الدكتور عبد الكريم فرحان.. قصة نجاح في زمن الفشل

علي الحميري      

لكل قصة نجاح وقع ومغزى يكتسب قوته وتأثيره وجماله من خلال ما يبعثه من معان وروح للأمل والعطاء والفخر، يكون المجتمع في أمس الحاجة لها ، لاسيما إذا كان هذا المجتمع يمر بحالة من  الألم والاحباط  والجمود ، كالحالة التي يمر بها حاليا المجتمع اليمني..

بين أيدينا قصة نجاح بطلها طبيب يمني في المهجر هو” الدكتور عبد الكريم فرحان أحمد” الذي يعد واحدا من أهم الجراحين اليمنيين المتخصصين في جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري، والذي استطاع أن يثبت حضوره داخليا وخارجيا في هذا المجال الطبي الدقيق من خلال عمله استشاريا ورئيس وحدة جراحة العمود الفقري في مستشفى الملك سعود بمنطقة عنيزة بالمملكة العربية السعودية، وقبل ذلك استشاري ورئيس قسم جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري في المستشفى السعودي الألماني بصنعاء وعضو الجمعية المصرية لجراحة المخ والاعصاب والعمود الفقري وعضو جمعية الشرق الأوسط لجراحة العمود الفقري ممثلا لليمن.

 

ـ نقطة مضيئة وسط صورة سوداوية:

ففي خضم سيل من الأخبار والقصص التي اعتدنا واعتاد غيرنا من العرب والأجانب خارج اليمن على قرأتها وسماعها ومشاهدتها مؤخرا ، والتي تحكي عن كوارث وصراعات وحروب تعصف بالشعب اليمني، تأتي اخبار وقصة الانجازات المتلاحقة التي يحققها “الدكتور عبدالكريم فرحان” في بلاد المهجر لتبعث ببارقة أمل كنقطة مضيئة وسط هذه الصورة السوداوية للحالة التي نمر بها حاليا.

وعلى غير العادة فبعد أن اعتدنا على سماع أخبار عن اجراء عمليات جراحية خطيرة وكبيرة في اليمن يقوم بها طبيب غير يمني مستقدم من دولة عربية أو أجنبية بتنا نسمع عن عمليات خطيرة في  دولة أخرى أجراها طبيب جراح يمني أو فريق طبي برئاسته ،وهو ما تكرر عن أخبار عمليات أجراها الدكتور عبد الكريم فرحان في مستشفى الملك سعود بمنطقة عنيزة بالمملكة العربية السعودية شملت كافة أنواع الجراحات للمخ والعمود الفقري والأعصاب الطرفية ، حتى أصبحت معظم مستشفيات المنطقة تحول حالات للمستشفى التي يعمل بها. 

فقد اجرى الدكتور فرحان العديد من العمليات الجراحية العاجلة والخطيرة تكللت جميعها بالنجاح، منها ست عمليات أجراها مؤخرا وهي عمليات انقاذ حياة من جلطات ونزيف في المخ والتي في معظم المستشفيات تترك حتى تتوفى بحجة أن الجلطة والنزيف التلقائي هو يتبع أطباء الباطنية وليس للجراحين دور فيه.

ـ عمليات جراحية معقدة كللت بالنجاح:

ومن ابرز وأشهر العمليات التي اجراها الدكتور عبد الكريم عملية كبرى استغرقت 6 ساعا ت وعلى أربع مراحل وتعد الأولى من نوعها على مستوى مستشفيات المنطقة..

 عملية جراحية أجريت لـ”فلبيني” في العقد الثالث من العمر تعرض لحادث مروري , وأصيب بعدم القدرة على السير وضعف في الجانب الأيمن والآم شديدة بالرقبة لوجود كسر في الفقرتين السادسة والسابعة مع تزحزح ورجوع للفقرة السابعة تجاه الحبل الشوكي مسبباً ضغطاً خطيراً ,

 حيث تم خلال المرحلة الأولى من العملية ازالة جزءاً من الفقرة السادسة والسابعة لتسهيل عملية الدخول بين الفقرتين , وتم في المرحلة الثانية ازالة الغضروف بين الفقرتين السادسة والسابعة , وفي المرحلة الثالثة للعملية تم ارجاع الفقرة المكسورة لمكانها الطبيعي فيما جاءت المرحلة الرابعة والأخيرة من العملية لوضع غضروف صناعي وتثبيت الفقرات بواسطة صفيحة وأربع براغي، وعقب العملية تحسنت حالة المريض بشكل تام وتمكن من المشي بعد 48 ساعة من العملية التي تعد من العمليات ذات طابع خاص حيث تحتاج إلى مهارات وإمكانيات عالية , وذلك لخطورة مكان الكسر والذي يسبب في الغالب الشلل التام  في حالة التعامل الخاطئ خلال مراحل إجراء العملية لارتباطها المباشر مع الحبل الشوكي.

