بعد توحيد اليمن عام 1990م واجهت البلاد الكثير من الأعباء المالية والإدارية، حيث خُصصت معظم ميزانية الدولة لدفع مرتبات المدنيين والعسكريين وتوفير معونات لدعم الوقود والغذاء مما أعاق تنفيذ مشاريع التنمية وتجهيزات البنية التحتية للبلاد؛ وبالتالي تفاقمت مشكلة البطالة بين الشباب، خلال هذه الفترة، اكتسب التمويل الأصغر شعبية متزايدة عالمياً ومحلياً، حيث وبدعم من الدول الداعمة لليمن والبنك الدولي أولت الحكومة اليمنية اهتماماً كبيراً بقطاع التمويل الصغير والأصغر باعتباره أداة من الأدوات الأساسية التي تساهم في دعم اقتصاد الدولة والتنمية المستدامة من خلال الأثر الإيجابي الذي يحدثه قطاع التمويل وإسهامه في تغيير حياة الناس وتحسين مستوى المعيشة وخلق فرص العمل والحد من البطالة والفقر في المجتمع وتحديداً فئة الشباب الذين يشكلون تقريباً أكثر من نصف سكان اليمن، وذلك من خلال إنشاء مؤسسات وبرامج لتمويل المشروعات الصغيرة والأصغر وتوسيع برامج الإقراض الأصغر وإنشاء بنوك للتمويل الأصغر وتشجيع القطاع المصرفي على إقراض صغار المستثمرين.
في حين عزف القطاع المصرفي سابقاً عن المخاطرة واستثمر جزءا كبيرا من أصوله المالية في أذون الخزانة التي يصدرها البنك المركزي اليمني، حيث تحصلت البنوك على عائد مرتفع بمخاطر أقل مقارنةً بالقروض التجارية، لهذا اقتصر الإقراض التجاري على الفئات ذوي رأس المال الكبير في السوق بمقابل ضمانات قوية لا يستطيع توفيرها إلا هذا القطاع، وقاد هذا التوجه إلى حرمان الكثير من القطاعات من الحصول على أموال هي في أمس الحاجة إليها خصوصاً قطاع المشاريع الصغيرة والأصغر والمتوسطة مما أعاق قدرتها على النمو والمنافسة.
وبالرغم من استمرار الصراع المسلح في البلاد منذ العام 2015م والتدخـل السياسي والعسـكري والاقتصادي وانقسام البنك المركزي واختلاف السياسات النقدية وسعر صرف الريال وتعدد التحديات والعقبات التـي تواجـه قطاع التمويل الصغير والأصغر والمتوسط وتعرقل نموه وتعيق قدرتـه على الوصول إلـى مختلف الفئات المجتمعية والأنشطة المستهدفة، وتعيق قدرته على إحـداث تأثيـر اجتماعـي واقتصـادي شـامل، إلا أن القطاع ظل يعمل وبشكل مستمر على إيجاد الحلول لتلك التحديات والعقبات لتجاوزها والتعايش معها والحد من آثارها ولضمان استمراريته.
دخول صناعة التمويل الصغير والأصغر الى اليمن
دخل مفهوم صناعة التمويل الأصغر الى اليمن في العام 1997م عبر الصندوق الاجتماعي للتنمية الذي أنشأته الحكومة اليمنية في العام نفسه من خلال أموال الدول المانحة وذلك باعتباره أداة ستسهم في التخفيف مـن الفقـر والحـد مـن البطالـة، حيث قامت وحدة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر في الصندوق الاجتماعي للتنمية المعنية بتبني إنشاء برامج ومؤسسات التمويل الصغير والأصغر في اليمن بالشراكة مع رجال أعمال وشخصيات اعتبارية أخرى كمساهمة مجتمعية، وعملت الوحدة على تقديم خدمات مالية ودعم فني متعدد لبرامج ومؤسسات التمويل الصغير والأصغر من خلال تقديم قروض ومنح وتدريب فني وإداري بهدف زيادة القدرات التنافسية لقطاع التمويل الصغير والأصغر والتوسع والانتشار والتنويع في الخدمات المقدمة، وكذلك بهدف تحسين الجودة والكفاءة وزيادة الربحية ورفع كفاءتها التشغيلية والدفع بمستوى الخبرة لدى القائمين على القطاع.
