قال إيثان هاريس رئيس أبحاث الاقتصاد العالمي في “بنك أوف أميركا”:”نحن على حافة ركود عالمي، أدى معدل تضخم الأسرع منذ الثمانينيات، إلى تغيير ما يسميه الاقتصاديون “وظيفة رد الفعل” للمسؤولين عن السياسة النقدية، بمن فيهم رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في العادة، يكون متوقعاً أن يلجأوا إلى تيسير منح الائتمان مع تراجع الاقتصادات، للحد من الأضرار التي تلحق بالأسر والشركات.
لكن مع نمو الأسعار أعلى بكثير من مستهدفاتهم البالغة 2%، يتحرك محافظو البنوك المركزية في الاتجاه المعاكس، حتى في مواجهة انكماش الاقتصادات، ويصر محافظو البنوك المركزية على أن أسعار الفائدة ستبقى مرتفعة لفترة أطول للقضاء على التضخم – على الرغم من أن العديد من المستثمرين يراهنون على أن هذا الوضع لن يستمر مع تراجع الاقتصادات وارتفاع معدلات البطالة.
قال هاريس: “هناك شعور متزايد بين البنوك المركزية بأنها تفضل المخاطرة بعمل الكثير.. هي لا تريد خفض الفائدة لتعود وتجد نفسها لاحقاً مضطرة إلى رفعها الفائدة مرة أخرى، يكمن الخطر في أن يرتكب محافظو البنوك المركزية الخطأ المعاكس للخطأ الذي وقعوا به خلال 2021.
قلل محافظو البنوك المركزية من مخاطر تصاعد ضغوط الأسعار في الاقتصادات التي كانت لا تزال تكافح بعد الوباء. سمح ذلك للتضخم بالخروج عن السيطرة، ما أدى إلى تغيير المسار السريع خلال 2022، برفع أسعار الفائدة بشكل كبير.
ربما تعلّموا من الخطأ.
يتعهد المسؤولون عن البنوك المركزية حالياً بمواصلة معركتهم ضد التضخم، على الرغم من أن ضغوط الأسعار قد بدأت في التراجع، خصوصاً بالنسبة إلى السلع، مع تباطؤ الاقتصادات وانتهاء الاختناقات في سلاسل التوريد.
التضخم بمنطقة اليورو يتراجع إلى 10.1% في نوفمبر
لا يزال مسؤولو البنوك المركزية قلقين بشكل خاص إزاء تصاعد توقعات الأسعار والضغوط المتزايدة التي أصبحت متأصلة في اقتصادات بلدانهم، كما حدث في السبعينيات من القرن الماضي.
قال باول يوم الأربعاء: “كلما استمرت الموجة الحالية من التضخم المرتفع، زادت فرصة ترسُّخ توقعات ارتفاع التضخم”.
أعلنت الرئيسة كريستين لاغارد يوم الخميس أن البنك المركزي الأوروبي سيمضي قدماً في رفع أسعار الفائدة “لفترة طويلة”.
الاستثناء الوحيد هو بنك اليابان الذي من المتوقع أن يُبقي على سياسته النقدية شديدة التيسير، الأسبوع المقبل.
قلق بشأن سرعة انخفاض التضخم
مصدر قلق جديد على مستوى العالم هو أن السلطات تقلل من شأن السرعة التي يمكن أن ينخفض بها التضخم مع تباطؤ النمو وتلاشي مشكلة سلاسل التوريد الناجمة عن كوفيد-19.
يتمثل التهديد في أن موقف تلك السلطات الصارم يمكن أن يجعل الوضع المتردي بالفعل أكثر سوءاً، ويؤدي إلى تعميق فترات الانكماش التي يأمل محافظو البنوك المركزية أن تكون قصيرة وطفيفة.
كتب جو ليتل ، كبير الاستراتيجيين العالميين لدى “اتش اس بي سي آسيت مانجمنت”في تقرير: “إذا كان 2022 هو عام ارتفاع التضخم ورفع أسعار الفائدة وانخفاض مضاعفات سوق الأسهم، فإن 2023 سيكون عاماً يتعلق بدورة الاقتصاد الكلي.. من المحتمل أننا وصلنا إلى ذروة تشديد البنوك المركزية لسياساتها النقدية، حيث بدأت معدلات التضخم الرئيسية في التراجع”.
تراجع التضخم في المملكة المتحدة في نوفمبر من أعلى مستوى منذ 41 عاماً
يرى مسؤولو بنك إنجلترا علانية، أن المملكة المتحدة في حالة ركود بالفعل، ويفترض المسؤولون في البنك المركزي الأوروبي أن منطقة اليورو قد دخلت في الركود خلال الربع الجاري، تضرر الاقتصاد في كل من المملكة المتحدة ومنطقة اليورو جراء ارتفاع تكاليف الطاقة نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا.
الولايات المتحدة أقل تعرضاً لتداعيات الحرب، لكنها لا تزال تواجه خطر الانكماش مع ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة التي تؤثر على الاقتصاد، وعلى الرغم من أن باول ابتعد عن القول إن الركود بات وشيكاً، إلا أن اثنين من زملائه أشارا في توقعات صادرة الأسبوع الماضي، إلى أن الناتج المحلي الإجمالي سينكمش خلال 2023.
في حين تستعد البنوك المركزية الثلاثة لمواصلة رفع أسعار الفائدة في عام 2023، فإنه من غير المرجح أن تظل زيادات معدلات الفائدة بنفس مقدار زيادة الأسبوع الماضي.