تلاسيميا اليمن.. وكأن الحرب وحدها لا تكفي!

يوجد في اليمن نحو 1300 مصاب بمرض ‘التلاسيميا”. علي عبد القادر واحد منهم. “نحتاج للدم بشكل مستمر كل 3 أسابيع على الأقل. معاناتنا لا تتوقف، وتفاقمت بسبب الحرب”.

يتردد عبد القادر باستمرار على المركز الوطني لنقل الدم بالعاصمة صنعاء للحصول على مادة البلازما وللعلاج حتى لا يتعرض لتشوهات.

“إذا لم احصل على الدم أنتظر الموت في أي لحظة لأن حياتي تتوقف تماما”، يقول.

والتلاسيميا اختلال وراثي في الدم يتسبب في نقص الهيموجلوبين، البروتين الموجود بكريات الدم الحمراء والمسؤول عن نقل الأوكسجين من الرئتين إلى باقي أعضاء الجسم. ويحتاج المريض دائما إلى عمليات نقل دم منتظمة.

وإلى جانب مرضى التلاسيميا، يوجد في اليمن أكثر من 25 ألف مصاب “بالأنيميا المنجلية” (أحد أشكال فقر الدم) حتى نهاية عام 2019. سجل منهم في مركزي التلاسيميا بصنعاء والحديدة نحو 9 آلاف فقط، وفقاً للمدير العام للجمعية اليمنية لمرضى التلاسيميا والدم الوراثي جميل الخياطي.

لكن هذا ليس هو الأخطر رغم كل شيء. “الأخطر أن هناك قنابل موقوتة، فكل حالة من هذه الحالات تخفي خلفها حالات تحمل الجينات المسببة لتلك الأمراض”، يقول الخياطي لـ”ارفع صوتك”، فالتلاسيميا، مرض وراثي يسبب فقر الدم المزمن ويؤدي إلى الوفاة المبكرة.

والمؤسف أن أغلبية المصابين لا يستطيعون الحصول على العلاج اللازم.

ونهاية العام الماضي قالت منظمة الصحة العالمية إن “علاج مرضى التلاسيميا بات معجزة نادرة في اليمن التي تكافح من أجل تلبية الاحتياجات الصحية في ظل الصراع المستمر فيها منذ سنوات والنظام الصحي المتدهور”.

ويولد أكثر من 500 ألف شخص حول العالم سنويا مصابون بإصابة حادة من التلاسيميا.

يصارعون الحياة

في ساحة المركز الوطني لنقل الدم بالعاصمة صنعاء، يجلس عدد من المرضى بانتظار فرصة الحصول على علاج.

ويشكو المرضى من عدم قدرتهم على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، ويقولون إنهم يصارعون الحياة من أجل البقاء.

وقال محمد العريقي بنبرة حزينة، وهو يحضن أحد أطفاله، لـ”ارفع صوتك”: “أطفالي مصابون بهذا المرض منذ ولادتهم، لاحظ تجلط الدم في جسد ابني. كثير من المرضى تشوهت أشكالهم، ومشكلة العلاج أنه غير متوفر في الأسواق، وإذا توفر فإن قلة يستطيعون شراءه، لأن سعره مرتفع جدا. نريد أدوية مجانية”.

وأضاف العريقي الذي كان متواجداً في مقر الجمعية اليمنية لمرضى الثلاسيميا والدم الوراثي بصنعاء أنه اضطر للانتقال من تعز إلى صنعاء، للبحث عن علاج لزوجته وأطفاله الثلاثة المصابين بتكسرات في الدم.

وتوجد أزمة في العلاجات بحسب جميل الخياطي الذي يوضح: “قبل الحرب كان المرضى يعتمدون على وزارة الصحة في توفير أدويتهم. لكن نتيجة للحصار والأوضاع الراهنة التي تمر بها بلادنا، لم يتم توفير الأدوية. للأسف الأدوية الرئيسية المطلوبة منعدمة تماما”.

ويضيف: “هذه الأدوية يتم استيرادها من الخارج، وأسعارها مرتفعة، ولأنه يوجد في الأسرة الواحدة أكثر من مصاب بهذه الأمراض، فالوضع يصبح غاية في الصعوبة. كثير من الأسر لا تستطيع توفير الأدوية لأبنائها”.

إمكانات محدودة

وتسعى الجمعية اليمنية لمرضى الثلاسيميا والدم الوراثي للتخفيف عن هؤلاء المرضى وأسرهم من خلال التنسيق والتعاون مع المراكز الوطنية لنقل الدم لتوفير الدم الآمن للمرضى مجاناً، وتوفير خدمات الرعاية الصحية المطلوبة للمرضى (تشخيص ومعاينة، طوارئ ورقود، الإحالات للمستشفيات والمراكز الطبية، والأدوية المقدمة من وزارة الصحة أو المتبرعين)، إلى جانب خدمات أخرى بينها كفالة المرضى الأيتام وخدمات الدعم النفسي.

وأوضح جميل الخياطي أن الجمعية، التي تستقبل عبر مركز رعاية مرضى التلاسيميا وتكسرات الدم الوراثية التابع لها بصنعاء أكثر من 80 مريضا يومياً، تمر بظروف صعبة وتفتقر لموازنة تشغيلية كافية. “كل يوم نسجل حالات جديدة. لم نعد قادرين على مواجهة تلك الأعداد”.

وأضاف: “خلال عام 2019، قدم مركز التلاسيميا في صنعاء فقط 21900 خدمة للمرضى، وزارة الصحة توفر للمركز التابع للجمعية كميات من الأدوية الثانوية المخففة للألم، بين فترة وأخرى. لكنها لا تغطي سوى 30 في المئة من الاحتياج”.

irfaasawtak

اخبار ذات صلة