وقد كان الصندوق الاجتماعي للتنمية نشطاً في المساعدة على تنظيم سوق تمويل المنشآت الصغير والأصغر، وكان له دوراً ملموساً في السعي الى إدخال القطاع المصرفي في هذا المجال والسعي إلى إصدار قانون بنوك التمويل الأصغر رقم (15) للعام 2009م، الذي ينظـم أنشـطة التمويـل الأصغـر داخـل القطـاع المصـرفي، ليقوم بموجبه البنك المركزي اليمني بالرقابة والإشراف على بنوك التمويل الصغير والأصغر.
هيكل قطاع التمويل الصغير والأصغر الى اليمن:
يمكـن تقسـيم قطـاع التمويـل الصغير والأصغـر في اليمـن إلـى قطاعين أساسيين هما قطاع البنوك وقطاع البرامج والمؤسسات:
أولاً: قطاع البنوك:
هو قطـاع ذو طابع استثماري مكوّن مـن بنوك التمويـل الأصغـر وقطاعات أو وحدات تابعة للبنـوك التقليدية والإسلامية، ويخضع للتنظيم والرقابة والإشراف من قبل البنك المركزي وبموجب القانون رقم (15) لسنة 2009م السابق الإشارة إليه، ويحصل هذ القطاع على الأموال لتمويل أنشـطته التمويلية مـن خلال أمواله الخاصة وإيداعات ومدخرات المودعين، ولهذا القطاع الحريـة في تحديد حجم الأموال المخصصة للأنشـطة والاسـتثمارات وفقا لأهدافه واسـتراتيجياته الداخليـة.
ثانياً: قطاع البرامج والمؤسسات:
هو قطاع خدمي يهدف للربحية “بغرض استدامة المؤسسات والبرامج وليس بهدف الحصول على عوائد للمساهمين فيها”، ويتكـون مـن مؤسسـات وبرامج التمويـل الصغير والأصغـر، وهو لا يخضع لقواعـد الرقابة والإشراف التي يحددها البنـك المركـزي وفقاً للقانون (15) لسنة 2009م، ويعتمـد هذا القطاع بشـكل كامـل تقريبـاً على الأمـوال من البرامج الخارجيـة التـي يحصـل عليهـا الصنـدوق الاجتماعي للتنمية كمنح ومساعدات من المانحين الدوليين مقابل الالتـزام بشـروط التنفيـذ التي تمليهـا تلك المنظمـات، غير أن هذا القطاع يعمل وفقاً للقانـون رقم (1) لسـنة 2001م الخاص بتنظيم عمل الجمعيات والمؤسسـات مثـل المنظمـات غيـر الحكوميـة والجمعيـات الخيرية.
استراتيجيات وأهداف صناعة التمويل الصغير والأصغر في اليمن:
عملت الحكومة اليمنية مع الصندوق الاجتماعي للتنمية والجهات المانحة منذ العام 1997م على تطوير استراتيجيات لخدمة سوق المنشآت الصغيرة والأصغر وقطاع التمويل الصغير والأصغر لمواكبة التغيرات المستمرة في السوق؛ حيث أقر مجلس رئاسة الوزراء في يناير من العام 2005م (الاستراتيجية الوطنية للتمويل الأصغر) والتي أسهمت في توسيع وتنويع قطاع تمويل المنشآت الصغيرة والأصغر بشكل أكبر، وأعقبها إطلاق استراتيجية وطنية في العام 2008م بمساعدة بنك الإعمار الألماني (KFW) تلتها عدة استراتيجيات قام الصندوق الاجتماعي للتنمية بتبنيها وإعدادها.
