سائد عبد العال، مناضل فلسطيني عتيد، سليل عائلة وطنيّة وقوميّة بامتياز وبيت والده وبيته لم يخلُ يوماً من الأصدقاء والمعارف والنشطاء من مختلف المشارب، لهذا نشأ في بيئة فلسطينيّة بامتياز وسورية بامتياز.
وبرز اسم المناضل سائد، كمدافع شرس عن سورية وفلسطين من خلال حركة فلسطين حرّة، وتدرّج في مواقعها القياديّة حتى تسلّم المسؤولية الأولى فيها، حاملاً هموم شعبه الفلسطينيّ وهموم سورية وطنه الثاني، وقدّم مع رفاقه في الحركة ما استطاعوا إليه سبيلا من مساعدات وإغاثات ومعونات، حتى أنه تبنى مجموعة أطفال للمساعدة بتعليمهم واستكمال تحصيلهم العلمي والثقافي، رغم قسوة الظروف الاجتماعية والسياسية والعسكرية التي ميّزت مسار الحركة، والأهم أنه قد أوجع العدو الصهيونيّ في عقر داره، داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومن أجل هذا كله ضحّى بمستقبله الشخصي والمهني، ونذر نفسه وحياته للدفاع عن القضية التي آمن بها، وكاد أن يدفع حياته ثمناً لمواقفه بتعرّضه لمحاولات اغتيال من عملاء صهيونيين نجا منها بأعجوبة.
وفي هذا اللقاء سنسلط الضوء على ما أبرز القضايا الفلسطينية الوطنية الراهنة لجهة التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية عامة وقضايا النازحين الفلسطينيين خاصة في ظل هذه الظروف الصعبة.
تنسيق وحوار: مي أحمد شهابي
*تمرّ قضيتنا الفلسطينية بظروف صعبة، حيث يشتد التآمر عليها من الكيان الصهيوني إلى جانب عرب التطبيع الذين آثروا التحالف مع العدو الصهيونيّ.. برأيكم ما هي السياسات التي ينبغي اتباعها لمواجهة هذه الهجمة؟
– صحيح أن قضيتنا تتعرّض لهذه المؤامرات، لكن الصحيح أيضاً أن شعبنا الفلسطيني ومقاومته الشعبية وجماهيرنا الفلسطينية في الوطن والشتات، لا زالت مؤمنة بعدالة قضيتها وتدرك أن الصراع مع الكيان الصهيونيّ هو صراع وجود ليس عن فلسطين فقط، ولكن عن مصالح شعوبنا العربية وقوى التحرر والسلام في العالم، أيضاً لسنا وحدنا في هذه المعركة، إذ أن محور المقاومة الممتد من طهران إلى اليمن والعراق وسورية ولبنان، يقف معنا باعتبار قضيتنا ليست فلسطينية فقط وليست دفاعاً عن القدس ومقدساتها فقط، بل هي معركة ستحدّد نهاياتها مستقبل منطقتنا وأمتنا العربية والإسلامية، ومن هنا تفاؤلنا بقدرتنا على الصمود والنصر في نهاية المطاف.
*عملتم في المجالات المختلفة العسكرية والسياسية والاجتماعية، هلا أطلعتمونا على أبرز المهمات التي اضطلعت بها الحركة على مدى السنوات الماضية؟
– لقد تأسّست الحركة وكما يشير اسمها إلى تحرير فلسطين لتكون حرّة لأهلها وشعبها، ونفّذت مجموعة من العمليات العسكرية دعماً لنضالات شعبنا في غزة والقدس وجنين وانتشرت واعترف بها على وسائل الكيان نفسه، ومن أبرزها عملية قصف طالت مجمّعاً سياحياً في مدينة الخالصة والمرصد الصهيوني في جبل الشيخ.
وما زالت قواتنا العسكرية تقاتل ومنتشرة بجانب الجيش والقوات المسلحة وقواه الرديفة في مناطق عديدة من الجمهورية العربية السورية حتى هذه اللحظة.
ونظراً للظروف الصعبة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني في مخيمات الشتات، كما هو الحال مع الأشقاء السوريين نتيجة الحرب الظالمة والمتعددة الأطراف على سورية الشقيقة، ورغم ضيق الإمكانات، فقد نجحنا في تنظيم مجموعة من الأنشطة والفعاليات التي تساهم في تخفيف الأعباء عن شعبنا سواء على الصعيد المادي كتبنّي عائلات محتاجة وأطفال لاستكمال تحصيلهم العلمي، ودورات ثقافية تأهيلية ودورات محو الأمية وغيرها الكثير، من الأنشطة الثقافية والرعائية والرياضية والسياسية من ندوات ومهرجانات.
