السياسة الأمريكية والفشل المتنامي.. تحوّل الدور العالمي لأمريكا وياسين يحذر: استراتيجية بايدن وهاريس “دون المستوى المطلوب” والحل في اختيار كينيدي

أحمد موسى*

لبنان| البروفيسور صامويل موين – أستاذ القانون والتاريخ في جامعة ييل اعتبر أن الولايات المتحدة الأمريكية بعد انتصارها في نهاية الحرب الباردة، تعهدت بقيادة البشرية في نظام عالمي جديد، ورأى أن صراع غزة وأوكرانيا قد كشفا بأنها باتت “أضعف” من أي وقت مضى في سياق هذا الدور. إلا أن اللافت تحديده تاريخ عملية ط-و-ف-ا-ن الأقصى ك”نقطة تحوّل للدور العالمي لأمريكا”.

إن تكوين “تحالف” القوى العالمية بمشاركة عدد من الدول العربية والإسلامية حماية للممرات المائية بقيادة أمريكا جعلها تمر في أوقات عصيبة تجعل من قوتها ضعفاً، خاصة وأن تلك الدول وتحديداً العربية منها، مع بداية الشوط الأول للتصادم العسكري والمواجهة سيصاب التحالف ب”التفكك”، خاصة وأن هذا التكوين ليس منسجماً إيديولوجيا ولا بالرؤية العامة الشاملة الفاقدة لأخلاقيات المواجهة والميدان.

التطبيع: 96% لقطع العلاقات

كانت أساس المرتكزات الأولى ل”المشروع الأميركي-الإسرائيلي” في المنطقة على “تطبيع العلاقات” مع بقية الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، والأخيرة كانت تستعد لعقد “الصفقة” التي أصبحت اليوم في موقف أكثر تعقيداً، وسط استطلاعات للرأي كشفت عن تأييد 96 في المئة من السعوديين ل”قطع” جميع العلاقات مع كيان الاحتلال رداً على الجرائم التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني، فشكلت معضلة تجاوزت الرياض وتل أبيب لتصل إلى البيت الأبيض الذي يخوض “معركة” رئاسية قريبة، فأتت عملية “ط-و-ف-ا-ن الأقصى” في 7 أكتوبر لتضرب عميقاً “المشروع” وكلما طال أمد الحرب ارتفع حدة “معركة” الرئاسة، ذلك الإستطلاع أكد عليه معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو المنظمة البحثية المؤيدة لإسرائيل، ليؤكد وجود “عقبات” أمام جهود إدارة بايدن لتطبيع العلاقات بين الطرفين (إسرائيل والسعودية).

الضعف الأميركي

يتنامى الضعف الأميركي لسببين رئيسيين: الدعم الأميركي اللامتناهي والمستميت عسكرياً ومالياً لإسرائيل وانعكاساته السلبية على الإقتصاد الوطني الأميركي الذي بدأ الأميركيون يتلمسونه، فضلاً عن المشاركات العسكرية الأميركية في الميدان الفلسطيني، والثاني يكمن في خلق فكرة إنشاء تحالف دولي عربي وإسلامي لحماية الممرات المائية، والتي بدت فكرة خاسرة من حيث الجمع وفاشلة في القبول لدى أطراف عربية وإسلامية، خاصة وأنها ليست بعيدة عن الإيغال في الدم الفلسطيني والعربي والإسلامي معا، فكلما تعاظم الطلب كان الفشل والسقوط يؤسسان إلى إضعاف الهيبة الأميركية، فالحرب على غزة أظهرت “أن إسرائيل ضعيفة جداً ومنقسمة داخلياً بحيث يمكن هزيمتها يوماً ما”، وبالتالي هناك شريحة واسعة بدأت تتنامى وتتعاظم مع ترسخ فكرة”أن إسرائيل بدأت تشكل عبئا بل ويزيدها الكراهية والعداء لصورة أمريكا عالمياً ودولياً وفي الإقليم” خاصة عند”الأجيال الشابة المنفتحة على الآخر الغير مقتنعة بتنقل الحروب والأزمات في المنطقة والعالم”، وهذا لا يتناسب والسياسة الأميركية المعتمدة.

نقطة تحول

لقد تركت عملية ط-و-ف-ا-ن الأقصى أثراً بالغاً على مختلف ملفات المنطقة، وباتت تعد ك”نقطة تحول في الصراع العربي-الإسرائيلي”، في حين أن الرئيس الأميركي جو بايدن الذي كان يبذل جهوداً مضاعفة للتوصل إلى “اتفاق التطبيع” ليس من أجل الإتفاق نفسه، إنما”استغلالاً انتخابياً”، بات اليوم أمام تحديات أخرى، لا يقل حدة عن المواجهة، بالمقابل، فإن هناك أجوبة ينبغي الإجابة عنها لدى البلاط (الملكي)، ومدى قدرة واشنطن على تقديم الدعم والحماية لحلفائها، (ما تبقى من حلفاء إن بقي)، على ضوء الانتكاسات المتتالية التي منيت بها في اليمن وأوكرانيا واليوم في فلسطين.