وتهدف جهود بنوك وبرامج ومؤسسات التمويل الصغير والأصغر الى إحداث أثر إيجابي على حياة الناس، وتحسين مستوى المعيشة والحد من البطالة والفقر في المجتمع، كما تسعى إلى التخفيف من الهجرة المستمرة من الأرياف إلى المناطق الحضرية من خلال دعم القطاع الزراعي والحيواني والسمكي؛ مما يسهم في إشباع حاجات المقيمين فيها وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
محطات في قطاع التمويل الصغيرة والأصغر 1997م-2022 م:
– محطة الانطلاقة:
كانت بداية صناعة التمويل الصغير والأصغر في اليمن في الفترة ما بين العام 1997 والعام 1999م من خلال إنشاء وحدة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر في الصندوق الاجتماعي للتنمية، حيث تم إطلاق مشروعات الأنشطة المُدرّة للدخل في المناطق الريفية.
وخلال الفترة من العام 2000م وحتى العام 2008م تأسست عدة برامج ومؤسسات للتمويل الأصغر بمساهمة مشتركة من الصندوق الاجتماعي للتنمية ورجال أعمال وشخصيات اعتبارية أخرى كمساهمة مجتمعية، والتي نتج عنها برامج ومؤسسات عدة أبرزها برنامج حضرموت للتمويل الأصغر، وبرنامج آزال للتمويل الأصغر، والمؤسسة الوطنية للتمويل الأصغر، وبرنامج الاتحاد للتمويل الأصغر، وغيرها من البرامج.
وقد شـجع الصنـدوق الاجتماعي للتنمية القطـاع المصـرفي الخـاص على الدخـول في قطـاع التمويـل الصغير والأصغـر لخلق بيئة تنافسـية وبهدف التوسـيع والانتشـار من خلال تقديمه للدعم الفني، وكانت بداية دخول القطاع الخاص في هذا القطاع في العام 2006م حيث تأسس برنامج التضامن للتمويل الأصغر التابع لبنك التضامن، تلاه تأسيس أول بنك للتمويل الأصغر وهو بنك الأمل للتمويل الأصغر في العام 2008م بمساهمة مالية من الصندوق الاجتماعي للتنمية بالإضافة الى جهات وشخصيات أخرى، وأخيراً في العام 2009م كان دخول بنك الكريمي للتمويل الأصغر الذي شكّل دخوله إضافة نوعية للقطاع.
وتنظيماً لصناعة التمويل الصغير والأصغر والإشراف والرقابة عليها؛ فقد تم إصدار قانون بنوك التمويل الأصغر برقم (15) لسنة 2009م لينظـم أنشـطة التمويـل الصغير والأصغـر داخـل القطـاع المصـرفي.
– محطة الحروب والأزمات:
كان قطاع التمويل الصغير والأصغر في اليمن عاجزاً عن تحقيق كامل أهدافه المرسومة حتى قبل اندلاع النزاعات في اليمن، وكان لعدم الاستقرار السياسي في اليمن الذي بدأ في فبراير 2011م تأثير على قطاع التمويل الأصغر خاصة وعلى الاقتصاد العام للبلاد بشكل عام، ليستعيد القطاع عافيته في العام 2012م، وينتعش من جديد ليتوسع وينتشر أكثر في العام 2013م، وتجاوز عدد عملاء التمويل النشطين الـ 120 ألف عميل مع نهاية العام 2014م، وفي العام 2015م تدخل اليمن في دوامة جديدة لتندلع عليها حرب تعصف بالبلاد عامة وبقطاع التمويل الصغير الأصغر من جديد على وجه الخصوص وبسبب التدخـل السياسي والعسـكري والاقتصادي في البلاد وانقسام البنك المركزي واختلاف سعر صرف الريال لا يزال القطاع يعمل على تجاوزها والتعايش معها والتخفيف من آثارها.
أنهكت الحرب اليمن ودمرت اقتصاده الوطني، وتأثرت القطاعات الحيوية لا سيما قطاع التمويل الأصغر وكرد فعل للوضع تم إغـلاق فـروع برامج ومؤسسـات التمويـل الصغير والأصغـر في المحافظـات المتأثـرة بالصـراع مثـل محافظات عـدن وتعـز وأبيـن ولحـج وتم وقـف منح التمويلات في المحافظـات التـي كانـت أقـل تأثـراً بالحرب، حيث تعثرت معظم المنشآت الصغيرة الواقعة في مناطق الصراع والقريبة منها وتسبب الصراع في نزوح الكثير من أصحابها إلى مناطق أخرى وفقدانهم لمصادر دخلهم الرئيسية وباتوا عاجزين عن سداد التزاماتهم المالية للغير.