*لا زال مخيم اليرموك يعاني من آثار الدمار الوحشي الذي تسببت به الجماعات التكفيرية والقوى التي عاثت خراباً فيه. ولا زال عشرات الآلاف من سكانه يتوقون للعودة إلى مخيمهم، برأيكم كيف يمكن تسهيل عودتهم، وبما يخفّف عنهم من مشقات مادية واجتماعية، وبما يسهم بعودة اللحمة الوطنية والانتمائية لأبناء المخيم.
– سؤال مهم، إن نظرتنا لمخيم اليرموك كما هي نظرة بقية أبناء شعبنا، ففيه تربينا على حب فلسطين والمقاومة، وفيه ترعرعت شخصياتنا وذواتنا وهويتنا الوطنية الفلسطينية، لذلك نعتبر مسألة إعادة إعمار المخيم وعودة سكانه الفلسطينيين والسوريين قضية غاية في الأهميّة، وتكتسب بعداً وطنياً من الطراز الأول، رغم إدراكنا لمجمل الصعوبات التي يتطلّبها هذا الموضوع والمهمات المطلوبة، والتي تتشارك بها جهات متعددة، وأبرزها إعادة بناء البنية التحتيّة من كهرباء وصرف صحي – وشبكات المياه والنت، إضافة لاستكمال ترحيل الأنقاض المتبقية في الأحياء الفرعية وغيرها، وهو ما يتطلب جهوداً مشتركة من المؤسسة العامة للاجئين ومحافظة مدينة دمشق والأونروا إضافة إلى جهود منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل الفلسطينية، وتأمين دعم مالي ليس متوافراً حتى هذه اللحظة، ولكننا وبالتنسيق مع الأخوة في المؤسسات السورية المعنية نأمل بالتوصل إلى حلول لهذه المعضلات آخذين بعين الاعتبار الظروف الصعبة التي تواجه سورية راهناً وآملين بتجاوزها معاً في المستقبل القريب.
*كانت مفاجئة نسبياً عمليات اغتيال واعتقال نفذتها قوات الاحتلال، رغم أن لا شيء كان يشي أو يعطي أي مبرّر لهذه الاستهدافات، حيث تمّ كما تعلمون اغتيال الأخ تيسير الجعبريّ قائد القطاع الجنوبيّ في غزة، واعتقال المناضل القائد بسام السعديّ والذي اعتقل في جنين، كيف تقيمون ما جرى ولا سيما رد الفعل الفلسطيني؟!
– ما جرى ليس مفاجئاً ذلك أن سلطات العدو الصهيونيّ على اختلافها هي صهيونيّة وعنصريّة، وتقف ضد كل توجهات شعبنا الفلسطينيّ في الحرية والاستقلال، إضافة إلى الواقع السياسيّ الذي تعيشه دولة الكيان واضطرارها للدعوة إلى انتخابات خامسة في عام واحد، والتنافس بين القوى والأحزاب الصهيونيّة، التي تمارس البطش والقتل والاستيطان والعداء لكل ما هو فلسطيني.
لذلك كان رد الفعل الفلسطينيّ ولا سيما من الفصيل المجاهد أي الجهاد الإسلاميّ ينطلق من فهم هذه المعادلة، وبالتالي لا مهادنة مع سياسات الاحتلال، صدق أبطالنا وفعلوا وعلى مدى أيام ثلاثة انطلقت الصواريخ والقذائف لتطال كل العمق الصهيونيّ بدءاً من غلاف غزة ووصولاً إلى تل أبيب وعسقلان، وأرغم العدو الصهيونيّ على تحويل مسارات طيرانه.
وبقي الصهاينة لثلاثة أيام إما داخل الملاجئ أو بالقرب منها، وأعيد تثبيت ميزان قوى جديد يقوم على قاعدة الردع المتبادل، وخلاصته عدم السكوت على أي اعتداء على الأراضي أو القيادات الفلسطينية لن يمرّ دون عقاب ورد مماثل.
مهما بلغ حجم التضحيات لا سيما بين صفوف الأطفال والنساء، وبهذا شكل الرد الفلسطيني قاعدة في التعامل مع الاعتداءات الصهيونية، إضافة إلى أن استمرار العدوان على غزة بات يهدّد بفتح جبهات أخرى لا سيما من سورية ولبنان تأكيداً لوحدة جبهات محور المقاومة، وهو ما أجبر العدو الصهيونيّ للرضوخ ووقف هذا العدوان.
ولا يسعنا بعد هذا إلا الترحم على أرواح الشهداء.. والوعد لهم كما قالت والدة الشهيد إبراهيم شهيد نابلس “كلكم أولادي وكلكم إبراهيم وتزغرد لابنها العشريني الشهيد، الذي أرعب جيش الاحتلال”، هذا هو شعبنا الفلسطيني وهذا هو قدرنا النضالي.
موقع حرمون