ياسين

الناشط ورجل الأعمال اللبناني جهاد ياسين والمعتمد المتطوع في حملة المرشح الرئاسي المستقل “كينيدي”، والذي تم اختياره رسمياََ لتمثيل نيويورك في استطلاع موافقة الرئيس بايدن الرسمي “DSCC”، إلا أن ياسين أكد “واجابتي عن رسم استراتيجية مستقبل أميركا والعالم ستكون صريحة”، مصنفا أجندة بايدن وهاريس استراتيجياََ محلياً وعالمياً كانت “دون المستوى المطلوب”، فهي “لم تلتزم بالوعود المحقة والمرسومة للجمهور الأميركي والعالم”، رغم أنها حققت على المستوى الداخلي بعض الانجازات الملحة والمتفق عليها مسبقاََ، بالمقابل “تمدد الشرخ والانقسام بين الحزبين الأزرق والأحمر وإلى مسافات بعيدة جداََ، حتى وصلت تردداتها الى خارج حدود الولايات.

وعلى مستوى السياسة الخارجية التي اتبعتها إدارة بايدن وهاريس فقد “نشطت حروب ونزاعات” بين الشرق والغرب ومن المحيط المتجمد الشمالي إلى المحيط المتجمد الجنوبي وفي آن معاََ، وكذلك فعل الحزب الجمهوري وإن بأساليب مختلفة، فهناك قضايا متراكمة وفي الأدراج تفصيلاتها جمة ولم تعالج لغاية الآن، مما تسببت في “صراعات مستدامة” والكل عالق أمام حائط مسدود ومن غير أفق على المدى المنظور، فما يحصل في غرب قارة آسيا ونقاط الصراع “غزة وأوكرانيا” مثال بسيط، والبنتاغون في “حالة استنفار”، والعالم على استعداد لأي طارئ قد يحدث، ولا يستطيع الاحتواء والسيطرة على أي نزاع محلي وخارجي، ولان المشكلة بالأساس ناتجة عن “ممارسة أخطاء سياسية في البيت الابيض والكونغرس”.

ياسين وأمام ذلك، ومن هذا المفصل الرئاسي في واشنطن، دعا ياسين إلى “أخذ القرارات المناسبة بالتغيير” والى تعزيز حسم خياراتنا والتركيز على الإتجاهات والأهداف الصحيحة الثابتة والغير متأرجحة “ولبناء مسارات واستراتيجيات فعالة مغايرة ومنبثقة وبمعايير جديدة عن ذي قبل والمتمثلة في إعطاء الثقة واختيار المرشح الرئاسي المستقل عن الحزبين للبيت الأبيض Robert F. Kennedy Jr والتعاون معه للنهوض من هذا المأزق المحلي والعالمي”، والكل على دراية ويدرك اننا نختار برنامج وقواعد تأسيسية أهدافها الحلول وكسر الجليد بين القطبين المتصارعين روسيا وأميركا” التي منذ قرون مضت وما زالت بهذا الإشتباك إلى يومنا هذا.

لذلك، المفترض ان نمضي لمستقبل واعد للشعوب والأمم وليس أشخاص، فضلاً أن جعبة المرشح كينيدي وما تحمله من “مشروعات تنموية متفرقة المجالات وأفكار عظيمة تستحق الوقوف عندها وستنتج ثمارها إن حصل تطبيقها”، واصفاً اختيار كينيدي ب”الانقاذي” وطرف ثالث ومحايد على المستوى الداخلي والخارجي أممياََ وعالمياََ وبإستطاعته “احتواء الأزمات ورأب الصدع والتصدعات بين الديمقراطيين والجمهوريين والمحافظين والليبراليين”، من خلال توحيد الأمة حول الأشياء التي نؤمن بها جميعاََ ومعالجتها من جذورها وليس تخديرها وهذا الهدف يعد من أولويات برنامجه الانتخابي في حال فوزه بالرئاسة ووصوله إلى البيت الابيض، وغير ذلك وبهذه العقيدة والمناهج والأساليب والسلوكيات المتبعة والمستمرة الصادرة عن الحزبين الأحمر والأزرق سيتسبب زيادة في “انفلات الأمور وفقدانها السيطرة وأزمات متشعبة ومعقدة ومتسلسلة وسيدخل البشرية إلى مصير مجهول”.

ليختم جهاد ياسين، ولبلورة الصورة المشوهة علينا “إعادة النظر في مراجعة واختبار الذات والاستفادة من الأخطاء السابقة ولتصحيحها” اذا اردنا ذلك، وقبل افتعال حالات الاصطدام والانهيار والفوضى والدمار وإبادة الأحياء وفي كافة المجالات، ولأنه سيطال الجميع هذه المرة دون استثناء أي دولة وعبر الكوكب والاصطفافات والجبهات أصبحت متراصة وحادة وواضحة والبورصات العالمية والنفط والاقتصاد والتكنولوجيا الرقمية الحديثة العالمية، تلك العوامل هم أول المتضررين وفي دائرة الاستهداف والخطر الداهم الوشيك وباتت على المحك ما إن استمرت تلك السياسات على هذا المنوال “الخطأ” عن قصد أو غير قصد.

*كاتب صحفي وناشر موقع “ميديا برس ليبانون”

اخبار ذات صلة