وفي العام 2016م بدأ قطاع التمويل الصغير والأصغر بالتعافي وقام الصندوق الاجتماعي للتنمية بتغطية الخسائر التشغيلية لمؤسسات وبرامج التمويل الأصغر للعامين 2015-2016م ودعم المتضررين من الحرب من عملاء مؤسسات وبرامج التمويل الأصغر فقط.
– محطة وباء كورونا “كوفيد 19”:
مع تفشي فيروس كورونا المستجد “كوفيد19” حول العالم وتحديداً في شهر مارس 2020 بدأ تطبيق الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي فيروس كورونا ومنع انتشار الوباء؛ مما أدى إلى ظهور العديد من الآثار السلبية كإغلاق الأسواق والمراكز التجارية، وتوقف منشآت الأعمال عن مزاولة أنشطتها وغيرها مما أثر على أعمال ونشاط قطاع التمويل سلباً، وعلى الرغم من آثاره السلبية، إلا أن تفشي فيروس كورونا المستجد أثر بشكل إيجابي على قطاع التمويل الصغير والأصغر وأحدث فيه تغيراً هاما وجوهرياً كالتحول نحو أتمتة العديد من العمليات الداخلية للقطاع وتزايد الإقبال على استخدام الخدمات المالية الإلكترونية من قبل العملاء والجمهور وارتفاع وعيهم بها، مما سيسهم مستقبلا في تعزيز الشمول المالي بشكل أوسع، وكذلك الانتعاش الكبير في بعض القطاعات كقطاع تصنيع الأدوية والمستلزمات الطبية وقطاع المنظفات والمعقمات وقطاع تكنولوجيا المعلومات، وأحدث توسعا كبيرا في المنتجات الريفية والزراعية والحيوانية, وتربية النحل والطاقة الصديقة للبيئة إضافة إلى زيادة التركيز على الأمن الغذائي والإنتاج المحلي.
– محطة اللاعبين الجدد:
بعد توقف الكثير من أعمال القطاع الخاص المصرفي بسبب الحرب، يعود بعدها القطاع الخاص المصرفي الى ساحة المنافسة بدخوله بشكل كبير في قطاع التمويل الصغير والأصغر والمتوسط، مؤخراً وما بين الفترة 2018م – 2022م شهد قطاع التمويل دخول القطاع الخاص المصرفي الى ساحة المنافسة بشكل كبير حيث انضمت بنوك جديدة الى سوق المنافسة كبنك اليمن والكويت ومصرف اليمن البحرين الشامل والبنك التجاري، وشهدت كذلك هذه الفترة عودة بنك التسليف التعاوني الزراعي (كاك بنك) لدعم المزارعين عبر التمويلات الزراعية، وظهرت العديد من بنوك التمويل الأصغر الجديدة التي لا تزال تحت التأسيس في عدة محافظات كبنك القاسمي وبنك عدن وبنك إنماء وبنك القطيبي وبنك بن دوال وبنك حضرموت وغيرها من البنوك.
توسع وانتشار صناعة التمويل الصغير والأصغر في اليمن:
بالرغم من تمركز معظم عملاء بنوك وبرامج ومؤسسات التمويل الصغير والأصغر في المناطق الحضرية، إلا أنه وفي السنوات الأخيرة استطاعت العديد من بنوك ومؤسسات وبرامج التمويل الصغير والأصغر والمتوسط الوصول الى المناطق الريفية وعمل القطاع على التوسع والانتشار في العديد من المدن الرئيسية والثانوية والتواجد في بعض مراكز القرى من خلال 8 برامج ومؤسسات للتمويل الأصغر و5 بنوك وبنوك للتمويل الأصغر، تحقيقاً لأهداف القطاع، وذلك من خلال المنتجات التمويلية الزراعية والحيوانية ومنتجات تمويل الطاقة المتجددة والنظيفة الصديقة للبيئة بأنواعها والتي بدورها أسهمت في التقليل من تكاليف الإنتاج وحسنت من جودة المنتجات الزراعية، بالإضافة إلى زيادة التركيز على الأمن الغذائي والإنتاج المحلي.
