مهندس الذكاء الاصطناعي محمد فؤاد يحيى
في ظل استمرار تطور الحياة الإنسانية واحتياجاتها وتشعباتها المتعددة، بالتزامن مع استمرار ثورة الابتكار والانتاج التقني الإلكتروني للخدمات التي يمكن أن يكون لها تأثيرها الإيجابي أو السلبي على حياة الإنسان، أصبح واقع اليوم مليئا بالمشاكل المختلفة في مختلف الجوانب والمجالات المرتبطة بحياة الإنسان، وكغيره من المجالات الاقتصادية اللازمة لإدارة شؤون حياة الإنسان وتحقيق الاستقرار المعيشي، أصبح المجال المصرفي والمالي ، مليئا بالمشاكل، التي جعلت أموال ومدخرات عملاء هذا القطاع الهام وحساباتهم المصرفية عرضة للمخاطر، الأمر الذي ضاعف أهمية إيجاد وابتكار وسيلة أو منتج إلكتروني لحماية القطاع المصرفي المالي من هذه المخاطر، فكان الذكاء الاصطناعي هو المنتج الكفيل بتسهيل التعاملات المصرفية والبنكية وتأمين عملاء القطاع المصرفي من الاختراق والحد من أساليب الاحتيال التي يمكن أن يتعرضوا لها.
في ضوء ما سبق الإشارة إليه من مشكلات برزت مؤخرا في القطاع المصرفي المالي، أثمرت الثورة الصناعية والتكنولوجية في الآونة الأخيرة عن ظهور ما سمي “ChatGPT” وهي عبارة عن منصة إلكترونية غذيت بكم هائل من البيانات ومجموعة من الروبوتات التي تستطيع أن تجيب عن أسئلتك بدقه عالية وكان لهذه المنصة أثرها الكبير في إيجاد الحلول لبعض المشاكل الذي تحتاج إلى سنوات من الدراسة والعمل من أجل وضع حل جذري لها، وفي ظل التطور العلمي والتكنولوجي ظهرت نماذج أو برامج الذكاء الاصطناعي التي تستطيع القيام بدقة عالية وفي غضون ساعات أو أقل، بالأعمال التي كان الإنسان يستغرق للقيام بها شهورا وربما سنين، وأسهمت أيضا في إعطاء نصائح للمستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال الصغيرة لبدء العمل في مشروع معين، ناهيك عن إعطاء دراسات الجدوى للمشروع ونسبة نجاح أو فشل المشروع.
بنسبة نجاح وصلت إلى أكثر من 40% كان للذكاء الاصطناعي دور كبير وفعال في الحد أيضا من هذه هجمات الهكر التي يتعرض لها عملاء القطاع المصرفي المالي، وعن طريق التعرف على الأنماط السلوكية المختلفة للعملاء والعمليات البنكية بشكل أكبر كفاءة ، وفي ظل توسع سرعات الانترنت إلى 4g 5g كان للذكاء الاصطناعي دوره الكبير في الحد من خطر هجمات الهكر التي يتعرض لها عملاء القطاع المصرفي وحماية معلوماتهم وتشفير تحويلاتهم المالية بحيث يكون من الصعب الولوج إلى حساباتهم المالية المصرفية.
ما هو الذكاء الاصطناعي ؟!
الذكاء الاصطناعي أو كما يطلق عليه البعض اسم (AI) من منظوري الخاص هو عبارة عن مسألة رياضية، حيث يعتمد في الأساس على البيانات (Data ) مع خوارزميات معينة (algorthims) لبناء نموذج فعال لتحقيق الأهداف في جوانب مختلفة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه وعلى الرغم من ظهور الذكاء الاصطناعي في منتصف القرن العشرين، إلا أنه وبسبب عدم تطور ذاكرة الوصول العشوائي أو ما تسمى (Ram ) لم نرى انعكاس وتأثير الذكاء الاصطناعي ودوره الملموس في تطور القطاع المالي والمصرفي الذي كان متوقعا في تلك الحقبة.
غير أنه ومع مرور الوقت وتطور العلم وتطور الأجهزة بدأت مظاهر النقلة النوعية والتطور الكبير والملحوظ في مجال الذكاء الاصطناعي تتجلى بوضوح في عدد من المجالات ومنها (Machine learning) خوارزميات التعلم الآلي ، التي تسببت بجدل علمي كبير نتيجة تقليد الآلة الذكي لسلوك البشر واستخدام أنظمة ذكية مشابهة لطريقة حل البشر للمشكلات. أيضا مجال (deep learning) أو ما يسمى التعلم العميق وهو مجموعة فرعية من التعلم الآلي ، هو في الأساس عبارة عن شبكة عصبية لها ثلاث طبقات أو أكثر، تحاول هذه الشبكات العصبية محاكاة سلوك الدماغ البشري وإن كان بعيدًا عن مطابقة قدرته ، مما يسمح له بالتعلم من كميات كبيرة من البيانات، ومن هنا كان التعلم الآلي والتعلم العميق جزءا لا يتجزأ من الذكاء الاصطناعي.