أم الأيتام رقية  عبدالله الحجري

مطهر تقي

سمعت الكثير عن مؤسسة الرحمة للتنمية الإنسانية وما قدمته مؤسستها الأستاذة رقية عبدالله الحجري من عمل عظيم في التأسيس عام 2001 وما تحقق من انجازات خلال اثنين وعشرين عاما من الجهد الاستثنائي الكبير…. وصدق من قال:

ليس من سمع كمن رأى فقد تحمست لزيارة المؤسسة وطلبت من الصديق العزيز الأستاذ إبراهيم محمد شرف الدين وكيل وزارة التربية والتعليم (المحب للخير وفعله) أن نذهب سويا إلى المؤسسة الذي سبق له أن زارها وحدثني بإعجاب عن المؤسسة وما تقدمه من خدمات للأيتام فذهبنا سويا وتشرفنا بمقابلة المرأة العظيمة والأم الرؤوم الأستاذة رقية التي صحبتنا بالشرح لزيارة مباني المؤسسة وما تظم بين جنباتها من مرافق متنوعة تخدم قرابة خمسمائة وثلاثين يتيما ويتيمة ويتلقون جميعا خدمة ورعاية واهتماما تضاهي خدمة ورعاية  أي مؤسسة خيرية في أي بلد خليجي أو غربي ولا يصدق  الزائر أن الرعاية بذلك المستوى النظيف في السكن والمأكل والملبس والنظام العام الدقيق الذي تدار به تلك المؤسسة  في اليمن.

والجميل في الأمر أن نشاط هذه المؤسسة قد تجاوز العاصمة صنعاء إلى كل من تعز وإب بإقامة  فروع لتقديم تلك الرعاية المتميزة للأيتام…. وما فهمته من الأم رقية أن في المستقبل  ستفتح فروعا جديدة في محافظات أخرى بمسعى تلك الأم الاستثنائية ومساعدة عشاق الخير من المحسنين.

وما لفت نظري هي حكاية قصة البداية لميلاد تلك المؤسسة التي بدأت عام 2001 تحت مسمى دار الرحمة لرعاية اليتيمات كأول مشروع لعمل إنساني تقوم به امرأة يمنية ألهمتها حكاية المولدة مريم التي تركتها أمها رضيعة بنت أيام بجوار بوابة مستشفى في الحديدة وهربت فسخر الله لها قلب إحدى الممرضات لرعايتها وتربيتها لمدة عشر سنوات ثم تموت تلك الممرضة بمرض السرطان ويتولى رعاية مريم أحد جيران الممرضة ليربيها مع أطفاله إلا أن زوجة ذلك الإنسان الطيب اعترضت على انضمام مريم (التي لا أحد يعرف والدها ووالدتها) للعيش مع أولادها فهامت مريم على وجهها وتوجهت مع رفيقات لها للبحث عن عمل في صنعاء وعند وصولها إلى باب اليمن وذهاب زميلاتها كلا إلى أقربائها أو معارفها  هامت على وجهها حتى أغمي عليها فقام بإسعافها أحد الخيرين الذي وجدها مغمى عليها في أحد الشوارع إلى المستشفى الجمهوري واكتشف أن لديها مرض السكر وتم نقلها بعد إسعافها إلى إحدى الجمعيات الخيرية للإقامة فيها لكن مريم تمردت على صحتها وكانت تتعمد أكل الحلويات حتى تضع حدا لحياتها البائسة وفعلا تحقق ما أرادته وماتت في غرفة العناية في المستشفى الجمهوري بصنعاء وانتشرت حكاية اليتيمة البائسة مريم  التي  تتكرر لكثير من الأطفال الأيتام في اليمن وكان من ضمن من  سمع بتلك الحكاية الأستاذة الفاضلة رقية ابنة القاضي عبدالله الحجري(رئيس الوزراء الأسبق) فعزمت وتوكلت على الله  أن تسهم بالفعل في رعاية الأيتام وتكون أما لمن فقدت أمها أو فقد أمه من الأطفال وتهب وقتها وصحتها وكل اهتماماتها (بالرغم من مسؤوليتها نحو أولادها وأسرتها) لعمل الخير والمساهمة المجتمعية في رعاية الهائمين على وجوههم من الذين فقدوا أمهاتهم وآبائهم في العاصمة صنعاء وغيرها من المناطق….وكانت البداية الموفقة لرحلة  الألف ميل تقديم المحسن الشيخ احمد المنصري ثلاث بنايات مع حوشها الواسع وبعد زمن يتقدم الحاج المحسن المرحوم محمد حسن الكبوس(والد حسن الكبوس) ببناء عمارة رابعة ثم تسهم المحسنة خديجة قلالة ببناء عمارة خامسة وتأتي بعدها المرحومة هند بشر عبدالحق لتبني عمارة سادسة مع مدرسة لتكون النتيجة وبعد سنوات من العمل المضنى والسعي الحثيث من الأستاذة  رقية والمحسنين المذكورين وبسخاء أهل الخير إقامة مجمع متكامل للمؤسسة التي تختلف عن كثير من المؤسسات الحكومية وبعض المؤسسات الخاصة التي يتم بنائها بأحسن بناء لكنها تفتقر بعد ذلك إلى الإدارة الناجحة لمهامها والاهتمام بنظافتها ودقة خدماتها المتنوعة كحال مؤسسة الرحمة التي سخر لها الله الإنسانة رقية عبدالله الحجري التي قضت حتى هذا العام من عمرها قرابة اثنين وعشرين عاما من الجهد المتواصل لتوفير المباني بكامل أثاثها ومستلزمات الرعاية من أكل وشرب ولبس الأيتام ورواتب قرابة مائة من الموظفين والموظفات من القائمين على رعاية الأيتام واليتيمات بدعم أهل الخير.

والجميل أن اهتمام المؤسسة ليس قاصرا على الأكل والشرب ومكان النوم وتقديم الرعاية الصحية والنفسية للنزلاء فقط بل في البرنامج اليومي الذي يظم أنشطة متنوعة أهمها التدريب والتأهيل للأيتام في أكثر من تخصص مثل تعليم الخياطة والتريكو والكمبيوتر…. حتى يتم للطالب أو الطالبة من تعلم مهنة ليعتمد عليها في معيشته مستقبلا، وكذلك تدريس الملتحقين بالدار ابتداء من الحضانة حتى استكمال تعليمهم الجامعي ومساعدتهم بعد ذلك في البحث عن عمل.

شكرا للأستاذة الأم الفاضلة رقية عبدالله الحجري والطاقم الوظيفي معها على كل ذلك الجهد والرعاية المتميزة وشكرا لكل من ساهم ولازال يسهم من الخيرين والخيرات في تقديم الدعم والمساعدة المالية والعينية ورجال الأعمال في المقدمة.

واتمنى للمؤسسة مزيدا من الإنجازات الإنسانية وفي أكثر من محافظة واوجه دعوة لكل من يبحث عن عمل الخير والإحسان لدعم هذه المؤسسة العظيمة فدعمها يصب فيما يدعون الله إليه من خير وأحسان والله يجزي كل محسن بقدر عمله

2023/10/9 اثنين

اخبار ذات صلة