ويأتي هذا التوجه بهدف الوصول إلى قطاعات وفئات واسعة من المجتمع خصوصاً ممن ليس لديهم القدرة على الوصول الى الخدمات المالية وغير المالية التي يقدمها قطاع التمويل، وتحديداً فئة الشباب والنساء في ظل ارتفاع مستويات البطالة بين هذه الفئات.
مؤشرات أداء قطاع التمويل الصغيرة والأصغر والمتوسط
من خلال أرقام ونتائج قطاع التمويل الأصغر والصغير والمتوسط في اليمن يتضح لنا أن القطاع قد أحرز تقدماً أفضل فيما يتعلق بالتوسع والانتشار والأداء واستدامة البرامج، والاستفادة من التكنولوجيا لتوفير منتجات وخدمات مالية مبتكرة، والعمل على تحسين الظروف المعيشية، والحد من البطالة، وتطوير حلول للتكيف مع مختلف أنواع الأزمات والتحديات التي تواجه القطاع، ومن خلال تحليل البيانات التاريخية للفترة من 2013م وحتى 2022م، يتضح مدى تأثر حجم التمويلات بظروف الحرب التي تشهدها البلاد منذ العام 2015م، وكذلك تظهر المؤشرات مدى تأثر حجم التمويلات بالاستراتيجيات والتوجهات ومدى تلبية القطاع لمتطلبات التنمية المستدامة وتظهر الأثر الاجتماعي والاقتصـادي الشامل والملموس الذي يحدثه قطاع التمويل في مختلف أنواع القطاعات المستهدفة التجارية والصناعية والإنتاجية والخدمية والتكنولوجية والزراعية والطاقة البديلة ومن خلال السعي الى تحقيق الأمن الغذائي وتشجيع الإنتاج المحلي، وقد أجري التحليل للمؤشرات على 13 منشأة تمويل منها خمسة بنوك و8 مؤسسات وبرامج للتمويل الأصغر في حين لم تتوفر مؤشرات بعض البنوك.
– تحليل لمبالغ التمويلات النشطة
مع نهاية العام 2014م بلغت قيمة التمويلات النشطة (12,340 مليار ريال يمني)، ومع نهاية العام 2015م وبسبب الصراع المسلح انخفضت قيمة التمويلات النشطة الى (6,741 مليار ريال يمني)، ليستمر الانحدار حتى العام 2017م، ويستعيد القطاع نشاطه ليرتفع إجمالي مبلغ التمويلات الممنوحة حتى نهاية العام 2018م الى (10,667مليار ريال يمني)، لتصل قيمة التمويلات النشطة في نهاية العام 2022م الى (53,443 مليار ريال يمني)، وهذا مؤشر على ارتفاع متوسط مبلغ التمويل، كما تظهر المؤشرات التراكمية الارتفاع في قيمة التمويلات بنسبة 293% ما بين العامين 2014م وحتى العام 2022م، حيث ارتفعت من (71,959 مليار ريال يمني) الى (282,998 مليار ريال يمني).
– تحليل لعدد التمويلات النشطة
وفي المقابل ومع نهاية العام 2014م وصل عدد عملاء التمويلات النشطة الى (121,235 عميل تمويل نشط) وانحسر هذا المؤشر مع نهاية العام 2015م الى (93,118 عميل تمويل نشط)، مستمرا هذا العدد في التراجع حيث وصل العدد الى (83,490 عميل تمويل نشط) في عام 2018م بالرغم من ارتفاع إجمالي مبلغ التمويلات الممنوحة لنفس الفترة، ليصل العدد في نهاية العام 2022م الى (80,353 عميل تمويل نشط).
– أرقام تراكمية
بلغت إجمالي قيمة التمويلات المصرفة من بداية نشاط التمويل الأصغر (282,998 مليار ريال يمني)، وتظهر المؤشرات التراكمية الارتفاع في التمويلات بنسبة 293% ما بين العامين 2014م وحتى العام 2022م حيث ارتفعت مبالغ التمويلات من (71,959 مليار ريال يمني) الى (282,998 مليار ريال يمني)، يقابله ارتفاع بسيط في عدد التمويلات التراكمية وبنسبة 55% فقط لنفس الفترة حيث ارتفع العدد من (624,491 تمويل) الى (881,279 تمويلا) وهذا العدد يمثل كذلك إجمالي عدد التمويلات المصرفية من بداية نشاط التمويل الأصغر.
