بنك الكريمي من دكان صغير الى وطن كبير

د كمال البعداني

في بداية التسعينات من القرن الماضي كان اسم ( الكريمي ) لا يتعدى دكاناً صغيراً في شارع حدة بالعاصمة صنعاء ، تهتدي اليه بصعوبة ، وفي عام 2023م أصبح اسم الكريمي دليلا لمن يبحث عن عنوان في أي مدينة أو مديرية داخل الوطن اليمني الكبير ، وما بين تسعينات القرن الماضي وعشرينات القرن الحالي قصة  إرادة وإدارة  ، قصة كفاح ونجاح ، قصة إشاعات ونيران صديقة ما تزال مستمرة الى يومنا هذا .

 ألا يكفي بنك الكريمي فخرا  أنه البنك الوحيد الذي لم تغلق أبوابه وأبواب فروعه في جميع مدن ومديريات الجمهورية  وظل يقدم خدماته للمواطنين في أحلك الظروف وأشدها التي مرت بها البلاد ، في حين أغلقت أبوابها دكاكين وبسطات.

وقد دفع بنك الكريمي  ثمنا باهضا من أجل استمراره في تقديم خدماته في تلك الظروف ، وكان أشدها وجعاً هو نهب أكثر من ستمائة مليون ريال من فرع الكريمي ( ديلوكس ) في شارع جمال بمدينة تعز  في شهر أربعة من العام 2017م ، وهذا الخبر ليس من الأسرار بل تم تداوله حينها في جميع مواقع التواصل ، كان البعض يعتقد أن الكريمي سيغلق فروعه في تعز ولو لفترة كنوع من الاحتجاج  لكن ذلك لم يحصل  رغم أن معظم ( النيران ) الصديقة التي تنال بنك الكريمي  تأتيه من تعز في معظم السنوات ( القمرية ) ، وفي محافظة الضالع تم نهب اثنين مليار ريال من أموال بنك الكريمي ولم يتم استردادها إلا بصعوبة بالغة وبالطبع تضحيات كبيرة.

عند نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء الى عدن عام 2016م  أصبحت المبالغ التي في كل البنوك التجارية  قبل نقل البنك أرصدة دفترية ، أي لا يستطيع صاحبها سحبها ، ألا بنك الكريمي يستطيع العميل سحب وديعته منه  سواء كانت الوديعة قبل نقل البنك أو بعده ،، ومع ذلك لا تتعرض تلك البنوك لحملات تشويه وافتراء مثلما يحصل لبنك الكريمي ، وحتى البنوك التي أعلنت إفلاسها وعجزت عن تسديد ودائع الناس  لم تتعرض لهجوم مثلما يتعرض له الكريمي ، تم في الفترة الأخيرة إلغاء العمولات للكثير من الخدمات  مثل عمولات الإيداع والسحب داخل المنطقة ، رسوم فتح الحساب ، تطبيق الكريمي جوال الذي يوفر الوقت والجهد.

الحقيقة أن الكريمي له بصمة واضحة  ونقل عالم الصرافة في اليمن نقلة نوعية  ولا ينكر ذلك إلا مكابر،  الكريمي كخدمة تجده في المكتبة وفي المراكز التجارية  ، تجده في المطعم ، في الباص في كل مكان تكن بحاجة إليه ، أنا كيمني افتخر بهذه القلعة الاقتصادية الضخمة، والتي تقوم بتشغيل   الآلاف من الأيادي العاملة ومن كل مناطق اليمن ، النقد مطلوب من أجل تقديم  المزيد من الخدمات ومعالجة السلبيات  والأخطاء التي لا يخلوا منها بنك الكريمي وغيره ، هناك نقد من أجل الإصلاح ، وهناك نقد من أجل الهدم والخراب ، على الجهات التي تقود حملات ضد بنك الكريمي ، عليها بدلا من ذلك منافسته من أجل تقديم الأفضل للمواطن اليمني .

 وكما قال الشاعر .

أَقِلّوا عَلَيهِم لا أَبا لِأَبيكُمُ

مِنَ اللَومِ أو سُدوا المكان الذي سدّوا

..تعظيم سلام لذاك الدكان الصغير الذي أصبح وطناً كبيراً .

اخبار ذات صلة