أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي)، اليوم الأربعاء 21 سبتمبر (أيلول) الحالي، رفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في زيادة جديدة خلال العام الحالي ضمن جهوده لكبح جماح التضخم الذي وصل إلى أعلى مستوياته منذ عقود.
وجاءت خطوة الفيدرالي متوافقة مع معظم التوقعات التي رجحت أن تزيد الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، وهذه هي المرة الثالثة التي يرفع فيها الفيدرالي الفائدة بنفس الوتيرة خلال العام الحالي.
وارتفع مستوى أسعار الفائدة في أميركا إلى نطاق 3 و3.25 في المئة وهي أعلى مستوياتها منذ ما قبل الأزمة المالية التي تفجرت في خريف 2008 بعد أن كانت نسبتها في نطاق 2.25 إلى 2.50 في المئة قبل الزيادة، ضمن نهج سياسة التشدد التي يسير عليها الفيدرالي في ظل عدم تأثير الزيادات الأخيرة للفائدة في تسارع مستويات التضخم.
وقال الفيدرالي في بيان بعد ختام اجتماع لجنة السوق المفتوحة المعنية بإدارة السياسة النقدية الذي استمر يومين، إن “زيادة معدلات الفائدة يعتبر مناسباً لمعالجة التضخم الحالي، والذي لا يزال مرتفعاً، وأنه سيواصل رفع الفائدة حتى يعود التضخم إلى مستوياته المستهدفة”.
وتابع الفيدرالي، “لا يزال التضخم مرتفعاً، مما يعكس اختلالات العرض والطلب المتعلقة بالوباء وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة وضغوط الأسعار الأوسع. وتتسبب حرب روسيا ضد أوكرانيا في صعوبات بشرية واقتصادية هائلة، إذ تخلق الحرب والأحداث ذات الصلة ضغوطاً تصاعدياً إضافياً على التضخم وتؤثر في النشاط الاقتصادي العالمي”.
التضخم المحرك الرئيس
وسيظل التضخم هو المحرك الرئيس لسياسة الفيدرالي، وتجدر الإشارة إلى أن وزارة العمل الأميركية ذكرت الأسبوع الماضي أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 8.3 في المئة خلال أغسطس (آب) على أساس سنوي، مقابل 8.5 في المئة خلال يوليو (تموز)، مواصلاً هدوءه بعد تسارعه خلال يونيو (حزيران) إلى 9.1 في المئة فيما يعد أعلى مستوى في أكثر من 40 عاماً.
كما ارتفع معدل التضخم الأساس، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة، إلى 6.3 في المئة خلال أغسطس عن العام السابق، وهو أول تسارع منذ مارس (آذار).
نمو متواضع في الإنفاق والإنتاج
وأشار الفيدرالي إلى أن المؤشرات الأخيرة تشير إلى نمو متواضع في الإنفاق والإنتاج، فيما كانت مكاسب الوظائف قوية خلال الأشهر الأخيرة وظل معدل البطالة منخفضاً.
وفي تقديراتهم الفصلية، توقع أعضاء الفيدرالي ارتفاع معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 4.4 في المئة بحلول العام المقبل من 3.7 في المئة حالياً.
ويسعى الفيدرالي لتحقيق أقصى قدر من التوظيف والتضخم بمعدل 2 في المئة على المدى الطويل. ودعماً لهذه الأهداف قررت اللجنة رفع النطاق المستهدف لسعر الأموال الفيدرالية متوقعة أن الزيادات المستمرة في النطاق المستهدف ستكون مناسبة.
كما أشار الفيدرالي إلى أن اللجنة ستستمر في تقليل مقتنياتها من سندات الخزانة وديون الوكالات والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري للوكالة، كما هو موضح في خطط تقليل حجم الميزانية العمومية للاحتياطي الفيدرالي التي صدرت في مايو (أيار)، وتلتزم اللجنة بشدة بإعادة التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المئة.
وأفاد بيان الفيدرالي، “ستواصل اللجنة مراقبة انعكاسات المعلومات الواردة على التوقعات الاقتصادية. وستكون مستعدة لتعديل موقف السياسة النقدية بالشكل المناسب إذا ظهرت مخاطر قد تعرقل تحقيق أهدافها، كما ستأخذ تقييمات اللجنة في الاعتبار مجموعة واسعة من المعلومات، بما في ذلك قراءات عن الصحة العامة وظروف سوق العمل وضغوط وتوقعات التضخم والتطورات المالية والدولية”.
ويتوقع أعضاء لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة أن يكون لقرارات رفع الفائدة تداعيات على الأسر والشركات وبعض الأنشطة الاقتصادية مثل بطاقات الائتمان وتمويل السيارات وأدوات الدين وقروض المنازل.
بالتزامن مع ذلك توقع الفيدرالي تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي لأميركا صاحبة أكبر اقتصاد في العالم إلى 0.2 في المئة خلال 2022، وهو ما يمثل انخفاضاً ملحوظاً من توقعات سابقة بتحقيق نمو نسبته 1.7 في المئة خلال العام الحالي.
رفع رابع على الطريق
من جانبهم، ألمح مسؤولو الفيدرالي إلى خطة للاستمرار في رفع الفائدة وصولاً إلى 4.4 في المئة بنهاية العام الحالي و4.6 في المئة على الأرجح خلال عام 2023، وفقاً لمتوسط التقديرات في التوقعات ربع السنوية المحدثة التي أعلن الفيدرالي عنها اليوم، الأمر الذي يشير إلى أن الارتفاع الرابع على التوالي بمقدار 75 نقطة أساس قد يكون مطروحاً على طاولة الاجتماع المقبل في نوفمبر (تشرين الثاني)، وذلك قبل أسبوع تقريباً من انتخابات التجديد النصفي. وأشارت التوقعات إلى أن معدل الفائدة قد ينخفض إلى 3.9 في المئة خلال 2024 و2.9 في المئة خلال 2025.
وبدأت رحلة الفيدرالي مع رفع الفائدة هذا العام، خلال مارس الماضي بمقدار 25 نقطة أساس للمرة الأولى منذ نهاية 2018، مع وصول التضخم لمستويات قياسية هي الأعلى منذ أربعة عقود، وبدء تبني سياسات نقدية أكثر تشدداً لمواجهته، وتبعها زيادة في اجتماع مايو بمقدار 50 نقطة أساس وهي الأعلى منذ عام 2000، ثم بمقدار 75 نقطة أساس في يونيو (حزيران) والتي كانت أعلى نسبة رفع منذ 28 عاماً، تلاه رفع مماثل بنفس الوتيرة في يوليو (تموز).
اندبندنت عربية