– حصة التمويلات الزراعية
التمويلات الزراعية هي إحدى المنتجات التي تفتخر بها بنوك ومؤسسات وبرامج التمويل الصغير والأصغر والمتوسط، وبحسب المؤشرات فإن إجمالي ما تم منحه عبر برامج ومؤسسات التمويل التابعة للصندوق الاجتماعي للتنمية للفترة من 2018 وحتى 2022 قد بلغت (24,819 تمويل) بإجمالي مبلغ (29,969 مليار ريال يمني)، موزعة على العديد من المناطق الزراعية في اليمن، وجميعها وجهت الى دعم وتطوير المنتجات الريفية والزراعية والحيوانية المتنوعة، في حين لا توجد مؤشرات واضحة حول عدد ومبلغ التمويلات الزراعية الممنوحة عبر البنوك إلا أنها لا تقل أهمية من حيث العدد والقيمة عن تلك الممنوحة من برامج ومؤسسات التمويل.
– نسبة الأرباح على التمويل
يبلغ متوسط نسبة الربح السنوي على التمويل من 15% الى 18% وهي نسبة مرتفعة نوعاً ما مقارنة بالنسب في الدول العربية التي تشترك مع اليمن في نفس الظروف المعيشية إلا أن الارتفاع ناتج عن التحديات والمخاطر الكثيرة التي تواجه قطاع التمويل واللاحق ذكرها.
تحديات يواجها قطاع التمويل الصغيرة والأصغر
يواجه قطاع التمويل الصغيرة والأصغر والمتوسط العديد من التحديات والعقبات والتي تتعدد وتختلف على مستوى بنوك ومؤسسات وبرامج التمويل، التي ولربما إن واجهت إحدى الجهات قد لا تواجه الأخرى ونذكر منها على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر:
(المخاطر المالية، المخاطر التشغيلية، مخاطر التعثر، مخاطر الائتمان، مخاطر السيولة، مخاطر مرتبطة بشخصية العملاء، التحديات الأمنية، الركود الاقتصادي، التضخم، مخاطر تتمثل في عدم كفاية الضمانات، مخاطر تتمثل في ارتفاع نسبة المحفظة في خطر (PAR) والمديونية المتعثرة، مخاطر تتمثل في المنافسة الغير شريفة، مخاطر مرتبطة بنوعية القطاع المستهدف، ضعف البنية المؤسسية، محدودية الانتشار، انقسام البنك المركزي، واختلاف السياسات النقدية، اختلاف أسعار الصرف، القيود المفروضة على الاستيراد والتصدير، ……. وغيرها الكثير من المخاطر والتحديات)
إلا أن التحدي الأكبر الذي يواجه قطاع التمويل الصغير والأصغر والمتوسط فعلاً ويعيق نموه هو افتقار القطاع المالي والمصرفي للمحاكم والقوانين والتشريعات والجهات التنفيذية المتخصصة بقضايا البنوك، والتي من شأنها تنظيم العمل، وتسرع البت في القضايا المنظورة وتعمل على منع التلاعب وتلزم العملاء الممتنعين والمتهربين من السداد بسداد ما عليهم من التزامات للبنوك ومؤسسات وبرامج التمويل بما يضمن استرداد الأموال وإعادة تشغيلها.
وهنا تجدر الإشارة الى أن قدرة أي بلد على استقطاب ورؤوس الأموال المحلية والأجنبية الاستثمارات المختلفة والمحافظة عليها يعتمد وبشكل أساسي ورئيسي على وجود بيئة استثمارية آمنة ومُشجعة في ظل استقرار سياسي واقتصادي وأمني ووجود تشريعات وقوانين تحفظ وتكفل للمستثمرين حقوقهم وتشجعها على البقاء والتوسع والحصول على عوائد مجدية على الاستثمار وبما يعود على البلاد بمنافع عديدة.
محمد الويسي – رئيس وحدة التمويل الأصغر والمتوسط في مصرف اليمن البحرين الشامل