محور المقاومة بين خيارين كلاهما صعب

مطهر تقي

بعد أربعة عشر يوما من زلزال حماس وما تبعه من إبادة للشعب الفلسطيني لم يسبق لها مثيل والعالم على حافة الهاوية بعد أن وحّد الغرب بقيادة أمريكا كل إمكانياته العسكرية والإعلامية المهولة بجانب إسرائيل ضد حماس والشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في سابقه لم تحدث من قبل جعلت الأطراف ذات العلاقة المباشرة  بالقضية الفلسطينية وهما مصر والأردن أمام موقف خطير من يتصديان اليوم للخطة الأمريكية الإسرائيلية جعل أرضهما مكانا للتهجير القهري لسكان غزه والضفة الغربية على طريق تصفية القضية الفلسطينية وإعلان دولة إسرائيل الكبرى حسب الخارطة الجغرافية التي عرضها رئيس الوزراء الإسرائيلي الإرهابي نتن ياهو بكل وقاحة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر مايو الماضي .

ومحور المقاومة بقيادة جمهورية إيران الإسلامية التي أسسها الإمام الخميني عام ١٩٧٩ وجعل من ذلك التاريخ القضية الفلسطينية وتحرير الأقصى الشريف من الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي هدفا رئيسيا لجمهورية إيران الإسلامية وأسس من أجل ذلك فيلق القدس العسكري وسمى آخر جمعه من شهر رمضان من كل عام بجمعة القدس ليكون يوما لتظاهرات المسلمين ضد إسرائيل وتذكير المسلمين في العالم بالقدس ووجوب تحريرها كفريضه جهاديه على كل المسلمين وقد استمر الخطاب السياسي و الديني للجمهورية الإيرانية ولقرابة أربعين سنه ومعها حلفائها الشيعة المنضوية تحت مسمى محور المقاومة ( الذي أعلن قبل سنوات قليله) يتصدر الدعوة لتحرير فلسطين ورفع شعار الموت لإسرائيل الموت لأمريكا وفي مقدمتهم حزب الله اللبناني الذي يعتبر رأس الحربة ضد إسرائيل لما يمتلكه من قوه بشرية عسكرية عالية التدريب ومن مخزون صاروخي نوعي تقدر كميته بأكثر من مأتيين وعشرين ألف صاروخ يمكنها محو إسرائيل من الخارطة كما صرح بذلك أكثر من مره  قائده حسن نصر الله الذي يتمتع بمصداقية القول خصوصا بعد حرب حزب الله مع إسرائيل عام ٢٠٠٦ ….

وحين تفجر الغضب الفلسطيني يوم ٧ أكتوبر الحالي وبادر وزير الخارجية الإيراني ومن بيروت ( نيابة عن محور المقاومة ) تهديداته بأن الزناد على الصواريخ إذا تجاوزت إسرائيل الحدود في اجرامها ضد الفلسطينيين وأكد ذلك القول الرئيس الإيراني في اتصال مع الرئيس الفرنسي ثم كان تصريح المرشد خامنئي الذي أكد بدوره على الموقف الإيراني ومحور المقاومة بأنه لن ينتظر طويلا إذا ما استمرت الإبادة ضد الشعب الفلسطيني ( مع ملاحظة أن قائد حزب الله حسن نصر الله لم يدلي بأي تصريح حتى التاريخ حول ما يحدث في فلسطين منذ السابع من أكتوبر )  في الوقت نفسه لا زالت الآلة العسكرية الإسرائيلية تبطش بكل قوه و اجرام ضد الفلسطينيين بصورة لم يسبق لها مثيل في التاريخ بتأييد أمريكي غربي واضح كل ذلك ومحور المقاومة لم يتجاوز موقفه حد التهديد بالقول والتصعيد الإعلامي والدعوة إلي التظاهرات الشعبية وخوض حرب مناوشات عسكرية محدودة بين حزب الله و إسرائيل وكأنه واقعا بين خيارين كلاهما أخطر من الآخر أما أن يوفي بوعوده  أمام العالم العربي و الإسلامي لتحرير فلسطين وينتهز اللحظة ويرجع الحق لأصحابه فيتجذر موقفه وتعظم مكانته في العالم العربي والإسلامي أو أن يعيد حساباته ويهدئ من حماس خطابه الإعلامي و الديني أمام القوه الجبارة الأمريكية الإسرائيلية ومعهما دول الغرب ويخسر في نفس الوقت شعبيته وشعاراته فالقوه الأمريكية الإسرائيلية في ظل غياب الدعم الروسي و الصيني من الواضح أن  لا قبل لمحور المقاومة من المجازفة وخوض حرب خاسره وذلك موقفا له مبرراته أو يترك  لمصر و الأردن والسعودية و قطر أمر  محاولة البحث عن مخرج لوقف إطلاق النار  و توصيل الغذاء و الدواء الي غزه ومنع تهجير سكانها وحل معضلة الأسرى الإسرائيليين والفلسطينيين من خلال حشد الرأي العام العالمي عن طريق عقد المؤتمرات واللقاءات الإقليمية و الدولية (كما حدث يوم امس في السعودية ويحدث اليوم في مصر ) على طريق الحل السلمي من خلال إحلال الدولتين ومنح الشعب الفلسطيني دولته كحل نهائي للصراع العربي الإسرائيلي 

كل ذلك جائز حدوثه للخروج من المأزق الخطير والأهم في رأيي أن أمام القوى المؤيدة للحق الفلسطيني أمام  هذا الظرف العسكري و السياسي الاستثنائي الذي تواجهه القضية الفلسطينية هو وقف المهاترات الإعلامية والخلاف السياسي بين محور المقاومة والدول العربية المتصدية للمشهد المعقد ودراسة مستجدات ما بعد زلزال السابع من أكتوبر برؤية مشتركة واقعية وفق الإمكانات لمحور المقاومة وبقية الدول العربية المتصدية والاتفاق على موقف تضامني واحد يخرج الشعب الفلسطيني من محنته ويضع العالم أمام مسؤولياته الاخلاقية وفق القرارات الدولية  ويجنب المنطقة ويلات من الصعب على دولها مجابهتها بدلا من الخلافات  فالأمر جدا خطير.

اخبار ذات صلة