادة التأمين، حيث تستطيع شركة التأمين بما لدى القائمين على إدارتها من خبرة فنية أن تحسن اختيار الطريق الذي تسلكه في إعادة التأمين وأن توطد قدمها في سوق التأمين بثبات متناهِ مهما كانت طاقاتها المالية ومهما صادفتها سنوات شؤم وتمكنت من أن تحتفظ برأسمالها وما كونته من احتياطيات في منأى عن المخاطر، ولا نبالغ إن قلنا أن إعادة التأمين تعتبر العمود الفقري لكل شركة تأمين.
علما أن لدينا في سوق التأمين اليمني مجموعة من شركات التأمين ذو ملاءة مالية قوية ولديها كوادر فنية مؤهلة ومدربة، إضافة إلى امتلاكهم علاقات واسعة مع شركات الإعادة الدولية مكنتهم من الحصول على اتفاقيات إعادة التأمين واسعة التغطيات والتسهيلات في كتتاب الأخطار الكبيرة مثل شركات النفط والغاز.
معوقات موضوعية
*ماهي التحديات التي تواجه صدور قانون إلزامي للسيارات؟
**قانون التأمين الإلزامي على السيارات والمركبات في اليمن تم إقراره منذ أكثر من أربعة عقود من الزمان وتحديداً بعد إعلان الوحدة اليمنية إذ أقرت السلطة التشريعية قانون التأمين الإلزامي على السيارات وصدر بالقانون رقم 30 لعام 1990 ، للأسف تم تأجيل العمل به عدة مرات ولم يخرج إلى حيز التطبيق إلا في أواخر العام 2001 نظراً لوجود معوقات موضوعية تعود إلى أسباب تشريعية وقانونية حالت دون تطبيق القانون وعدم إشراك الأطراف ذات العلاقة مثل شركات التأمين وخبراء التأمين من فنيين وأكاديميين في مناقشة مواد القانون بما يحقق مصالح كافة الأطراف ، حيث تم إصدار قانون تأمين إلزامي للمركبات مشوّه وغير قابل للتنفيذ منذ صدوره عام 1990.
وفي نهاية العام 2001 بدأ الحديث يدور عن تطبيق القانون وباشرت الإدارات المعنية بالإجراءات والتدابير الهادفة إلى إلزام جميع مالكي وسائقي السيارات بتسديد رسوم التأمين وكانت إدارات المرور في مختلف مناطق البلاد بدأت خلال الثلاثة الأشهر الأخيرة من نفس العام تعميم التأمين الإلزامي وربطت بين تجديد وثائق السيارات وتسديد أقساط التأمين المحددة من قبل وزارة التجارة والصناعة باعتبارها الجهة المشرفة على قطاع التأمين في اليمن ووزارة الداخلية الجهة المنفذة للقانون إلا أن الأقساط التي حددت من قبل الوزارتين لم تلق قبولاً من قبل شركات التأمين المحلية التي عارضت المشروع وامتنعت عن تطبيقه بصيغته الحالية، حيث وضعت تعرفة أسعار غير فنية ولا تتناسب مع طبيعة وحجم الأخطار التي تغطيها وثيقة تأمين المركبات الإلزامي، الأمر الذي أدى إلى تعليق العمل بالقانون من جديد بعد أن كانت إدارات المرور شرعت في تنفيذه في مختلف محافظات ومدن البلاد ثم عادت وزارة الداخلية وعدلت عن تعليق القانون بإصدارها لتعميم جديد يقضي بتطبيق التأمين الإلزامي على السيارات الجديدة فقط فيما التأمين على السيارات المستعملة ما يزال محل خلاف بين مختلف الأطراف المعنية وظلت المشكلة معلقة دون حل بسبب تباين وجهات النظر بين الجهات المشرفة على قطاع التأمين والمنفذة له وهما وزارتا التجارة والصناعة ووزارة الداخلية وبين شركات التأمين وممثليها في الاتحاد اليمني للتأمين.
علما أن شركات التأمين قدمت عدة ملاحظات وتحفظات على تطبيق التأمين الإلزامي على السيارات نظراً لوجود أسباب كثيرة تقف وراء إحجام الشركات عن تغطية التأمين الإلزامي على السيارات والمركبات منها أن القانون يكتنفه الكثير من الغموض وأن هناك ملاحظات حول القانون قدمها الاتحاد اليمني لشركات التأمين غير أنها لم تؤخذ في الاعتبار ومن هذه الملاحظات التي يطرحها الاتحاد أن فترة تغطية التأمين حددها القانون بثلاثة عشر شهراً فيما المتعارف عليه في كل البلدان أن يكون التأمين إما سنويا أو نصف سنوي أو لثلاثة أشهر، وهذا الإجراء في حد ذاته غير منطقي.
الأمر الآخر هناك خلاف حول وثيقة التأمين وكيفية وضعها وصيغتها فشركات التأمين ترى أن تكون هذه الوثيقة موحدة ولها حجة قانونية منظمة ومحددة لمسئوليات شركات التأمين عن الأضرار المشمولة بالتغطية لكن الحاصل أن الجهات المعنية اقتصرت على سند قبض للمبالغ المحصلة وهذا يعني غياباً لشروط العقد وأركانه بين المؤمن وشركة التأمين ويبدو أن التباين الحاصل في وجهات النظر تجاه تطبيق التأمين الإلزامي على السيارات والمركبات في اليمن بين الجهات المشرفة والمنفذة وبين شركات القطاع الخاص تباين جوهري يحتاج إلى اتفاق بين الأطراف لحله .. ولكي يتم إعادة تفعيل القانون وإخراجه إلى حيز التنفيذ، أقترح الآتي: - العمل على تأسيس شركة مختصة لفحص المركبات تتكون من عدة جهات فنيه وشركات التأمين لفحص المركبات وتقييم قيمة الضرر وقيمة التصليح.
- إعادة مناقشة أحكام مواد قانون التأمين الإلزامي للمركبات وتعديل بعض مواده.
- تحرير أسعار التأمين الإلزامي للمركبات مع تفصيل قوانين تشجع المنافسة ومنع الاحتكار.
- تفعيل قانون السير وتنفيذ مواده وما تضمنته من عقوبات بشكل صارم.
- إقامة ندوات وورش عمل متخصصة بتأمين المركبات بحضور جميع الأطراف ذات العلاقة لمناقشة قانون التأمين الإلزامي واللائحة التنفيذية له وإزالة الصعوبات التي حالت دون تنفيذ التأمين الإلزامي للمركبات والخروج بحلول عملية تسرع من تنفيذه.
- استكمال البنية التحتية لأنظمة السير مثل الإشارات المرورية وترقيم السيارات وإصلاح الطرقات ….الخ