السودان ينزف والسلام بيد السودانيين وحدهم ..!!

عبدالمجيد زبح

الهدوء والسلام الذى ساد سماء الخرطوم كان لإجلاء البعثات الدبلوماسية والرعايا الأجانب سرعان ما ستعود الخرطوم لكوابيسها التي دخلت في اسبوعها الثاني في حرب ليس فيها خير ولا منتصر وليس في صالح أحد وستفاقم الأزمة الإنسانية  في بلد أنهكها الصراع على مدى السنوات الماضية.

الصراعات ليست حدثا جديدا على الساحة السودانية، لكن القتال هذه المرة مختلف وجديد ويحمل أهدافا متعددة وصراعات إقليمية ذات أبعاد سياسية وخاصه فيما يخص المنطقة العربية ومنطقتي الساحل والقرن الإفريقي والاختلاف الأكثر هو أن الانقسام وشرارة الحرب بدأت من وسط عاصمة الدولة الواقعة في منطقة غير مستقرة على تخوم البحر الأحمر .

مجموعة الأزمات الدولية” البحثية حذّرت من أنه “حتى لو استعاد الجيش في النهاية السيطرة على العاصمة وانسحب دقلو إلى دارفور فقد تنشب حرب أهلية” ومعها “احتمال زعزعة الاستقرار في البلدان المجاورة: تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى وليبيا وجنوب السودان المتضررة بالفعل على مستويات مختلفة من العنف.

تصاعد التوتر منذ أشهر بين قوات الجيش السوداني و”قوات الدعم السريع” اللتين شاركتا في الإطاحة في حكومة مدنية في انقلاب أكتوبر/ تشرين الأول 2021 وانفجر الخلاف بسبب خطة مدعومة دوليا لبدء عملية الانتقال لمرحلة سياسية جديدة مع الأطراف المدنية، وكان من المقرر توقيع اتفاق نهائي في وقت سابق في الذكرى الرابعة للإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة شعبية وبموجب الخطة، كان يتعين على كل من الجيش و”قوات الدعم السريع” التخلي عن السلطة واتضح أن هناك مسألتين مثيرتين للخلاف بشكل خاص، الأولى هي الجدول الزمني لدمج “قوات الدعم السريع” في القوات المسلحة النظامية، والثانية هي توقيت وضع الجيش رسميا تحت إشراف مدني.

وهو حلم كل السودانيين بعد ثورة 2019 والتي كانت كل الآمال معقودة عليها بمستقبل مشرق وديمقراطي لهذا البلد بعد إنهاء حكم الرئيس عمر حسن البشير الذي استمر ثلاثة عقود، لكن الثورة أوجدت أيضًا فرصًا جديدة للقوى الخارجية للسعي من أجل مصالحها الخاصة في ثالث أكبر دولة في إفريقيا وهي دولة تطفو استراتيجيًا على نهر النيل والبحر الأحمر، وتتمتع بثروة معدنية وذات إمكانات زراعية هائلة تستطيع السودان في حال وجود دولة مستقرة ان تحتل مرتبة جيدة من حيث التصدير وإمداد جزء كبيرا من هذا العالم بالحبوب والمحاصيل الزراعية .

أدّت الاشتباكات الدامية إلى مقتل أكثر من 600 شخص، وفق ما أعلنه وزير الصحة السوداني، فيما أعلنت منظمة الصحة العالمية مقتل 413 شخصا في السودان وإصابة 3551.

وأعلنت المؤسسات الطبية السودانية أن عشرات الأشخاص يموتون في المستشفيات بالسودان بسبب نقص المعدات اللازمة والكهرباء، مشيرة إلى أن الجثث ملقاة في شوارع الخرطوم منذ عدة أيام وتلك أرقام قابلة للزيادة اذا استمر الصراع والذي في الحقيقة مهيأ لذلك خاصة في ظل تجاهل الدعوات التي تنادي بوقف إطلاق النار والجلوس للحوار من أجل السودان ولكن ذلك بحاجة إلى دعم دولي موحد وضغط إقليمي على أطراف الصراع  من أجل وقف فوري ومستدام  لإطلاق النار لأن في النهاية لا بديل غير الحوار وبيد السودانيين اليوم إيقاف تلك الحرب ووقف الاقتتال والتوجه لبناء السودان لأن نهاية كل حرب هو الحوار والسلام ولكن بعد ماذا .؟ وقتها سيكون الوقت قد فات وقد تدمر كل شيء وتمزق النسيج الاجتماعي وتقسمت البلد وتحولت الى كيانات تنفذ أجندات خارجية ذات أطماع استعمارية للسيطرة على ثروة البلد واستنزاف طاقته البشرية وتدمير كل المقومات فيه ولن يكون هناك سودان بالشكل الذي يحلم به أبناؤه ونتمنى أن يدرك ذلك السودانيون، فما زال هناك متسع ومازال هناك بصيص أمل من أجل تدارك كل شيء وإنقاذ البلد فالحروب تورث الدمار والأنين والجراح وحدة السلام وتغليب مصلحة الوطن هي من ستنقذ السودان اليوم مما هو حاصل فيه .

اخبار ذات صلة