وبرئاسة الجراح عبد الكريم اجرى فريق جراحي في مستشفى الملك سعود ابن عبدالعزيز عملية انقذت حياة شاب يبلغ من العمر 33عاما تعرض لجلطة في المخ أدت إلى إزاحة المخ والضغط على الجانب السليم في المخ بسبب الارتشاح الناتج عن الاحتشاء الحاد، حيث تم خلالها رفع العظمة وفتح وترقيع أغلفة المخ لإزالة الضغط وتم وضع العظمة تحت الجلد منطقة البطن لإعادتها بعد تحسن المريض واستقرار حالته.

عملية جراحية اخرى تمكن فريق طبي برئاسة الدكتور “فرحان” استغرقت ثلاث ساعات من إنهاء حالة معاناة لوجود ضيق في القناه القطنية بين الفقرات الثالثة والرابعة , والرابعة والخامسة , إضافة إلى وجود غضروف خارج مخرج العصب بين الفقرة الرابعة والخامسة..

حيث عمل الفريق الجراح خلال العملية على استئصال الصفيحة العظمية الرابعة, إضافة إلى استئصال جزئي للصفيحة العظمية الثالثة وتوسيع مخارج الأعصاب , واستئصال الغضروف الواقع خارج القناة العصبية من الخلف ( far lateral disc herniation ).

وتكمن صعوبة مثل هذه العمليات بأنها تحتاج خبرة عالية ودقة متناهية أثناء إجراء العملية وذلك لصعوبة الوصول للغضروف ،”far lateral disc” من الخلف ويحتاج إلى جراحه أخرى من الجانب بالمنظار اذا لم يتمكن من ازالته من الخلف.

وفي صنعاء كان قد تمكن فريق طبي في المستشفى السعودي الألماني برئاسة الدكتور عبدالكريم من إعادة النظر لامرأة بعد اجراء عملية لإزالة ورم بلغ حجمه ثلث حجم الدماغ كان قد تسبب لها بفقدان تام للنظر في العين اليسرى وضعف في الحركة في الجهة اليمنى من الجسم.

 

ـ ممثلا لليمن على مستوى الشرق الأوسط:

وفي الوقت الذي غابت فيه اليمن عن التجمعات والفعاليات الدولية العلمية المتميزة كان الدكتور عبد الكريم فرحان ، سببا في ذكر وتواجد اليمن في أكبر تجمع لجراحي العمود الفقري في الشرق الأوسط  بعد اختياره ممثلا للجمهورية اليمنية في جمعية جراحي العمود الفقري للشرق الأوسط والتي يحمل كل من تم ترشيحهم لهذا التجمع أعلى المؤهلات العلمية  “بروفيسورات”،

وقد اختار المكتب التنفيذي للجمعية الدكتور عبدالكريم بعد أن لمع نجمه وذاع صيته خلال فترة وجيزة نتيجة ما قدمه من خدمات متميزة من خلال إجراءه العديد من العمليات الجراحية سواء في الجمهورية اليمنية أو في المملكة العربية السعودية، ويتولى المكتب التنفيذي اختيار الاطباء المتميزين من كافة دول الشرق الأوسط ولمدة عامين وذلك لتمثيل بلدانهم في الأبحاث وكذا لتنسيق الزيارات لهذه الدول بغرض إقامة مؤتمرات علمية وندوات ودورات تدريبية للأطباء في هذا المجال.

وبالفعل فقد شارك الدكتور عبدالكريم فرحان  بورشة العمل الخاصة بجراحة قاع الجمجمة بواسطة المنظار “والميكرسكوب” الجراحي التي انعقدت نهاية العام الماضي في العاصمة المصرية القاهرة والتي نظمتها الجمعية المصرية لجراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري بمشاركة نخبة من كبار الجراحين العرب والمصريين والذين يقدر عددهم بحوالي 50 جراح.. يتلقون خلالها تدريبات على الطرق الحديثة في جراحات قاع الجمجمة بواسطة المنظار و”الميكرسكوب” لإزالة اورام قاع الجمجمة بأسهل الطرق وأقل المضاعفات.

 

ـ البداية من شرعب الرونة:

ومن بواعث الامل و الفخر في قصة نجاح الدكتور عبدالكريم فرحان – وهو من مواليد شرعب الرونة محافظة تعز-  انه تلقى تعليمة منذ البداية وحتى تخرجه من الجامعة في اليمن حيث درس في معهد مصعب بن عمير ثم في مدرسة الفوز حيث كان متفوقا على زملائه بامتياز وهو ما أهله لدخول كلية الطب جامعة صنعاء ومن ثم تخصص في جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقري ..هذا الامر بلا شك يؤكد لنا ان مؤسساتنا التعليمية وبالذات الجامعية والاكاديمية – والتي للأسف تعاني حاليا من حالة من الارباك والفوضى وعدم الثقة في مخرجاتها- قادرة على اخراج كوادر قادرة على الإبداع والتميز في كل واخطر المجالات ومنها المجالات العلمية والطبية اذا ما أريد أن يتوفر لها كل العوامل والأسباب التي تضمن قدرتها على تقديم مخرجات عالية الكفاءة والمقدرة في كل المجالات.     

“تفاصيل أوفر سيتم نشرها تباعا ضمن سلسلة حلقات عن شخصية الدكتور عبدالكريم فرحان أحمد”

اخبار ذات صلة