بشير شرف العريقي
ما زلت أناشد القادة الحقيقيين لهذا البلد من شرفاء هذا الوطن الذين يهتمون بالشؤون المالية والاقتصادية لليمن بهدف إنقاذ حياة كل المواطنين في اليمن من هذا الحصار الاقتصادي الخانق واللامسؤول وإعادة توحيد الجانب المالي والمصرفي، كونه يعد شريان الحياة المتصل بالأمن الغذائي والصحي والتعليمي والزراعي والصناعي وكل سبل التنمية في هذا البلد ولكل مواطنيها بعيدا عن كل الأطراف المتصارعة في اليمن .
يجب أن يتنبه الجميع لما يدور حولهم من حروب اقتصادية ومالية ممنهجة الى جانب الحروب السياسية والعسكرية المستمرة منذ أكثر من سبع سنوات على بلادنا واستهداف وتدمير البنية التحتية لليمن والأضرار بمصالح كل ابناء الشعب اليمني عامة.
لقد حان الوقت لأن يتحاور كل الأطراف في الداخل والخارج ويتفقون بجدية ومصداقية بهدف معالجة الوضع المالي والاقتصادي اليمني، وذلك بتحييد البنك المركزي والقطاع المصرفي اليمني، بعيدا عن كل الصراعات السياسية، حتى يتمكن القادة في القطاع المصرفي بقيادة البنك المركزي من مباشرة أعمالهم المالية والمصرفية في إدارة السياسة النقدية بعيدا عن التدخلات الإملائية سواء من الداخل أو الخارج وبما يخدم كل أبناء الشعب اليمني دون استثناء.
لقد حان الوقت إلى أن يسارعوا نحو تشخيص المشكلة وتحديد أسبابها والعمل على معالجتها بدلا من قيام كل طرف برمي المشكلة على الطرف الآخر وتغليب المصلحة العليا للوطن والمواطن على كل المصالح الأخرى، فما نلاحظه على الساحة المصرفية وجود خلل كبير جدا في أعمال المصارف والبنوك اليمنية سواء في مناطق الشمال أو في مناطق الجنوب.
وذلك بسبب انعدام حالة التوازن وغياب الدور الأساسي الذي يمثله البنك المركزي اليمني الموحد، ويأتي هذا الأمر نتيجة المؤامرات الداخلية والخارجية على هذا القطاع الحيوي الهام وتجميد مهامه بين العاصمة التجارية عدن والمقر الرئيسي له في العاصمة صنعاء مما أتاح الفرصة للمتلاعبين بالمال العام وبمساعدة من لهم المصلحة في توقيف توحيد الوعاء الإيرادي ليسهل معها تمرير عمليات مالية غير قانونية عبر قنوات بعيدة عن رقابة البنك المركزي مثل العمليات المشبوهة والإيرادية لمختلف القطاعات وعمليات غسيل الأموال وتدويرها في قنوات مرتبطة مع محلات صرافين بدلا من القطاع المصرفي المتمثل في البنوك والتي تتمتع بآلية رقابية مرتبطة بالبنك المركزي، وفي ظل انعدام وغياب الجانب الرقابي التام على السوق المصرفية بسبب الأزمة الحالية في اليمن .
إن من يراقب الأوضاع المتردية للبنوك بسبب انعدام التنسيق في التعاملات التجارية والحكومية معها يلاحظ أن السياسة النقدية والسيولة المنعدمة في البنوك موجودة بشكل غير قانوني في الأسواق والتي يتداولها كل التجار وأصحاب المحلات والمواطنين وبشكل طبيعي لكنها حلقة مقطوعة الاتصال بالبنوك بسبب غياب الدور الرقابي المصرفي الحكومي والأجهزة المسؤولة عن متابعة الخلل والزام الجميع بالعودة للنظام المالي الذي ينظمه القانون والدستور اليمني وتشديد الرقابة على الصرافين والزامهم بالعودة لتوريد ما لديهم من سيولة يومية للبنوك وعدم الاحتفاظ بالنقد في حوانيتهم وبيوتهم، كما هو حاصل الآن؛ مما يتيح لهم التحكم بالأسعار اليومية الغير حقيقية للريال اليمني في ظل الطباعة المتكررة للعملة في الجنوب بشكل عشوائي وغير مدروس، وبدون سحب الفئات القديمة التالفة التي يفترض استبدالها بعملة تحمل نفس أرقامها وفق محاضر إتلاف رسمية لها، ويأتي هذا الأمر قبل التداول الفعلي للفئات المطبوعة وتوزيعها على البنوك اليمنية وفق الإجراءات والقوانين المنظمة لها في الجمهورية اليمنية .
يجب أن يكون هناك دور فعلي وجاد من قبل إدارة الرقابة على البنوك ووزارة المالية وبقية أجهزة الدولة وبالتعاون والتنسيق مع وزارة الداخلية ورجال الأمن في تنفيذ خطة إعادة توصيل تلك الحلقة المقطوعة وبشكل عاجل وسريع من شأنها إعادة الأوضاع لمستواها الفعلي الذي يعكس القيمة الشرائية الحقيقية لها في السوق المصرفية اليمنية .
وتفويت كل الفرص وعدم تمكين بعض مرضى النفوس من جباية وتحصيل الأموال بعيدا عن القنوات الصحيحة والمرسومة لها، كون هذه القنوات خلال الفترة الماضية قد أوجدت الخلل وكانت السبب في انعدام مبدأ الشفافية والوضوح للسياسة النقدية في البلد؛ الأمر الذي ترتب عليه عرقلة دفع الرواتب والمستحقات المالية للموظفين والمستفيدين منها؛ مما نتج عنه تعرض الجانب الاقتصادي والمالي للبلد للخطر الكبير.
الفوضى الاقتصادية الحالية لليمن قد خطط لها من أجل تعريض البلد لمخاطر غسل الأموال وتحويل المصلحة العامة لمصالح شخصية تخدم جماعات معينة تنشط في مثل هذه الأوضاع والذي يخدم مصالح أشخاص دوليين لهم أذرع خفية في الداخل اليمني تتحكم في إدارة الجانب المالي لليمن بشكل خفي ومدروس بعد استبدال القطاع المصرفي بتجار للعملة في كل مناطق اليمن يقومون بالمضاربة بالعملة ويظهرون بدور البديل عن البنوك والقطاع المصرفي الحقيقي في هذه المرحلة الحرجة لليمن، وذلك بهدف التهرب من الأنظمة المالية والمصرفية وإقصاء دور البنك المركزي في الرقابة والدور الحكومي المحايد والعمل بشكل فردي بعيدا كل البعد عن الضوابط التي تنظم هذا الأمر في إطار الدستور والقوانين المنظمة للسياسة النقدية الموحدة للجمهورية اليمنية .
لكل هذا يجب أن نوحد كل الجهود والحوارات والمفاوضات نحو تأكيد طلب الشعب اليمني عامة بتحييد القطاع المصرفي بعيدا عن ما يحدث وعودة البنك المركزي اليمني إلى العاصمة صنعاء، وفروعه في كل المحافظات للعمل بروح الفريق الواحد ولما فيه مصلحة الوطن والمواطن دون أي قيد أو شرط .