بقلم / محمد الصالحي.. وكيل محافظة شبوة
تُعد ثقافة الغدير من المفاهيم المحورية في الفكر الإسلامي، حيث ترتبط بحدث تاريخي هام وهو إعلان النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ولاية الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في غدير خم. هذا الإعلان ليس مجرد واقعة تاريخية بل هو مبدأ يتضمن قيماً ومعاني عميقة يمكن أن تشكل أساساً لتغييرات جذرية في المجتمعات الإسلامية الحديثة.
فثقافة الغدير تستند إلى أن المعايير الإيمانية هي الأساس في اختيار القادة ووضع التشريعات. فالقائد في هذه الثقافة ليس مجرد مدير أو مسؤول، بل هو شخص ذو إيمان عميق وأخلاق رفيعة. تتطلب هذه المعايير أن يكون القائد قدوة في السلوك والعمل، مما يجعل قراراته وتشريعاته منبثقة من إيمان راسخ بالقيم القرانيه.
كما أن أحد المبادئ الأساسية في ثقافة الغدير هو ضرورة التطابق بين القانون ومن يطبقه. فالقانون لا يمكن أن يكون فعالاً إلا إذا كان المشرع والقائم على تنفيذه مؤمناً به وبأهدافه. فهذا المبدأ يضمن أن التشريعات ليست مجرد نصوص قانونية، بل هي انعكاس لإيمان عملي يهدف إلى تحقيق العدالة والخير في المجتمع.
فيجب أن يتجاوز الاحتفال بعيد الغدير الجوانب الطقوسية والعاطفية ليصل إلى الجوانب العملية والتطبيقية. وهذا الانتقال يتطلب أن يُستفاد من هذه المناسبة لصياغة قوانين وتشريعات مستوحاة من روح القرآن الكريم وتعاليمه. فالهدف هو أن يتحول الاحتفال إلى مناسبة لتعزيز العمل بالقيم الإيمانية وترسيخها في حياة الناس اليومية.
فالإيمان الحقيقي، كما تؤكد ثقافة الغدير، هو الذي يقترن بالعمل الصالح. هذا الإيمان العملي يعني أن تطبيق القيم الدينية في الواقع اليومي هو ما يعكس الإيمان الحقيقي. عندما ينعكس هذا الإيمان على سلوك الأفراد والمجتمع، فإنه يؤدي إلى تحسين الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويخلق بيئة يسودها العدل والسلام.
ان اعتماد ثقافة الغدير كمنهج حياة سيؤدي إلى تغييرات جذرية في المجتمعات الإسلامية. فهذه الثقافة تدعو إلى دمج الإيمان بالعمل، والقيم الروحية بالنظام القانوني. فعندما تكون القوانين والتشريعات مبنية على قيم إيمانية راسخة، وتُطبق من قبل أشخاص مؤمنين بهذه القيم، فإن ذلك يؤدي إلى بناء مجتمع قوي وعادل.
أن ثقافة الغدير تقدم نموذجاً شاملاً يكون أساساً لتغييرات جذرية في المجتمعات الإسلامية. بالتركيز على المعايير الإيمانية في القيادة، والتطابق بين التشريع والتطبيق، وتجاوز الطقوس إلى التطبيق العملي، يمكن لهذه الثقافة أن تسهم في بناء مجتمع قائم على العدالة والقيم الأخلاقية. إن تحقيق هذا الهدف يتطلب التزاماً جاداً من قبل القادة والمجتمع ككل، حيث يكون الإيمان والعمل يداً بيد لتحقيق مستقبل أفضل.